كيف تجعلين من شريك حياتك صديقًا قبل أي شيء؟ سؤالٌ يُطرَح كثيرًا في زمنٍ تكثر فيه التحديات العاطفية وتقلّ فيه الروابط الحقيقية. لا يكفي أن يكون الرجل زوجًا فقط، بل يجب أن يكون صديقًا مقرّبًا، وداعمًا نفسيًا، ورفيقًا في تفاصيل الحياة اليومية. لذلك، بناء علاقة صداقة داخل الزواج ليس ترفًا، بل حاجة أساسية لاستمرارية العلاقة وناجحها وازدهارها.
في هذا المقال، سنناقش أهمّ الأُسُس النفسية والسلوكية التي تساعدكِ على جعل شريك حياتك صديقًا أولًا. كما سنُضيء على مفاهيم أثبتتها الدراسات العلمية في علم النفس الأسري. ونختم بتقديم نصائح عملية يمكن تطبيقها بسهولة داخل كل بيت.
1- افهمي شخصيته بعمق
العلاقة الناجحة تبدأ دائمًا من الفهم. لا يمكن أن تخلقي صداقة حقيقية مع شريككِ من دون أن تدرسي شخصيته وتكتشفي دوافعه.

اطرحي على نفسك أسئلة بسيطة مثل: ما الذي يُزعجه؟ ماذا يُسعده؟ ما الذي يُخيفه؟
تشير دراسة في مجلة Journal of Marriage and Family أنّ الأزواج الذين يسعون بصدق لفهم بعضهم بعضًا يمتلكون قدرة أعلى على حلّ النزاعات وبناء روابط عاطفية أقوى.
من المهم أن تُراقبي التفاصيل اليومية، من طريقته في الحديث إلى ردود أفعاله حين يُستفز أو يُفرَح. كل هذه الملاحظات تُشكّل قاعدة للفهم العميق، وهي الخطوة الأولى كي تجعلي من شريك حياتك صديقًا قبل أي شيء.
2- استمعي أكثر مما تتكلمين
الاستماع الحقيقي يفتح القلب.
غالبًا ما نُقاطع شركاءنا من دون قصد، فنُفقدهم الرغبة في التعبير. لكنّ الصداقة لا تنمو إلا في ظلّ الإصغاء الهادئ.
أكّدت دراسة صادرة عن American Psychological Association أن الإنصات العاطفي (أي الاستماع بتعاطف ومن دون إصدار أحكام) يُعزّز مشاعر القرب ويُخفّض معدلات التوتّر بين الأزواج.
لذلك، اجلسي معه بهدوء، وانظري إلى عينيه، وركّزي على كلماته. لا تردّي بسرعة. فقط استمعي. حين يفهم أنكِ تصغين له كما تفعل الصديقة، سيبدأ هو أيضًا بمعاملتك بنفس الأسلوب.
3- شاركيه تفاصيلكِ الصغيرة
كلّ علاقة صداقة تبدأ من التفاصيل. كيف تجعلين من شريك حياتك صديقًا قبل أي شيء؟ تشاركي معه لحظاتكِ اليومية مهما بدت تافهة. أخبريه عن موقفٍ حدث في طريقك إلى العمل، أو عن كتابٍ أعجبكِ، أو حتى عن طبقٍ طبختِه لأول مرة.

هذه التفاصيل تبني أرضية صلبة من التفاهم بين الزوجين والمشاركة أيضًا. وفقًا لبحثٍ نُشر
في Harvard Study of Adult Development، فإنّ “الروابط الحقيقية تنشأ من المشاركات البسيطة أكثر من اللحظات الكبيرة”.
بكلمات أخرى، لا تنتظري المناسبات لتقتربي منه. اصنعي اللحظات البسيطة بنفسك، وكوني أنتِ المبادِرة دائمًا.
4- اختاري وقتًا ثابتًا للحديث اليومي
التنظيم يُقرّب القلوب.
لا تتركي العلاقة تسير بعشوائية. اختاري وقتًا يوميًا ولو لربع ساعة، تجلسين فيه معه من دون استخدام هواتف أو شاشات. خلال هذا الوقت، تحدّثا عن يومكما، أو عن مشاعركما، أو عن أيّ شيء يخطر بالبال.
هذا الوقت القصير كفيل بخلق عادة يومية تُشبه ما يفعله الأصدقاء المقربون. وشيئًا فشيئًا، ستصبح هذه اللحظة هي الأهم في يومه ويومكِ.
الأصدقاء الحقيقيون لا يحتاجون إلى كثيرٍ من الوقت، بل إلى انتظام في التواصل. وهكذا، تجعلين من شريك حياتك صديقًا قبل أي شيء، من خلال التكرار الهادئ والمحبّب.
5- تجنّبي إصدار الأحكام السريعة
النقد الدائم يُدمّر الصداقة. حين يشعر الشريك أنه يُحاسَب على كلّ كلمة، يتراجع تلقائيًا ويُغلق قلبه. بينما الصديق الجيّد هو من يُسامح ويتفهّم ويحتوي.

بحسب دراسات في علم النفس السلوكي، فإنّ العلاقات التي تُبنى على تقبّل الآخر من دون نقد دائم، تستمر لفترات أطول وتُنتج تواصلًا صحيًا أكثر.
تذكّري: أنتِ لا تتعاملين مع موظف أو تابع، بل مع رفيق حياة. ومن هنا، تحكّمي بانفعالاتكِ وابتعدي عن أسلوب “لماذا فعلت؟ ولماذا قلت؟”. استبدليه بأسلوب “أنا شعرت”، و”أنا تمنّيت”، فهذه الطريقة تعبّر عن مشاعرك من دون أن تُهاجميه.
6- احترمي خصوصيّته وهواياته
لا يمكن بناء صداقة من دون احترام.
أظهرت أبحاث منشورة في Journal of Social and Personal Relationships أن أحد مفاتيح العلاقات الناجحة هو إعطاء الشريك مساحة نفسية. لا تحاولي السيطرة على كل لحظة في حياته. اتركي له وقتًا ليكون مع أصدقائه، أو ليقرأ كتابًا يحبّه، أو ليخرج وحده.
الزوج الذي يشعر بأنه حرّ داخل العلاقة يكون أكثر التزامًا من الذي يشعر بأنه مراقَب. لذلك، كوني أنتِ الصديقة التي تحترم اختلافه وتفرح له حين يكون على طبيعته.
في النهاية، كيف تجعلين من شريك حياتك صديقًا قبل أي شيء؟ عبر اتّباع خطوات بسيطة لكنّها جوهريّة. استمعي له، وشاركيه، وتفهّميه، وتعاملي معه كما تتعاملين مع أعز صديقاتكِ. لا تنتظري أن يبدأ هو، بل كوني أنتِ المبادرة دائمًا، وامنحيه ما تحبين أن يمنحكِ إياه. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن 5 عادات يومية تصنع فرقًا هائلًا في الزواج.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أؤمن أنّ أساس كل علاقة ناجحة هو الصداقة، لأنّ الحب وحده لا يكفي ليستمرّ الزواج. حين يصبح شريككِ صديقًا، تصبح الحياة معه أكثر أمانًا ودفئًا وصدقًا. وحين تتكلّمين معه من قلبكِ، وتُصغين له كما لو كنتِ صديقته المقرّبة، يصبح هو أيضًا أقرب إليكِ من أيّ وقت مضى.