في السنوات الأخيرة، باتت الأمهات يعتمدن بشكل متزايد على المحليات الصناعية والطبيعية باعتبارها بديلًا “صحيًا” عن السكر الأبيض. تظهر هذه المواد في العديد من المنتجات اليومية، بدءًا من العصائر “الدايت”، وحتى العلكة وأدوية الأطفال. لكن هل تُعدّ هذه الخيارات فعلاً أكثر أمانًا؟ أم أننا نقدّم لأطفالنا قنابل صامتة تسرّع عجلة النمو؟
في هذا المقال، نسلّط الضوء على دراسة علمية حديثة أثارت القلق، بعد أن ربطت بين بعض أنواع المحليات وبين تسارع علامات البلوغ لدى الأطفال. نكشف أبرز المواد المتّهمة، ونحلل تأثيرها، ونقترح خطوات عملية لحماية الصغار من هذا الخطر المتخفّي.
المحليات تحت المجهر – بين طبيعتها وتأثيراتها
بدايةً، ينبغي التفرقة بين نوعين رئيسيين من المحليات:
- الصناعية مثل السكرالوز والأسبارتام
- الطبيعية مثل العرقسوس وستيفيا

رغم شهرة هذه المواد في عالم “الدايت” والتغذية “الصحية”، فقد أشارت الدراسة الجديدة، المنشورة في Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism عام 2024، إلى أن بعض هذه المحليات قد تتفاعل مع مستقبلات الهرمونات لدى الأطفال. ممّا يسرّع عملية النضوج الجنسي، خصوصًا لدى من يحملون استعدادًا جينيًا معينًا.
لاحظ الباحثون تغيّرات هرمونية ملحوظة لدى الأطفال الذين استهلكوا كميات منتظمة من السكرالوز أو العرقسوس. حتى ضمن المعدلات المسموح بها، مقارنةً بأقرانهم الذين لم يتناولوا هذه المحليات.
لماذا يُعدّ الأطفال أكثر عرضة للخطر؟
يمتلك الأطفال في طور النمو جهازًا غدديًا حساسًا لأي تغيّر خارجي، خاصّةً المرتبط بالمواد الكيميائية. في هذا السياق، أوضحت الدراسة أن المحليات قادرة على التأثير في توازن الإستروجين والتستوستيرون. حتى قبل أن تبدأ علامات البلوغ الطبيعية بالظهور.
علاوةً على ذلك، أظهرت النتائج أن تأثير المحليات يكون أكثر حدّة عند الأطفال الذين ينحدرون من عائلات لديها تاريخ في البلوغ المبكر أو الاضطرابات الهرمونية. ما يعني أن العامل الوراثي يؤدّي دورًا مضاعفًا، وأن التعرّض اليومي لهذه المواد يزيد من احتمالية حدوث خلل مبكر في النمو.
السكرالوز والعرقسوس.. هل هما الخطر الأكبر؟
نعم، بحسب الدراسة، يتصدّر السكرالوز قائمة المتّهمين. فهو يُستخدم بكثرة في الأطعمة منخفضة السعرات، ويعتقد الكثيرون أنه بديل آمن. لكنّه يرتبط بخلل في إشارات الدماغ التي تنظم إفرازات الهرمونات.
أمّا العرقسوس، ورغم كونه طبيعي المصدر، فقد تبيّن أنه يحتوي مركّب “الجليسيريزين”، الذي يؤثّر بشكل مباشر على الغدة الكظرية، ويُحفّز إطلاق الكورتيزول. ما يؤدي بدوره إلى تغيّر في إفراز باقي الهرمونات، خاصّةً لدى الفتيات.
ما الحل؟ خطوات بسيطة لحماية الأطفال
في البداية، لا بدّ من إعادة النظر في المنتجات التي نقدّمها يوميًا لأطفالنا. فحتى عبوة عصير واحدة “دايت” قد تحمل تأثيرًا تراكميًا خطيرًا مع مرور الوقت.
لذلك، يُنصح بما يلي:
- قراءة الملصقات الغذائية بعناية
- تقليل استهلاك الأطفال لأي منتجات تحتوي محليات صناعية أو مستخلصات العرقسوس
- اختيار بدائل طبيعية غير معالجة، مثل العسل النقي وبكميات معتدلة
- استشارة طبيب الغدد عند ظهور علامات بلوغ مبكرة أو غير معتادة
لا شك أن نية الأهل في تقديم غذاء صحي لأطفالهم تنطلق من حب ورغبة في الحماية. لكن في ظل المعطيات الجديدة، يجب أن نتعامل بحذر مع كل ما يُسوّق تحت شعار “صحي” أو “طبيعي”. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ طعام واحد يغنيكِ عن المكملات لطفلكِ.