في عالم اليوم السريع والمتقلّب، لا يقتصر التوتر على الكبار فقط. بل بات الأطفال عرضة لضغوطات لا تُرى بالعين المجرّدة، لكنها تترك آثارًا عميقة في نفوسهم. قد لا يعبّر الطفل صراحةً عمّا يشعر به، لكنه يرسل إشارات واضحة لمن يعرف كيف يقرأها.
ومن هنا، لا بدّ للأهل من ملاحظة السلوكيات الدقيقة التي تطرأ على الطفل، لأن هذه السلوكيات قد تُنذر بوجود ضغط نفسي يعيشه بصمت. في هذا المقال، نسلّط الضوء على أبرز العلامات التي تكشف أنّ طفلك قد يكون يعاني من التوتر، مع شرح موجز لكل علامة لمساعدتكِ على الفهم والاستجابة بالشكل الصحيح.
تغيّرات في النوم
قد يبدأ الطفل فجأة بصعوبة في النوم، أو يستيقظ خلال الليل من دون سبب واضح. أحيانًا أخرى، ينام كثيرًا بشكل غير معتاد. هذه التغيّرات لا تحصل من فراغ، بل ترتبط غالبًا بقلق داخلي يضغط على ذهنه. عندما يشعر الطفل بعدم الأمان أو بالخوف من أمرٍ ما، ينعكس ذلك مباشرة على جودة نومه. لذلك، راقبي روتين نومه ودوّني أي تغيّر مفاجئ، فقد تكون هذه إشارة قوية لتوتره.

تغيّر الشهية
يؤثّر الشعور بالتوتر على الجسم والعقل في آنٍ معًا، ومن أولى التأثيرات الجسدية التي تظهر على الطفل، تغيّر شهيّته بشكل ملحوظ. فقد تلاحظين أنّه لم يعد يأكل كما كان، أو أنّه يفرط في تناول الطعام كوسيلة للهروب من مشاعره. تحتاج كلتا الحالين إلى انتباه ومتابعة، لأن اختلال النظام الغذائي عند الطفل لا يأتي صدفة. بل ينبع من اضطراب نفسي داخلي.
نوبات غضب غير مبرّرة
في لحظة هدوء، قد ينفجر الطفل في نوبة غضب حادّة من دون سبب واضح. قد تتكرّر هذه النوبات يوميًا أو تظهر في مواقف بسيطة لا تستدعي الغضب. في الواقع، الأطفال لا يعرفون دائمًا كيف يعبّرون عن قلقهم بالكلام، فيلجأون إلى التعبير الجسدي والسلوكي. يُحاصرهم التوتر من الداخل، فيخرج على شكل صراخ أو تكسير أو عناد. من المهم أن تتعاملي مع هذه النوبات بصبر، وتبحثي عن جذورها بدلًا من الاكتفاء بعقابها.
الانعزال المفاجئ
حين ينغلق الطفل على نفسه ويبتعد عن أصدقائه وأفراد أسرته، فهذه إشارة مقلقة. الانعزال ليس تصرّفًا عابرًا، بل يدلّ على أنّ الطفل يعيش حال داخلية من الانزعاج أو الخوف أو الحزن. غالبًا ما يفضّل الطفل الانسحاب عندما يعجز عن فهم ما يشعر به أو عن التعبير عنه. لذلك، اقتربي منه بلطف، وافتحي له المجال للكلام، حتى لو لم يتكلّم في البداية.
تُعدّ مراقبة هذه العلامات خطوة أولى وأساسية في حماية طفلكِ من آثار التوتر النفسي. لا تنتظري أن يبوح لكِ بما يزعجه، بل كوني أنتِ المبادرَة إلى الفهم والاحتواء. كلّما تدخلتِ في الوقت المناسب، ساعدتِه على تخطّي مشاعره السلبية قبل أن تتراكم وتتحوّل إلى مشاكل سلوكية أو صحية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن خطورة تشتت الانتباه عند الأطفال.