متى اعرف جنس الجنين وأتأكّد من صحة حملي؟ سؤال طبيعي يتكرّر عند كل امرأة حامل منذ الأيام الأولى. فالفضول يدفع الأم لتخيّل ملامح صغيرها، والتفكير في اختيار الاسم المناسب، والتحضير لاستقباله. لكن هذا الفضول لا ينفصل عن القلق على صحّة الحمل وسلامة نمو الجنين في الرحم.
في هذا المقال سوف نعرض الوسائل العلمية لمعرفة جنس الجنين، والوقت الأنسب الذي يحدّده الأطباء، بالإضافة إلى العلامات الطبية التي تبيّن استقرار الحمل. كما سنناقش دور التصوير الصوتي، والفحوص الجينية، والتحاليل المخبرية، مع الإشارة إلى ما هو مثبت علميًا وما هو مجرّد خرافات شعبية.
متى تبدأ العلامات الأولى للحمل؟
في البداية تظهر العلامات المبكرة التي تدلّ على وجود حمل. من أبرزها غياب الدورة الشهرية، والشعور بالتعب المستمر، وزيادة الرغبة في النوم. تضاف إليها تغيّرات في حاسة الشم، والغثيان الصباحي، وكثرة التبوّل. هذه العوارض لا تكشف جنس الجنين، لكنها تتيح للطبيبة تحديد أنّ الحمل قائم وأنّ الجسم يستجيب للتغييرات الهرمونية.

ومع تقدّم الأيّام، تلاحظ بعض النساء تغيّرًا في شكل الثدي وزيادة حساسيته، وهو انعكاس مباشر لارتفاع مستويات هرمونَي الإستروجين والبروجسترون. كما قد تشعر الحامل بتقلّبات في المزاج نتيجة التبدلات الهرمونية السريعة. هذه المؤشّرات المبكرة تساعد الطبيب على الاشتباه بالحمل قبل أن يتمّ تأكيده عبر الفحوص المخبرية أو التصوير.
خلال الأسابيع الأولى، يكون الهدف الأساسي للطبيب التأكّد من وجود كيس الحمل في الرحم، والتأكّد أنّ نمو الجنين يسير بشكل طبيعي. وهذا يتمّ عادة عبر التصوير بالموجات فوق الصوتية في الأسبوع الخامس أو السادس. في هذه المرحلة لا يمكن بعد تحديد الجنس، لأن الأعضاء التناسلية لم تبدأ بالتشكّل بعد. ومع ذلك، يعتبر هذا الفحص خطوة حيوية لأنها تُظهر مكان انغراس الكيس بدقّة، وتؤكّد أنّ الحمل داخل الرحم وليس خارجه. ما يمنع حدوث مضاعفات خطيرة مثل الحمل المنتبذ.
متى اعرف جنس الجنين بدقّة عبر التصوير الصوتي؟
تبقى الوسيلة الأكثر شيوعًا لمعرفة جنس الجنين التصوير بالموجات فوق الصوتية. يوصي الأطباء عادةً بالانتظار حتى الأسبوع الرابع عشر إلى السادس عشر، حيث تبدأ الأعضاء التناسلية بالظهور. مع ذلك، الدقّة الأعلى تتحقّق عادة بعد الأسبوع العشرين خلال الفحص الروتيني.
التصوير الصوتي لا يقدّم فقط معلومة عن الجنس، بل يكشف أيضًا تفاصيل مهمّة عن صحّة الحمل. فهو يسمح برؤية بنية القلب، ونمو الدماغ، وتطوّر العظام. كما يمكن للطبيبة أن تلاحظ كمية السائل الأمنيوسي، ووضعية المشيمة، وكلها مؤشّرات أساسية على سلامة الحمل.
بالتالي، الجواب العلمي عن سؤال متى اعرف جنس الجنين يكون غالبًا بين الأسبوع 16 والأسبوع 20، مع إمكانيّة التحديد في وقت أبكر لدى بعض الحالات.
الفحوص الجينية ودورها في تحديد الجنس
مع تقدّم الطب ظهرت فحوص دقيقة يمكنها تحديد جنس الجنين قبل التصوير الصوتي. أحد أهم هذه الفحوص هو اختبار الحمض النووي الحرّ (NIPT) الذي يُجرى عبر عيّنة دم من الأم بعد الأسبوع العاشر. يلتقط هذا الفحص أجزاء من المادة الوراثية للجنين المنتشرة في دم الأم، ويكشف احتمال وجود تشوّهات صبغية مثل متلازمة داون، كما يحدّد الجنس بدقّة تفوق 99٪.

