في البداية، يعتبر الأكل قبل فحص الزواج من أكثر الأخطاء التي يقع فيها المقبلون على الزواج من دون أن يدركوا حجم تأثيره. فالبعض يظن أن الفحص روتيني، وأن الأكل لا يمكن أن يؤثر على نتيجته. لكن الحقيقة أن تناول الطعام قبل إجراء هذا النوع من الفحوصات يمكن أن يؤدي إلى قراءات غير دقيقة، وربما نتائج خاطئة قد تغيّر مجرى حياة شريكين.
من جهة أخرى، يتناول هذا المقال تفاصيل علمية دقيقة حول تأثير الأكل على نتائج فحوصات الزواج، ويعرض أهمّ النصائح التي يجب اتباعها قبل التوجّه إلى المختبر. سنتناول أولًا الهدف من هذا الفحص، ثم نستعرض أنواع التحاليل التي تتأثر بالطعام. وننهي بمجموعة إرشادات مبنية على مصادر طبية موثوقة لضمان نتائج دقيقة وموثوقة.
ما هو فحص الزواج ولماذا يُطَلب؟
في هذا القسم، نوضّح باختصار أهداف فحص الزواج وأهميته في الوقاية من الأمراض الوراثية والمعدية.

فحص الزواج هو مجموعة من التحاليل الطبية التي تُطلَب من الخاطبين قبل إتمام عقد القران. يهدف هذا الفحص إلى التأكّد من عدم وجود أمراض وراثية مثل مرض التلاسيميا أو المنجلية. إضافةً إلى التأكّد من خلوّ الطرفين من الأمراض المعدية مثل التهاب الكبد أو فيروس نقص المناعة. يساعد إجراء الفحص في حماية الأجيال المقبلة، ويمنح الطرفين وعيًا صحيًا لبناء حياة زوجية سليمة.
إضافةً إلى ذلك، تُعَدّ نتائج هذا الفحص ملزمة قانونيًا في بعض الدول، وتُطلَب كشرط أساسي لتسجيل عقد الزواج. لذلك، أي خطأ في النتائج، حتى لو كان بسبب وجبة فطور بسيطة، قد يؤدّي إلى تعطيل الإجراءات أو إثارة قلق غير مبرّر.
كيف يؤثر الأكل قبل فحص الزواج على النتائج؟
هنا، نسلط الضوء على تأثير الطعام على التحاليل الطبية المختلفة التي تُجرى ضمن الفحص.
قد يؤثّر الأكل قبل فحص الزواج بشكل كبير على دقّة بعض التحاليل. فمثلًا، يتأثر فحص السكر في الدم مباشرة بآخر وجبة تناولها الشخص، وقد يعطي نتيجة مرتفعة توحي بإصابة كاذبة بالسكري. كذلك، يُفضّل قياس الدهون الثلاثية والكوليسترول بعد صيام 10–12 ساعة. وذلك لأنّ تناول الدهون أو السكريات قبل إجراء الفحص يؤدّي إلى قراءات غير واقعية.
أيضًا، يحتاج إجراء فحص وظائف الكبد والكلى وبعض الإنزيمات إلى حال استقرار في الجسم من دون تأثير هضمي نشط. ومع أن بعض الفحوصات لا تتأثر كثيرًا بالأكل، إلا أن الجمع بينها في وقت واحد يجعل الصيام قاعدة ذهبية للحصول على نتائج موثوقة.
أبرز الفحوصات التي تتطلّب صيامًا
في هذا الجزء، نعرض أهم التحاليل التي يطلبها فحص الزواج وتتأثر بالطعام، استنادًا إلى مصادر طبية معروفة.

