تظهر مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة بسرعة، حتى قبل أن تستوعبي حقيقة أنك أصبحتِ أمًا بالفعل. رغم كل ما قرأتِه وما قيل لكِ من نصائح، فإن السنة الأولى تحمل تقلبات وتفاصيل قد لا تخطر على بالك. إنها سنة مليئة بالتجارب العاطفية والجسدية والاجتماعية، ومع كل مفاجأة، تنضجين أكثر، وتدركين ما تعنيه الأمومة فعليًا.
في هذا المقال، نقدّم لكِ دليلًا علميًا وإنسانيًا حول أبرز مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة حول إحساس الأمومة لأول مرة. مع شروحات دقيقة مدعومة بدراسات حديثة، ونصائح عملية، وخبرات من الواقع لمساعدتك على التأقلم. كل عنوان يحمل مفاجأة مختلفة، وكل فقرة تُهيّئك نفسيًا وجسديًا لما هو قادم.
تغيرات نفسية عميقة ومباغتة
في البداية، لا تتوقعي أنك ستكونين دائمًا سعيدة أو في مزاج جيد. من أكبر مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة هي تلك المشاعر المتضاربة التي تداهمك فجأة. قد تبكين بلا سبب، أو تشعرين بالذنب من دون داعٍ.

أثبتت دراسة نُشرت في Journal of Affective Disorders أن نحو 80% من الأمهات يعانين من اضطرابات مزاجية تُعرف بـ”كآبة ما بعد الولادة“، وتصل لدى البعض إلى اكتئاب يستدعي تدخّلًا مختصًّا (O’Hara & Wisner, 2014).
ومن المهم أن تعلمي أن هذه التغيّرات طبيعية وشائعة. أنتِ لستِ وحدك، والأهم ألا تخفي مشاعرك.
نصيحة: تحدثي إلى شريكك، إلى والدتك، أو إلى طبيب نفسي. لا تنتظري أن تشتد العوارض، فالدعم المبكر يساعد كثيرًا.
الرضاعة الطبيعية ليست دائمًا سهلة
كثيرًا ما نسمع أن الرضاعة الطبيعية أمر فطري، لكنها في الواقع من أكبر التحديات خلال الشهور الأولى. من أكثر مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة هو الألم أو الصعوبات التي قد تواجهينها أثناء الرضاعة. مثل تشققات الحلمة أو ضعف تدفق الحليب.
حسب منظمة الصحة العالمية، فقط 44% من الأمهات حول العالم يستطعن الالتزام بالرضاعة الطبيعية بشكل حصري في الأشهر الستة الأولى (WHO, 2021). وهذا لا يعني أنكِ أقلّ كفاءة، بل إن كل تجربة أمومة فريدة من نوعها.
نصيحة: استعيني باستشارية رضاعة أو قابلة قانونية، فالتقنيات الصحيحة في الإمساك بالحلمة والرضاعة تُحدِث فرقًا كبيرًا.
تغيرات جسدية لم تخطر ببالك
عندما تنظرين إلى المرآة بعد الولادة، قد لا تتعرفين على نفسك. من أبرز مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة هي التغيرات الجسدية غير المتوقعة: ترهلات، وتساقط شعر، وجفاف الجلد، وربما تغير في شكل البطن بالكامل.

بحسب بحث نُشر في Dermatology Practical & Conceptual، فإن نحو 90% من النساء يلاحظنَ تساقط الشعر بعد الولادة بسبب انخفاض مستويات الإستروجين.
نصيحة: لا تستعجلي استعادة مظهرك السابق. امنحي جسمك الوقت الذي يحتاجه للتعافي، واهتمي بالتغذية الغنية بالبروتين والفيتامينات مثل الحديد والزنك.
الوحدة الاجتماعية أمر حقيقي
رغم وجود الطفل بين يديك، إلا أنكِ قد تشعرين بوحدة قاسية. وهذه من أكثر مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة. ستجدين أن الكثير من صديقاتك لا يفهمن ما تمرين به، أو أن التواصل مع الآخرين أصبح أقل.
وجدت دراسة بريطانية (Action for Children, 2019) أن واحدة من كل أربعة أمهات حديثات تعاني من الوحدة، وغالبًا لا تبوح بذلك خوفًا من أن تبدو ضعيفة أو غير قادرة على التكيّف.
نصيحة: شاركي في مجموعات دعم الأمومة، حتى لو كانت إلكترونية. ولا تخجلي من قول “أنا بحاجة للتحدث”.
العلاقة الزوجية تتغير بشكل مفاجئ
قد تمرّ العلاقة بينك وبين زوجك باختبار حقيقي. الإرهاق وقلة النوم وتغير الأولويات قد تخلق فجوة. من أكثر مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة هي برود العلاقة العاطفية أو الحميمية لفترة من الزمن.

هذا لا يعني نهاية الحب، بل بداية مرحلة جديدة من التفاهم والمرونة. تظهر الدراسات أن الأزواج الذين يتحدثون بصراحة عن مشاعرهم واحتياجاتهم يتجاوزون هذه المرحلة بنجاح أكبر (Feinberg et al., 2012).
نصيحة: خصصي وقتًا بسيطًا للحوار اليومي. حتى 10 دقائق قد تصنع فرقًا. شاركيه في العناية بالطفل، واجعليه يشعر بأن له دورًا أساسيًا.
الروتين المرهق والمفاجئ
في الأمومة، لا يوجد جدول منتظم. نوم الطفل غير مستقر، وتحتاجين إلى التكيّف معه. من أغرب مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة أن حياتك كلها ستدور حول هذا المخلوق الصغير.
أكّد البحث الذي أجرته جامعة هارفارد أن اضطراب النوم في السنة الأولى يؤثر مباشرة على الأداء العقلي والانفعالي للأم، وقد يزيد التوتر اليومي بنسبة 60%.
نصيحة: رتّبي يومك على مبدأ “النوم عندما ينام الطفل”، وكوني مرنة مع المهام. لا تبحثي عن الكمال، بل عن التوازن.
أمومة اليوم ليست مثل الماضي
من مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة أيضًا، أنكِ ستواجهين تناقضًا بين ما تعلّمتِه من والدتك وما تفرضه الدراسات الحديثة. قد تُفاجئين بأن كثيرًا من النصائح التقليدية غير مناسبة اليوم.
نصيحة: اقرئي من مصادر موثوقة. اتبعي العلم، ولكن خذي أيضًا من خبرات الأمهات من حولك. اختاري ما يناسبك.
في النهاية، مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة ليست سلبيّة دومًا. بعضها صعب، وبعضها مؤثر، ولكن كلها تصنع منكِ أمًا أقوى. هذه السنة الأولى ليست فقط للطفل كي ينمو، بل هي سنة تطور لكِ أيضًا. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن ما يحدث في دماغك بعد الولادة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، فإن أعظم ما في هذه المرحلة هو أنها تعلّمك التواضع، والصبر، والإبداع. لا تحكمي على نفسك بقسوة، بل احتفي بكل تقدم، ولو كان بسيطًا. كل مفاجأة، مهما بدت مُرهِقة، تحمل في داخلها رسالة جديدة عنكِ، وعن مدى قوتك كأم وإنسانة.