نقص هذا الفيتامين أثناء الحمل قد يضر الجنين دون أعراض واضحة، مما يجعله أحد أخطر التحديات الصحية التي تواجه الحوامل من دون أن يشعرنً بأي إنذارٍ مبكر. قد يبدو الحمل طبيعيًا في الظاهر، بينما تحدث تغيّرات خفيّة تؤثّر على نمو الجنين في الرحم وسلامته العصبية والجسدية.
سنناقش في هذا المقال دور الفيتامين الخفي الذي يشكّل أساسًا لصحّة الجنين. ثم ننتقل لتوضيح العوارض الصامتة، والأسباب الشائعة للنقص، ونختم بخطة وقائية مدروسة تحميكِ وتحمي جنينك. المقال علمي، مبني على مصادر موثوقة ودراسات منشورة في مجلات طبية دولية.
لماذا يُعَدّ هذا الفيتامين أساسيًا خلال الحمل؟
في بداية الحمل، يحتاج الجنين إلى عناصر دقيقة تساعد على بناء الدماغ، والعمود الفقري، والعظام، وجهاز المناعة. يؤدّي فيتامين D دورًا محوريًا في امتصاص الكالسيوم وتوازن المعادن. ممّا يؤثّر على نمو العظام والأسنان وتكوين الجهاز العصبي.

كما يساهم هذا الفيتامين في تقوية الجهاز المناعي للأم، مما يقلل خطر الإصابة بالالتهابات التي قد تنتقل للجنين. أشارت دراسة نشرتها مجلة The Lancet Diabetes & Endocrinology إلى أن الحوامل اللواتي يعانين من نقص فيتامين D يكنّ أكثر عرضة للولادة المبكرة، وارتفاع ضغط الدم الحملي، وتأخر نمو الجنين داخل الرحم.
كيف يؤثر نقص هذا الفيتامين على الجنين؟
عند حدوث نقص هذا الفيتامين أثناء الحمل قد يضر الجنين من دون عوارض واضحة. إذ لا تظهر علامات واضحة على الأم في أغلب الحالات. لكن داخليًا، قد تحدث تأثيرات خطيرة على الجنين.
من أبرز هذه التأثيرات:
- انخفاض في نمو عظام الجنين، ما قد يسبّب ليونة العظام أو تأخّر في النمو الجسدي.
- خلل في تكوين الأسنان الدائمة لاحقًا.
- ضعف في جهاز المناعة منذ الولادة.
- احتمالية الإصابة لاحقًا بأمراض مثل السكري من النوع الأول أو التوحّد، حسب دراسات منشورة في Journal of Pediatric Health Care.
في بعض الحالات، يُلاحظ لدى المواليد انخفاض في الوزن عند الولادة أو نقص في كتلة العضلات. ممّا يؤثّر على تطورهم الحركي في السنوات الأولى.
ما الأسباب الشائعة لنقص هذا الفيتامين؟
الأسباب متعددة، وغالبًا ما تكون مرتبطة بنمط الحياة أو العادات الغذائية. من أبرز العوامل:

- قلة التعرّض لأشعة الشمس: ينتج الجسم فيتامين D عند تعرّض الجلد للشمس، وأغلب الحوامل يتجنّبن الشمس أو يستخدمن واقيات تمنع امتصاصه.
- نقص في النظام الغذائي: لا يحتوي النظام الغذائي العربي غالبًا كمية كافية من مصادر فيتامين D مثل السمك، أو صفار البيض، أو الحليب المدعّم.
- لون البشرة الداكن: تنتج البشرة الداكنة كميات أقل من الفيتامين تحت الشمس مقارنة بالبشرة الفاتحة.
- السُمنة: تخزّن الدهون الفيتامين وتمنع توزيعه بشكل فعّال.
- مشاكل في الامتصاص: مثل أمراض الجهاز الهضمي كالداء الزلاقي أو التهاب القولون المزمن.
بحسب دراسة أجريت في السعودية عام 2021، وُجد أن أكثر من 80٪ من النساء الحوامل يعانينَ من نقص فيتامين D من دون علمهنَّ، رغم أن حملهنَّ كان يبدو طبيعيًا.
كيف يمكن الوقاية من هذا النقص الخطير؟
تبدأ الوقاية بالوعي، ثم الفحص، وأخيرًا العلاج المبكر. إذا كنتِ تخطّطين للحمل أو في بدايته، من المهم أن تطلبي فحص مستوى فيتامين D في الدم. هذا الفحص بسيط ويُظهر بدقة مدى النقص.
بعد ذلك، يمكن اعتماد الخطوات التالية:
- التعرّض للشمس يوميًا لمدة 15 إلى 30 دقيقة، ويفضّل ذلك في ساعات الصباح.
- تناول المكملات الغذائية تحت إشراف الطبيب، إذ لا يمكن الاعتماد فقط على الطعام لتغطية الحاجة اليومية.
- اتّباع نظام غذائي غني بالفيتامين يشمل السلمون، والسردين، وصفار البيض، والفطر، والأطعمة المدعّمة.
- ممارسة الرياضة الخفيفة في الهواء الطلق لتحسين الامتصاص وتعزيز الدورة الدموية.
كما تنصح American College of Obstetricians and Gynecologists بأن تتناول المرأة الحامل ما بين 600 إلى 2000 وحدة دولية يوميًا من فيتامين D حسب احتياجها، بعد استشارة الطبيب.
هل تظهر عوارض تُنذر بالنقص؟
للأسف، نقص هذا الفيتامين أثناء الحمل قد يضر الجنين من دون عوارض واضحة، إلّا أنّ بعض العلامات قد تظهر على الأم وتُنبّه إلى وجود مشكلة، مثل:

- شعور عام بالتعب من دون سبب واضح.
- ألم في أسفل الظهر أو العظام.
- تغيّرات في المزاج أو اكتئاب خفيف.
- تقلّبات في مستويات الكالسيوم أو الفوسفور في تحاليل الدم.
لكن الأهم من العوارض هو الفحص الدوري خلال الحمل. في حال كان الحمل عالي الخطورة أو كانت الأم تعاني سابقًا من مشاكل في الامتصاص، يجب مراقبة الفيتامينات بشكل دوري.
الخلاصة
أخيرًا، إنّ نقص هذا الفيتامين أثناء الحمل قد يضر الجنين من دون عوارض واضحة، ممّا يسلّط الضوء على ضرورة التوعية والوقاية قبل العلاج. الحمل مسؤولية مشتركة بين الأم والفريق الطبي، والحفاظ على مستويات هذا الفيتامين ينعكس مباشرة على نمو الجنين وصحته المستقبلية.
في النهاية، العناية الدقيقة بصحتكِ ليست رفاهية، بل ضرورة بيولوجية لضمان بداية حياة صحية لطفلك. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ ما الرياضات الآمنة وما المحظورة خلال الحمل؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الحديث عن فيتامين خلال الحمل يجب أن يتحوّل من موضوع هامشي إلى أولوية في برامج الرعاية الأولية. نحن كنساء، نملك القدرة على حماية أجنّتنا من معاناة مستقبلية بمجرد تحليل دم بسيط، وتوجيه يومي بسيط لأشعة الشمس أو تناول مكمل. المسؤولية تبدأ من الوعي، والوعي يبدأ من القراءة والفحص والاهتمام.