أكّدَت دراسة علمية حديثة أنّ الغفوة القصيرة منتصف النهار تُشكّل وسيلة فعّالة لتعزيز نشاط الدماغ وتحسين قدراته الإدراكية. يظنّ كثيرون أنّ النوم في النهار دليل كسل، غير أنّ الباحثين أثبتوا العكس تمامًا. فالعقل يحتاج أحيانًا إلى راحة مؤقتة ليستعيد تركيزه، ويُجدّد قدرته على الحفظ والانتباه بعدالمرور بضغوط يوميّة كثيرة.
ومن اللافت أنّ نتائج الدراسة جاءت بعد مراقبة أشخاص ينامون غفوة لا تتجاوز ثلاثين دقيقة يوميًا. إذ لاحظ الباحثون ارتفاع قدرتهم على التذكّر والتركيز، وسرعة استجابتهم للمهمّات الذهنية مقارنة بمن لا يغفون أبدًا خلال النهار. هكذا، لا يُعدّ النوم القصير رفاهية، بل استثمارًا في طاقة الدماغ وأداء الجسم.
الغفوة القصيرة تنشّط الدماغ وتنعش الذاكرة
أوضحت الدراسة أنّ الدماغ يعمل بكفاءة أعلى بعد غفوة قصيرة، لأنّها تُعيد توازن النواقل العصبية المسؤولة عن التركيز والانتباه. وعندما يأخذ الإنسان استراحة وسط ضغط العمل، يستعيد نشاطه الذهني بسرعة ملحوظة. كما تُنشّط هذه الغفوة منطقة الحُصين في الدماغ، وهي المسؤولة عن تكوين الذكريات وتنظيمها، فيتذكّر الفرد التفاصيل بدقّة أكبر ويُنجز مهامه بسهولة.
في المقابل، يُؤدّي الحرمان من الغفوة إلى تراجع الانتباه وزيادة الأخطاء الذهنية. لذلك، ينصح الخبراء بإدخال قيلولة قصيرة في منتصف اليوم، شرط ألّا تتجاوز نصف ساعة حتى لا يشعر المرء بالخمول بعد الاستيقاظ.
أفضل توقيت ومدّة للغفوة
يشدّد الباحثون على أنّ أفضل توقيت للغفوة يكون بين الساعة الواحدة والثالثة بعد الظهر، أي بعد فترة الغداء مباشرة. في هذه المرحلة، تنخفض طاقة الجسم طبيعيًا، فيُصبح النوم القصير وسيلة مثالية لتجديد النشاط. كما يؤكّدون أنّ المدة المثالية تتراوح بين 15 و30 دقيقة، لأنّ الغفوة الطويلة تُربك دورة النوم الليلي.
وحتى تكون الفائدة كاملة، يُفضَّل النوم في مكان هادئ وإضاءة خافتة مع إيقاف الهاتف. هكذا، ينعم الدماغ براحة حقيقية تُعيد له صفاءه الذهني وقدرته على التركيز طوال ما تبقّى من اليوم.
في ضوء هذه النتائج، تُثبت الغفوة القصيرة منتصف النهار أنّ الراحة ليست ترفًا بل ضرورة عقلية وجسدية. فالعقل لا يعمل بفعالية دائمة دون توقف، بل يحتاج إلى دقائق من السكون كي يستعيد توازنه. ومع إدراج هذه العادة الصحية في روتين الحياة، يمكن للإنسان أن يحافظ على ذاكرته متّقدة، وتركيزه متيقّظًا، وأدائه في قمّة الحيوية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن عادة بسيطة تُعيد الحيوية لرئتيك وتُهدّئ أعصابك!
