تثير اعراض تسنين الاطفال الرضع قلق الأمهات في كل منزل. مع مرور الأشهر الأولى، يبدأ طفلكِ بإظهار إشارات جديدة قد تربككِ أحيانًا: هل هذا الانزعاج سببه التسنين؟ وهل ارتفاع درجة الحرارة طبيعي؟ أم أحتاج لزيارة الطبيب؟ تساؤلات كثيرة تستحق إجابات علمية دقيقة.
في هذا الدليل الشامل، نقدّم لكِ معلومات موثوقة مدعومة بأحدث الأبحاث العلمية حول اعراض تسنين الاطفال الرضع. ستتعرّفين أولًا على العوارض المختلفة بحسب المراحل، ثم نناقش كيفية التمييز بين العلامات العادية وتلك التي تتطلّب عناية طبية. بعد ذلك، نقدّم نصائح فعّالة للتعامل مع كل مرحلة بأمان وراحة.
التسنين: ماذا يحدث في جسم طفلكِ؟
لفهم اعراض تسنين الاطفال الرضع لا بد من فهم ما يحدث داخل الفم أثناء التسنين.
عند الولادة، تكون براعم الأسنان مخفيّة داخل اللثة. مع تطور العظام واللثة، تبدأ الأسنان بالحركة صعودًا حتى تشقّ طريقها إلى السطح. هذه العملية الطبيعية ترافقها تغيّرات في الأنسجة المحيطة، ممّا يسبّب ظهور عوارض واضحة.
بحسب الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)، يبدأ التسنين عادة بين الشهر الرابع والسابع، ويستمر حتى عامين تقريبًا (American Academy of Pediatrics, 2023). ليس جميع الأطفال يعانون العوارض بنفس الحِدّة، لكن معظمهم يختبر بعض العلامات.
العوارض الأكثر شيوعًا في كل مرحلة
إنّ معرفة العوارض في كل مرحلة يساعدكِ على التحضير المسبق. إليكِ التفاصيل:
١- زيادة سيلان اللعاب
يُعتبر من أول العلامات. تزداد إفرازات اللعاب لمساعدة اللثة على التليين. أحيانًا يسبّب طفحًا جلديًا حول الفم.
٢- رغبة متزايدة في العضّ
يبحث الطفل عن وسائل لتخفيف ضغط الأسنان تحت اللثة. سترين محاولاته لعضّ كل ما يقع في يده.
٣- تورّم واحمرار اللثة
ستلاحظين انتفاخًا واحمرارًا في منطقة السنّ الجديد، وقد تشعرين بخشونة أو تصلّب عند اللمس.
٤- تقلّب المزاج
تُعَد من أكثر أعراض تسنين الاطفال الرضع إزعاجًا للأم. البكاء بدون سبب واضح، وصعوبة في النوم ليلًا، هي مظاهر شائعة.
٥- فقدان الشهية
بسبب الألم في اللثة، قد يرفض الطفل الرضاعة أو الطعام الصلب.
٦- ارتفاع طفيف في درجة الحرارة
قد تسجّلين ارتفاعًا بسيطًا (أقل من 38 درجة مئوية). لكن إن ارتفعت أكثر أو رافقها عوارض أخرى، استشيري الطبيب فورًا.
٧- فرك الأذن أو الخدّ
نتيجة الإحساس بالألم الممتد إلى الفكّ والأذن، قد يفرك الطفل أذنه أو خدّه.
كيفيّة التفريق بين عوارض التسنين والمرض؟
رغم وضوح اعراض تسنين الاطفال الرضع، يجب الانتباه للعوارض التي لا علاقة لها بالتسنين.
إذا ظهرت إحدى العلامات التالية، يجب طلب المشورة الطبية:
- حرارة تفوق 38 درجة مئوية.
- إسهال شديد ومستمر.
- طفح جلدي واسع أو غير عادي.
- كسل شديد أو انخفاض النشاط.
- بكاء مستمر وغير معتاد.
تشير الدراسات (Wake et al., 2000) إلى أنّ التسنين لا يسبّب أمراضًا خطيرة مثل الالتهابات أو الإسهال الشديد. لذا عندما تشكّين، من الأفضل دائمًا زيارة الطبيب.
نصائح عمليّة للتعامل مع كل مرحلة بأمان
من خلال اتباع نصائح بسيطة، يمكنكِ تخفيف معظم أعراض تسنين الاطفال الرضع بفعالية.
١- قدّمي عضّاضات طبية مبردة
تجنّبي تجميدها بالكامل. البرودة تخفّف الالتهاب وتسكّن الألم.
٢- دلّكي اللثة برفق
اغسلي يديكِ جيدًا، واستخدمي إصبعك لتدليك اللثة بحركات دائرية لمدّة دقيقتين.
٣- استخدمي جلّ تسنين آمن
استشيري طبيب الأطفال قبل استخدام أي منتج. بعض الجلّات تحتوي مكوّنات غير آمنة.
٤- حافظي على جفاف منطقة الفم
امسحي سيلان اللعاب بلطف باستمرار، لتجنّب حساسية الجلد.
٥- قدّمي وجبات باردة
لبن الزبادي، ومهروس الفاكهة المبرد، أو الخضار الباردة تساعد على تهدئة اللثة.
٦- احتضان الطفل
أحيانًا يحتاج الطفل إلى الدعم العاطفي. احمليه وامنحيه الراحة ليشعر بالأمان.
٧- محافظة على الروتين الليلي
مهما كان الطفل منزعجًا، حاولي الحفاظ على روتين النوم المعتاد لتجنّب اضطرابات أكبر.
متى يجب القلق؟
رغم أنّ اعراض تسنين الاطفال الرضع طبيعية، هناك مواقف تستدعي زيارة الطبيب.
اطلبي المشورة الطبية في الحالات التالية:
- استمرار العوارض أكثر من أسبوعين من دون تحسّن.
- فقدان وزن ملحوظ أو جفاف.
- علامات عدوى في الفم أو اللثة (قيح، ورائحة كريهة قوية).
- رفض تام للرضاعة.
اعراض تسنين الاطفال الرضع ليست مرحلة سهلة على الطفل أو الأم، لكن الفهم العلمي والتعامل السليم يجعلانها أكثر قابلية للتحمّل. لا تنسي، كل طفل فريد، وقد تختلف العوارض بين طفل وآخر.
راقبي طفلكِ عن قرب، وكوني دائمًا على استعداد لطلب النصيحة الطبية عند الحاجة. بالتوازي، طبّقي النصائح السابقة بحذر ووعي. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن سبب بكاء الطفل المفاجئ وهو نائم.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ فهم الأم المسبق لهذه المرحلة هو مفتاح التعامل السليم. حين تعرفين أنّ البكاء أو فقدان الشهية هو جزء مؤقّت من رحلة نمو طفلكِ، ستصبحين أكثر صبرًا وهدوءًا. أنصحكِ بالاعتماد دائمًا على مصادر علمية موثوقة وعدم الانجرار وراء النصائح المتداولة عشوائيًّا. طفلكِ يستحق الأفضل، ووعيُكِ هو درعه الأول.
