في البداية، تُعَدّ نسبة هرمون الحمل بالتوأم من أكثر المواضيع التي تثير فضول النساء في الأسابيع الأولى من الحمل. خاصّةً إذا كنّ يتساءلن عمّا إذا كان الحمل طبيعيًا أم قد يكون هناك جنينان في الطريق. يُعتبر هرمون الحمل أو ما يُعرف علميًا بـ hCG من أوائل العلامات البيولوجية التي تظهر في دم المرأة بعد انغراس البويضة في الرحم. وهو المسؤول عن دعم بطانة الرحم والحفاظ على الحمل.
من ناحية أخرى، تهدف هذه المقالة إلى توضيح العلاقة بين ارتفاع نسبة هرمون الحمل بالتوأم وإمكانية التنبؤ بوجود حمل مزدوج، بالاستناد إلى أدلة علمية موثوقة. سنتناول في هذا المقال تفسير هذا الهرمون، والقيم الطبيعية له، وكيفية تمييز الحمل بتوأم من خلال نسبه. إضافةً إلى عوامل أخرى قد تؤثر على ارتفاعه.
ما هو هرمون الحمل hCG؟
في هذه الفقرة، سنتعرّف على طبيعة هذا الهرمون ووظيفته الحيوية في الحمل.

يُفرز هرمون الحمل من الخلايا المكوّنة للمشيمة بعد انغراس الجنين مباشرة، وتبدأ نسبته بالارتفاع تدريجيًا كل يومين إلى ثلاثة أيام في الأسابيع الأولى. وظيفته الأساسية هي تحفيز الجسم الأصفر لإفراز البروجستيرون الضروري لتثبيت الحمل. إضافةً إلى كونه المؤشر الأول الذي تعتمد عليه اختبارات الحمل المنزلية والمخبرية.
عادةً، يُقاس الهرمون بوحدة milli-international units per milliliter (mIU/ml)، وتتفاوت النسب بشكل كبير بين النساء. ومع ذلك، توجد نطاقات تقريبية تعتبر مرجعية في التشخيص. في الحمل المفرد، تتضاعف النسبة كل 48 إلى 72 ساعة. أمّا في الحمل بالتوأم، فقد تتضاعف بسرعة أكبر أو تكون مرتفعة منذ البداية.
هل تؤكد نسبة هرمون الحمل بالتوأم وجود جنينين فعلًا؟
تتناول هذه الفقرة الدلالات المرتبطة بارتفاع الهرمون ومدى مصداقيتها.
في الحقيقة، يمكن أن تكون نسبة هرمون الحمل بالتوأم أعلى من المعدّل المعتاد، ولكنها ليست دليلًا قاطعًا على وجود جنينين. وفقًا لدراسة منشورة في Journal of Obstetrics and Gynaecology Research، النساء اللواتي يحملنَ بتوأم غالبًا ما يُظهرن قيمًا مضاعفة مقارنة بالحمل المفرد في نفس الأسبوع الحملي. على سبيل المثال، في الأسبوع الخامس، قد تتراوح النسبة بين 18 و7340 mIU/ml في الحمل العادي، بينما في الحمل بتوأم قد تتجاوز 10,000 mIU/ml.
لكن من المهمّ الإشارة إلى أن هناك عوامل أخرى يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الهرمون، مثل الحمل العنقودي أو خطأ في حساب عمر الحمل. لذلك، لا يُعتمد على هذا المؤشر وحده، بل يجب تأكيد التشخيص بواسطة التصوير بالموجات فوق الصوتية (الإيكو) بعد الأسبوع السادس.
متى تبدأ نسبة هرمون الحمل بالتوأم في الظهور بشكل واضح؟
نوضح هنا الإطار الزمني الذي تبدأ فيه الاختلافات بالظهور بين الحمل العادي والتوأم.

في أغلب الحالات، تبدأ الاختلافات في نسبة هرمون الحمل بالتوأم بالظهور في نهاية الأسبوع الرابع أو بداية الأسبوع الخامس من الحمل. وتُلاحظ زيادة ملحوظة في النسبة عند إجراء فحص الدم الكمي، وليس فقط الفحص النوعي الذي يكتفي بتحديد وجود الحمل أو عدمه.
تُنصح النساء اللواتي تظهر لديهن نسب مرتفعة بإعادة الفحص بعد يومين إلى ثلاثة أيام للتأكد من معدل الزيادة. إذا استمرت النسبة بالارتفاع بشكل أسرع من الطبيعي، فقد يوصي الطبيب بإجراء تصوير مبكر للتحقّق من عدد الأجنّة.
ما العوامل التي تؤثر على ارتفاع هرمون الحمل؟
نستعرض الآن أبرز العوامل التي قد تُربك القراءة الصحيحة لهذا الهرمون.
بشكلٍ عام، لا يمكن اعتبار نسبة هرمون الحمل بالتوأم المؤشر الوحيد لعدد الأجنّة لأن عدّة عوامل قد تؤثّر عليها. من بين هذه العوامل:
- عمر الحمل: إذا تم حسابه بشكل غير دقيق، قد تظهر النسبة أعلى أو أقل من المتوقع.
- الحمل خارج الرحم: في بعض الأحيان، يؤدّي إلى نسب غير طبيعية.
- الحمل العنقودي: يُنتِج مستويات عالية جدًا من الهرمون.
- الأدوية المنشطة: قد يرفع تناول بعض أدوية الخصوبة الهرمون بشكل غير طبيعي.
- الأمراض المزمنة: كأورام الغدة النخامية أو أمراض الكلى قد تؤثّر على دقّة النسبة.
لهذا السبب، يُعَدّ من الضروريّ متابعة الهرمون عبر عدة إجراء تحاليل متتالية وربطها بالعوارض السريرية والتصوير بالألتراساوند.
كيف تُشخصين الحمل بتوأم بشكل مؤكد؟
نختم بفحص الحمل الأكثر دقة في تحديد عدد الأجنّة.

رغم أهميّة مراقبة نسبة هرمون الحمل بالتوأم، إلّا أنّ الوسيلة الأكثر موثوقيّة للتشخيص النهائي هي التصوير بالموجات فوق الصوتية. في العادة، يمكن للطبيب تحديد وجود أكثر من كيس حمل أو أكثر من نبض قلب جنيني بداية من الأسبوع السادس أو السابع. ويُفضّل استخدام التصوير المهبلي في المراحل الأولى، لأنه أكثر دقة من التصوير الخارجي.
كما يمكن في بعض الحالات إجراء تحليل للهرمونات الأخرى أو اختبار الحمض النووي الجنيني NIPT لاحقًا لتقييم وجود أكثر من جنين. ومن المهم أن تبقى الأم تحت المراقبة المستمرة، لأن الحمل بتوأم يتطلّب عناية طبية مضاعفة.
الخلاصة
في الختام، لا شك أن نسبة هرمون الحمل بالتوأم قد تُثير الحماسة والقلق في آنٍ واحد. لكن من المهم التعامل معها كمؤشر أولي فقط، وليس كأداة تشخيصية نهائية. يعتمد التشخيص الدقيق على سلسلة من التحاليل والمتابعات الطبية والصور الشعاعية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن حجم البويضة الطبيعي للحمل بتوأم.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن القلق بشأن عدد الأجنّة في بداية الحمل يجب ألا يسيطر على الأم، بل عليها التركيز على صحتها وتغذيتها والالتزام بالمتابعة الطبية الدقيقة. فسواء كان الحمل بجنين واحد أو توأم، يبقى الاهتمام بالراحة والدعم النفسي هو الأساس لحمل صحي وآمن.