يبدأ تعلّم اللغة عند الطفل في لحظة لا تخطر على بالكِ. لا ينتظر دماغه خروجه إلى العالم ليبدأ استيعاب الأصوات من حوله. بل يبدأ هذا المشوار قبل الولادة، وهو لا يزال في رحمكِ بأمان.
يؤكّد العلماء أن الجنين في الرحم، ابتداءً من الثلث الأخير للحمل، يلتقط نغمة اللغة وإيقاع الكلمات التي يسمعها من أمه. يتفاعل مع صوتكِ، ويخزّن بداخله نبرة حديثكِ وكأنّه يستعدّ للنطق قبل أن يرى النور.
١- يبدأ الدماغ بالتمييز بين الأصوات قبل الولادة
منذ الأسبوع 25 تقريبًا، يكتمل نمو الأذن الداخلية عند الجنين. يلتقط الأصوات الخارجية، فيتعرّف على صوت الأم أولًا لأنه الأوضح، ثم يميّز بين اللغات المختلفة. أشارت دراسة منشورة في Acta Paediatrica أنّ حديثي الولادة أظهروا تفضيلًا واضحًا للأصوات التي سمعوها وهم في الرحم، وتحديدًا صوت الأم بلغتها الأصلية.

٢- يربط الطفل بين صوتكِ والأمان
يربط الجنين صوتكِ بدقات قلبكِ، وبنَفَسكِ، وبكل حركة تقومين بها. لذلك، يشعر بالهدوء حين يسمع صوتكِ. إنّ تكرار الأصوات نفسها خلال الحمل يساعد دماغه على تنظيم التفاعل العصبي، ويهيئه للتواصل لاحقًا. كل كلمة تقولينها له، حتى من دون أن تقصدي، تترك أثرًا عصبيًا يدوم طويلًا.
٣- الإيقاع أهم من المعنى
لا يفهم الجنين الكلمات، لكنه يتعرّف على نغمة اللغة وإيقاعها. لذلك، يصبح للغتكِ الأم وقع خاص في دماغه، وتؤثر على نطقه لاحقًا. أظهرت أبحاث من جامعة واشنطن أن الأطفال حديثي الولادة الذين وُلدوا في بيئات مختلفة أبدوا تفاعلًا أقوى مع النمط الإيقاعي الخاص بلغتهم الأم.
٤- الغناء والكلام يطوّران دماغه
عندما تغنين له أو تتحدثين إليه بلُطف، تُنشّطين مناطق مختلفة من دماغه. ينتبه إلى النبرة، والتغيّرات في الصوت، ويبدأ بتمييز الحالات العاطفية. أشارت أبحاث نُشرت في PNAS إلى أن الأغاني الموجّهة للجنين تعزّز قدرته على التركيز والانتباه بعد الولادة.
٥- ماذا يمكن أن تفعلي لدعم لغته قبل الولادة؟
لا تحتاجين إلى أدوات خارقة. فقط استخدمي صوتكِ، وركّزي على الأمور التالية:
- تحدّثي إليه يوميًا: احكي له عن يومكِ، ولو كنتِ وحدكِ.
- اقرئي له القصص: اختاري نغمة هادئة، وركّزي على تكرار الكلمات.
- غنّي الأغاني الهادئة: اختاري أنغامًا بسيطة.
- ابتعدي عن الضجيج: البيئة المليئة بالضوضاء تؤثر سلبًا على تركيزه.
٦- ما الذي يحدث بعد الولادة؟
حين يُولد الطفل، يبدأ بإعادة التعرّف على الأصوات التي سمعها في الرحم. ينجذب إلى صوتكِ مباشرة، ويتفاعل معه أكثر من أي صوت آخر. يصبح صوتكِ بالنسبة له دليلًا على الأمان، ويبدأ بمطابقة الصوت مع الوجوه.
٧- علاقة مبكّرة تُبنى على اللغة
حين تفهمين أن علاقتكِ بطفلكِ بدأت قبل الولادة، تدركين أهمية كل لحظة تقضينها معه. التواصل الصوتي هو اللبنة الأولى في علاقتكما، وهو الأساس الذي يُبنى عليه لاحقًا تعلّمه، وشعوره بالأمان، وقدرته على التعبير.
يستعدّ دماغ الطفل للّغة منذ اللحظات الأولى في رحمكِ. يلتقط كل نغمة، وكل إيقاع، وكل كلمة تنطقين بها. لذلك، لا تهملي هذه المرحلة الذهبية. تحدّثي إليه، غنّي له، واقرئي له، فأنتِ تبنين شبكة عصبية سترافقه مدى الحياة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن تأثير مشاعر الغضب والتوتّر لدى الحامل على الجنين.