يبدأ الجنين رحلته في الرحم وسط عالمٍ هادئ، غير أن هذا الهدوء لا يخلو من الأصوات. فمع تطور حاسة السمع لديه في منتصف الحمل تقريبًا، يبدأ في التفاعل مع البيئة الصوتية المحيطة به. وقد أثبتت الدراسات أنّ هذه الأصوات تترك أثرًا عاطفيًا وعقليًا طويل المدى، بل وتساهم في بناء رابطة قوية بين الأم وطفلها منذ الحياة الجنينية.
خلال الثلث الأخير من الحمل، يميز الجنين الأصوات المتكررة، ويُظهر استجابات واضحة لها كزيادة في الحركة أو تباطؤ في ضربات القلب. من هنا، تصبح الأصوات التي يسمعها الجنين بمثابة مفاتيح ذهبية تهيّئه لعالمه القادم.
1- صوت الأم
ينصت الجنين لصوتكِ قبل أي صوت آخر، فيتفاعل مع نبرتكِ ونغماتكِ وحتى إيقاع حديثكِ. أظهرت الأبحاث أن حديث الأم المتكرر يحفّز مراكز الانتباه في دماغ الجنين، ويؤسّس لشعورٍ بالطمأنينة يمتد بعد الولادة. لذلك، تحدّثي مع جنينكِ بصوتٍ هادئ، غني بالعاطفة، وشاركيه تفاصيل يومكِ.

2- نبضات القلب
لا يتوقف الجنين عن سماع نبضات قلبكِ. تُعَدّ هذه الأصوات الإيقاعية مصدر راحة مدهش، وتعمل كخلفية موسيقية تُنظم مزاجه وتمنحه شعورًا بالأمان. لهذا السبب، يهدأ الأطفال حديثو الولادة عند حملهم على صدر الأم، حيث يتعرّفون فورًا على ذلك الإيقاع المألوف.
3- الموسيقى الهادئة
تعزّز الموسيقى الكلاسيكية الهادئة أو أصوات الطبيعة تطور الدماغ السمعي لدى الجنين. فعندما تشغّلين له مقاطع موسيقية معينة بانتظام، يكوّن ذاكرة صوتية تُسهم لاحقًا في تنمية الانتباه واللغة. المهم أن تختاري أصواتًا رقيقة، وتتجنّبي الأصوات المرتفعة أو الصاخبة التي قد تسبّب توترًا له.
4- صوت الأب
مع تكرار صوت الأب بالقرب من بطنكِ، يتعلّم الجنين التعرف إليه، ويكوّن رابطًا مبكرًا معه. لذلك، شجّعي زوجكِ على التحدث معه يوميًا، أو غناء بعض الأناشيد الهادئة التي يمكن للطفل أن يتذكرها لاحقًا بعد الولادة. ممّا يعزّز الارتباط الأسري من أول لحظة.
يبدأ التواصل العاطفي مع الجنين منذ الأسابيع الأولى من تطوره، ويُشكّل الصوت أداة أساسية في هذا الحوار الصامت. لا تهملي قوة صوتكِ وتأثيره، بل استخدميه لبناء جسرٍ من الأمان والحب والوعي بينكِ وبين صغيركِ. فكل همسة منكِ، وكل لحن هادئ، يُمهّد لطفلكِ دربًا مطمئنًا نحو الحياة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كيف يتعلّم جنينكِ لغتكِ قبل أن يُولد.