بحسب توصيات Mayo Clinic وAmerican Association for Clinical Chemistry، هناك عدّة تحاليل في فحص الزواج تستوجب الصيام، منها:
- تحليل السكر الصائم (Fasting Glucose): يحتاج إلى صيام 8 ساعات على الأقل.
- تحليل الدهون الشاملة (Lipid Profile): يتأثر مباشرة بتناول الدهون أو السكريات، ويُفضَّل الصيام لمدة 10–12 ساعة.
- تحليل وظائف الكبد والكلى: لا يشترط الصيام دائمًا، ولكن يُنصح به لتجنّب أي عوامل تؤثر على استقلاب البروتينات والدهون.
- التحاليل الهرمونية: مثل فحص التستوستيرون أو البرولاكتين. والتي تُفضَّل في حالات كثيرة أن تُجرَى في الصباح الباكر وعلى معدة فارغة.
بالتالي، فإن تجاهل التعليمات الطبية وتناول الطعام قد يُظهر نتائج مضلّلة. كما يقود الطبيب إلى اتخاذ قرار خاطئ أو طلب إعادة الفحوصات، ممّا يؤدّي إلى تأخير الإجراءات.
تعليمات ضرورية قبل الذهاب إلى فحص الزواج
في هذا القسم، نقدّم قائمة مبنية على توصيات طبية لضمان نتائج دقيقة وسليمة.
- الصيام لمدة 8 إلى 12 ساعة: يُفضَّل عدم تناول الطعام أو المشروبات التي تحتوي سكّريات أو كافيين قبل الفحص.
- شرب الماء مسموح: لا يؤثر الماء على التحاليل، بل يُنصَح به لتجنّب الجفاف وسهولة سحب الدم.
- تجنّب التدخين قبل الفحص: لأنه يؤثر على مستوى الكورتيزول وبعض الإنزيمات.
- عدم ممارسة الرياضة المكثفة في الليلة السابقة: لأنها قد تؤثّر على إنزيمات العضلات وبعض المؤشرات الحيوية.
- تجنّب تناول الأدوية من دون استشارة الطبيب: لأنها قد تتداخل مع النتائج، خصوصًا المضادات الحيويّة أو أدوية السكر.
بكلمات بسيطة، يجب على كل من يستعدّ لإجراء فحص الزواج أن يعامله بجدية، وأن يلتزم بالتعليمات الصحية بحذافيرها.
هل يجب إعادة الفحص في حال تناولت طعامًا بالخطأ؟
في هذا الجزء، نجيب عن سؤال شائع لدى الكثيرين الذين تناولوا الطعام قبل الذهاب إلى المختبر.

إذا تم تناول الطعام من دون الانتباه، يُنصَح بإبلاغ الطاقم الطبي فور الوصول إلى مركز الفحص. يمكن تأجيل الفحص إلى موعد لاحق أو الاقتصار على التحاليل التي لا تتأثر بالطعام في بعض الحالات. أمّا في حال تمّ إجراء الفحص من دون صيام، فقد يطلب الطبيب إعادة بعض التحاليل لاحقًا، خصوصًا تلك المرتبطة بمستوى السكر أو الدهون.
لذلك، يُعد الصيام الكامل قرارًا حكيمًا لضمان دقة النتيجة وتجنّب التكرار أو سوء الفهم.
الخلاصة
في الختام، يتّضح أنّ الأكل قبل فحص الزواج ليس أمرًا بسيطًا كما يظن الكثيرون. بل هو تفصيل صغير يحمل تأثيرًا كبيرًا على دقة التحاليل، وسلامة الإجراءات، وراحة البال. فالتزام الشخص بالصيام والامتناع عن المؤثرات يضمن نتيجة حقيقية تعكس الوضع الصحي بدقة.
كما أنّ، الاهتمام بهذه التفاصيل يعكس وعيًا صحيًا وحرصًا على المستقبل. وهو ما يجب أن يرافق كل خطوة في مشروع الزواج، بدءًا من الفحص وحتى بناء الأسرة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدّمنا لكِ نصائح للمقبلين على الزواج.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الالتزام بتعليمات فحص الزواج لا يجب أن يُنظر إليه كمجرد إجراء روتيني. بل هو فعل مسؤولية تجاه الذات وتجاه الشريك المستقبلي. الأكل قبل فحص الزواج، رغم بساطته، قد يكون عائقًا أمام نتائج دقيقة، وقد يزرع شكوكًا غير مبررة. لذلك، أنصح كل مقبل على الزواج أن يسأل، يتحقق، ويصوم، ولو ليوم واحد فقط، لتفادي القلق لاحقًا. فالحكمة تبدأ من التفاصيل، والصحة لا تحتمل التهاون.