تؤكد دراسة جديدة أنّ الرسم يساعد الطفل على التعبير عن مشاعره المكبوتة بطريقة فريدة، تتجاوز حدود الكلمات واللغة. يعتمد الأطفال، خاصة في مراحلهم الأولى، على الصور والألوان للتعبير عن العالم الداخلي الذي يصعب عليهم وصفه لفظيًا. لذلك، يشكّل الرسم أداة أساسية لفهم حالهم النفسية وتخفيف الشعور بالتوتر الذي لا يستطيعون التعبير عنه بالكلام.
في المقابل، يشير الباحثون إلى أنّ تشجيع الطفل على الرسم داخل البيت أو في المدرسة لا يساهم فقط في تعزيز إبداعه، بل يساعد أيضًا في بناء توازنه العاطفي. من هنا، يصبح الورق والقلم مساحة آمنة يعبّر من خلالها الطفل عن الفرح، الخوف، أو حتى الغضب دون خوف من الحكم أو العقاب.
الرسم كمرآة لمشاعر الطفل
يعبّر الرسم عن المشاعر الداخلية بوضوح يفوق التوقّع. عندما يرسم الطفل، يكشف خطوطه وألوانه عن حاله النفسية: فالألوان الداكنة قد تدلّ على القلق، بينما تعكس الألوان الفاتحة شعورًا بالراحة والطمأنينة. لذلك، يستخدم مختصّو علم النفس الرسومات كوسيلة لفهم ما يعجز الطفل عن قوله.
ومن خلال مراقبة تكرار الرموز أو الأشكال في رسوماته، يستطيع الأهل والمعلّمون اكتشاف ما إذا كان الطفل يعيش ضغوطًا أو توتّرًا خفيًا. بهذا الشكل، يتحوّل الرسم إلى لغة عاطفية صامتة لكنها دقيقة وعميقة في المعنى.
الفنّ كوسيلة علاج نفسي فعّالة
تستخدم مراكز العلاج النفسي حول العالم الرسم كجزء من العلاج بالفنّ. يشجّع مختصّو الأطفال على رسم ما يشعر به بدلاً من التحدّث عنه، لأنّ التعبير البصري يقلّل الخوف من المواجهة ويُخرج العواطف المكبوتة بسلاسة.
بالإضافة إلى ذلك، يطوّر الرسم لدى الطفل قدرته على التركيز والصبر، ويمنحه شعورًا بالإنجاز كلّما أتمّ لوحة تعبّر عنه. وهكذا، تزداد ثقته بنفسه ويشعر بالقدرة على السيطرة على عالمه الداخلي.
دور الأهل والمعلّمين في دعم هذه المهارة
يحتاج الطفل إلى بيئة تشجّعه على الإبداع لا على الحكم. عندما يمدحه الأهل على ما يرسم، يشعر بالأمان وبأنّ مشاعره مقبولة. لذلك، من المهم أن يخصّص الأهل وقتًا يوميًا للرسم المشترك مع أطفالهم، لأنّ هذا النشاط يفتح باب الحوار بطريقة غير مباشرة.
كما يستطيع المعلّم أن يستخدم الرسم في الصفّ لاكتشاف ميول الطلاب وتخفيف توتّرهم الدراسي. ممّا يخلق جوًا تعليميًا صحيًا وممتعًا في آنٍ واحد.
تُظهر الدراسة الجديدة أنّ الرسم ليس نشاطًا ترفيهيًا فقط، بل وسيلة تربوية وعلاجية عميقة الجذور. إنّ تشجيع الطفل على استخدام الألوان والخيال يفتح أمامه طريقًا نحو فهم ذاته والسيطرة على عواطفه. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أسباب تشتّت الذهن عند الأطفال.
