يحذّر الأطباء في الآونة الأخيرة من خطورة إهمال شرب الماء لدى الأطفال، إذ تتجاوز آثار الجفاف حدود الصحة الجسدية لتصل إلى الأداء العقلي والتركيز اليومي. يحتاج الطفل إلى الماء ليحافظ دماغه على نشاطه، تمامًا كما يحتاج جسمه إلى الغذاء للنمو. ومع تزايد الإقبال على العصائر والمشروبات الغازية، يتناقص استهلاك الماء الصافي. ممّا يؤثّر مباشرة في وظائف الدماغ الحيوية.
في المقابل، تؤكّد الدراسات الحديثة أنّ الماء يؤدّي دورًا أساسيًا في نقل الأكسجين إلى الخلايا الدماغية وتنظيم درجة حرارة الجسم. ما يعني أن قلّته تُضعف الانتباه وتقلّل من القدرة على التعلّم. لذلك، يصبح وعي الأهل لهذه المسألة خطوة أساسية لحماية القدرات المعرفية عند أبنائهم.
الجفاف وتأثيره المباشر على الدماغ
يؤدّي الجفاف حتى في مستوياته الخفيفة إلى تراجع في الأداء الذهني للأطفال. فعندما ينقص الماء داخل الجسم، يتباطأ تدفّق الدم نحو الدماغ، وتنخفض كمية الأكسجين التي تصل إليه. بالتالي، يشعر الطفل بسرعة التعب، ويصبح أقلّ قدرة على التركيز أثناء الدراسة أو اللعب. كذلك، تزيد قلة الماء من الغضب والانفعال، ما ينعكس سلبًا على السلوك اليومي.
تُظهر الأبحاث الطبية أنّ فقدان نسبة بسيطة من سوائل الجسم قد يخفض القدرة على التذكّر والانتباه بنسبة ملحوظة. لذلك، يجب على الأهل مراقبة عدد أكواب الماء التي يشربها الطفل يوميًا. خصوصًا في الأجواء الحارّة أو أثناء النشاط البدني.
علامات تشير إلى نقص الماء عند الطفل
يستطيع الأهل ملاحظة علامات الجفاف بسهولة إذا راقبوا سلوك الطفل. من أبرز المؤشرات: جفاف الفم، وقلّة التبوّل، وشحوب الوجه، والنعاس خلال النهار. كما يمكن أن يشكو الطفل من صداع خفيف أو صعوبة في متابعة الدروس. كلّ هذه الإشارات تدلّ على حاجة الجسم إلى مزيد من الماء، وليس فقط إلى العصائر أو الحليب.
ومن المفيد تشجيع الطفل على شرب الماء بطرق ممتعة، مثل استخدام كوب ملوّن أو وضع شرائح الفاكهة فيه لإضافة نكهة طبيعية. ومع التكرار، تتكوّن عادة صحية تُرافقه مدى الحياة.
الماء ودوره في تحسين الأداء المدرسي
يرتبط الترطيب الجيد ارتباطًا وثيقًا بالأداء المدرسي. فالأطفال الذين يشربون كميات كافية من الماء يظهرون قدرة أعلى على التركيز أثناء القراءة والكتابة، ويتجاوبون بسرعة مع التعليمات. كما يلاحظ المعلّمون أنّ هؤلاء التلاميذ يتمتّعون بحيوية أكبر في الصف ويشاركون في الأنشطة الذهنيّة بثقة.
كذلك، يساعد الماء في تنظيم حرارة الجسم خلال فترات النشاط الجسدي، ما يقلّل من الشعور بالإرهاق. بالتالي، يصبح الطفل أكثر استعداداً للتعلّم وأقل عرضة للتشتّت أو النسيان.
إنّ الماء ليس مجرّد وسيلة لإرواء العطش، بل هو عنصر أساسي في نمو الدماغ وصحة التركيز عند الأطفال. وكلّما شجّع الأهل أبناءهم على شرب الماء بانتظام، ضمنوا لهم توازنًا جسديًا وذهنيًا أفضل. فالماء يصنع الفارق بين طفل متعب الذهن وآخر متّقد الذكاء والانتباه. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وتأثير قراءة القصص على قيم الطفل وشخصيّته.