تُعتبر هذه الطريقة آمنة تمامًا على الأم والجنين، لأنّها غير تدخّلية ولا تتطلّب إدخال أدوات داخل الرحم. غير أنّ تكلفتها مرتفعة نسبيًا، لذلك قد لا تكون متاحة لجميع النساء. ورغم ذلك، فهي خيار علمي ممتاز للنساء اللواتي يحتجن معلومات دقيقة في مرحلة مبكرة.
كيف أتأكّد من سلامة الحمل مع معرفة الجنس؟
من الطبيعي أن يترافق سؤال متى اعرف جنس الجنين مع الرغبة في الاطمئنان على نموّه السليم. هنا يركّز الأطباء على جملة من الفحوص الدورية: قياس ضغط الدم، وتحليل الدم للكشف عن مستوى الحديد، وفحص السكر للكشف عن سكّري الحمل. كذلك يُستخدم التصوير الدوري للتأكّد من وزن الجنين ومعدّل نبض قلبه.
تؤكّد الدراسات أنّ مراقبة نمو الجنين عبر الفحوص المتكرّرة تقلّل من مخاطر المضاعفات، مثل الولادة المبكرة أو ضعف النمو داخل الرحم. وفي كل زيارة، تقدّم الطبيبة شرحًا عن نتائج الفحوص، مما يطمئن الأم ويعزّز ثقتها بصحّة حملها.
الخرافات مقابل الحقائق العلمية
على مرّ العصور، انتشرت اعتقادات شعبية لتوقّع جنس الجنين، مثل شكل البطن أو الرغبة في أطعمة معيّنة. غير أنّ الأبحاث أثبتت أنّ هذه التكهّنات غير دقيقة ولا يمكن الاعتماد عليها.

تقول الحقائق الطبية إنّ تحديد الجنس لا يتحقّق إلا عبر الوسائل العلمية: التصوير الصوتي، والفحوص الجينية، أو في حالات نادرة عبر أخذ عيّنة من المشيمة أو السائل الأمنيوسي لأسباب طبية بحتة. لذلك يجب التمييز بين الموروث الشعبي والطب الحديث، والاعتماد على المصادر العلمية لتجنّب القلق والمعلومات المضلّلة.
الخلاصة
يتبيّن لنا أنّ جواب سؤال متى اعرف جنس الجنين يرتبط بالوسيلة المستخدمة: التصوير الصوتي ابتداءً من الأسبوع السادس عشر، أو الفحوص الجينية الدقيقة ابتداءً من الأسبوع العاشر. غير أنّ الأهم من معرفة الجنس هو متابعة المؤشّرات الطبية التي تؤكّد سلامة الحمل ونمو الجنين بطريقة صحيحة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن نتائج أبحاث جديدة تكشف سرّ العلاقة بين نوم الحامل ووزن مولودها.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ كل امرأة حامل تحتاج أن توازن بين فضولها الطبيعي لمعرفة جنس جنينها وبين تركيزها الأساسي على صحّته. فالأم الذكية لا تجعل الشغف بالتفاصيل يغطي على الصورة الكاملة، بل تبحث عن التطمين العلمي وتلتزم بالمراجعات الطبية المنتظمة. إنّ معرفة جنس الجنين تمنح فرحًا كبيرًا، لكن الاطمئنان إلى أنّه ينمو بصحّة هو المكسب الأثمن لكل أمّ.