يؤدّي وزن طفلك دورًا أساسيًا في فهم صحته وتطوره الجسدي والنفسي. لا يكفي أن يبدو الطفل ممتلئ الخدّين أو نحيفًا قليلًا للحكم على حاله. الوزن الطبيعي يتبع معايير دقيقة وضعها الطب، وتعتمد على عمر الطفل، وطوله، وجنسه، ومستوى نشاطه اليومي. لذلك، لا يمكن الاعتماد فقط على المظهر الخارجي أو المقارنات مع الأطفال الآخرين، بل يجب تتبّع نموّه بأرقام واضحة ومؤشرات دقيقة.
في هذا المقال، سنشرح كيف تحدّدين ما إذا كان وزن طفلك ضمن المعدل الطبيعي. وما هي المؤشرات التي تدعو للقلق، وكيفية التعامل مع الوزن الزائد أو النقص بطرق مدروسة. سنعتمد على مصادر طبية معتمدة، وسنقدّم لكِ خطوات عملية للمراقبة والمتابعة دون توتر أو مبالغة. ستجدين إجابات واضحة، ومدعومة بالمعلومات العلمية، لتطمئني على صحة صغيركِ.
كيف تقيسين وزن طفلك بطريقة صحيحة؟
من المهم أولًا أن تعرفي الطريقة الصحيحة لقياس وزن طفلك. يجب أن يتم الوزن صباحًا، قبل تناول أي طعام، ويفضّل أن يكون الطفل بملابس خفيفة أو من دون ملابس لتجنّب تأثير وزنها.

تختلف المعايير حسب العمر. فحديثو الولادة يخسرون بعض الوزن خلال الأيام الأولى، ثم يبدأون باكتساب الوزن تدريجيًا. الرضيع السليم يجب أن يضاعف وزنه عند الولادة خلال الأشهر الستة الأولى. أما بعد السنة الأولى، فيتباطأ النمو قليلًا، لكن يستمر بشكل متوازن.
بحسب منظمة الصحة العالمية، يمكن استخدام “منحنى النمو” لمعرفة ما إذا كان وزن طفلك طبيعيًا. وهو أداة بيانية توضّح العلاقة بين الوزن والعمر. هذه الأداة مهمة جدًا وتُستخدم عالميًا في العيادات والمستشفيات.
مؤشرات تدلّ على أنّ وزن طفلك خارج المعدّل
عليكِ مراقبة بعض الإشارات المهمة التي قد تدلّ على وجود مشكلة في الوزن.
أولًا، إذا لاحظتِ أن طفلكِ لا يزداد وزنه لعدّة أسابيع متتالية، أو إذا كان وزنه في النسبة المئوية الأقل من 5% على منحنى النمو. فقد يكون ذلك مؤشرًا على نقص وزن.
ثانيًا، إذا كان الوزن يزيد بسرعة غير معتادة، أو تجاوز النسبة المئوية 95%، فقد يُشير ذلك إلى بداية سمنة في الطفولة.
أيضًا، من العلامات المهمة تغيّر في سلوك الأكل، وضعف الشهية بشكل مستمر، أو الرغبة المفرطة في تناول الطعام. كذلك، قد يكون الشعور بالإرهاق الدائم أو قلة النشاط من علامات اضطراب الوزن.
أسباب شائعة لعدم توازن الوزن عند الأطفال
يتأثّر وزن طفلك بعدّة عوامل، بعضها جسدي، وبعضها الآخر نفسي أو بيئي.

أولًا، من الأسباب الجسدية:
- اضطرابات الغدة الدرقية
- سوء الامتصاص في الجهاز الهضمي
- أمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض الكلى
ثانيًا، من العوامل النفسية:
- القلق الزائد أو التوتر
- التعرّض لمواقف صادمة
- اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية أو الشره
ثالثًا، العوامل البيئية:
- نظام غذائي غير متوازن
- الجلوس الطويل أمام الشاشات
- قلّة النشاط البدني
كل هذه العوامل تؤثّر على وزن طفلك، ويجب الانتباه لها في الحياة اليومية. يساعد التشخيص المبكر لأي سبب من هذه الأسباب في التدخّل الصحيح وتفادي مضاعفات مستقبلية.
كيف تتعاملين مع الوزن الزائد أو النقص؟
إذا لاحظتِ أن وزن طفلك خارج النطاق الطبيعي، فلا داعي للذعر. المهم هو اتخاذ خطوات صحيحة وبهدوء.
في حال الوزن الزائد:
- اعتمدي نظامًا غذائيًا غنيًا بالخضار والفواكه، وقلّلي من السكريات والمقالي.
- شجّعي طفلك على الحركة، مثل المشي، واللعب في الخارج، أو السباحة.
- قلّلي من وقت الشاشات، وحاولي تنظيم أوقات النوم.
في حال نقص الوزن:
- احرصي على تقديم وجبات غنية بالسعرات الصحية، مثل الأفوكادو، والمكسرات، وزيت الزيتون.
- زيدي عدد الوجبات إلى خمس أو ست وجبات صغيرة يوميًا.
- زوري طبيب الأطفال للتأكّد من عدم وجود أسباب طبية كامنة.
ولا تنسي أنّ وزن طفلك لا يتحسّن بين ليلة وضحاها. التغيير يحتاج وقتًا، ومتابعة، وصبرًا.
دور المتابعة الطبية في مراقبة وزن الطفل
لا يمكن الاعتماد فقط على الملاحظة المنزلية. المتابعة الطبية الدورية أساسية جدًا لتقييم وزن طفلك.

يستخدم الطبيب أدوات دقيقة، ويقارن الأرقام بمعدّلات عالمية. كما أنه يقيّم الوزن مع الطول ومحيط الرأس لمعرفة ما إذا كان النموّ طبيعيًا.
أحيانًا، يُطلب إجراء فحوصات دم للتأكّد من وجود نقص في الحديد أو الفيتامينات، أو وجود التهابات مزمنة تؤثّر على امتصاص الغذاء.
لا تؤجّلي زيارة الطبيب إذا شعرتِ أن هناك خللًا، فالتدخّل المبكر يُجنّب الطفل الكثير من المشاكل الصحية والنفسية لاحقًا.
الخلاصة
في النهاية، وزن طفلك ليس مجرد رقم على الميزان، بل مرآة تعكس صحته العامة. لذا، لا تهملي متابعة نموّه، ولا تتركي القلق يسيطر عليكِ. استعملي المؤشرات العلمية، وراجعي طبيب الأطفال بانتظام، وراقبي سلوك طفلك الغذائي والنفسي. تذكّري أن كل طفل ينمو على طريقته، والمهم هو التوازن لا المثالية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ جدول التطعيمات للأطفال.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الأمهات بحاجة إلى التوعية لا التهويل. لا يجب أن يكون وزن طفلك مصدر قلق يومي، بل فرصة لفهم احتياجاته ومساندته. تابعي تطوره بحب وصبر، ولا تقارنيه بغيره. كل طفل فريد في مساره، والمفتاح هو أن تمنحيه الاهتمام والاحتضان الذي يحتاجه، إلى جانب غذاء متوازن ونمط حياة صحي.