لا شكّ أنّ علاج الم البطن للاطفال يشغل بال كل أم، لأنّ آلام البطن من أكثر المشاكل انتشارًا عند الصغار في مختلف الأعمار. وغالبًا ما يشعر الطفل بانزعاج مفاجئ في معدته، فيبدأ بالبكاء أو بفقدان الرغبة في تناول الطعام. هذا الألم قد يكون بسيطًا مرتبطًا بالغازات أو سوء الهضم، وقد يكون علامة على حال تحتاج متابعة دقيقة. لذلك تسعى الأمهات إلى حلول طبيعية وسهلة تساهم في التخفيف بسرعة ومن دون مخاطر.
وفي هذا المقال سوف نتناول وصفات منزلية فعّالة مدعومة بالعلم، تساعد الأم على التعامل مع هذه المشكلة اليومية. سنشرح دور الأعشاب والمشروبات الطبيعية، ونتطرّق إلى أساليب التدليك البسيطة، ونقدّم نصائح غذائية تحمي من تكرار الألم. وفي النهاية نضع بين يديكِ مجموعة توصيات تجمع بين الوقاية والعلاج، لتصبح حياتكِ مع طفلكِ أكثر راحة واطمئنانًا.
شاي البابونج لراحة المعدة
يُعتبَر شاي البابونج من أقدم الوصفات التي استخدمتها الجدّات لتهدئة معدة الأطفال. يحتوي البابونج مركّبات طبيعية تُسهم في ارتخاء العضلات الملساء للأمعاء، وبالتالي يخفّف التشنّجات والانتفاخ. أشارت دراسة نُشرت في مجلة Molecular Medicine Reports إلى أنّ البابونج يمتلك خصائص مضادة للالتهاب ومهدّئة للهضم. ما يجعله خيارًا آمنًا للأطفال عند تناوله بكميات معتدلة.

تستطيع الأم تحضير كوب دافئ من البابونج بكمية قليلة، ثم تقدّمه للطفل بعد أن يبرد قليلًا. ومن المهم ألّا يُضاف السكر بكمية كبيرة، لأنّ السكر قد يزيد حساسية الأمعاء. ومع الانتظام في استخدام هذه الوصفة، يلاحظ الأهل تحسّنًا واضحًا في نوم الطفل وهدوء جهازه الهضمي.
النعناع لتقليل الغازات
يُعرف النعناع بقدرته على تخفيف الغازات والانتفاخ بفضل مادة المنثول التي تؤدّي دورًا في ارتخاء الأمعاء. وقد أكّد المركز الوطني للصحة التكميلية في الولايات المتحدة أنّ زيت النعناع يستخدم منذ عقود لعلاج التشنجات الهضمية عند الأطفال والبالغين.
يمكن للأم غلي أوراق النعناع الطازجة في الماء وتقديمها كشراب دافئ للطفل. كما يمكن إضافة بضع قطرات من زيت النعناع إلى ماء الاستحمام لتوفير استرخاء عام. وبالطبع، يجب أن يكون الاستخدام تحت إشراف الأم وبكميات مناسبة، لأنّ الإفراط قد يسبّب حرقة أو إزعاجًا في المعدة. ومع ذلك، يبقى النعناع من أبسط العلاجات المنزلية وأكثرها فاعلية عند التعامل مع وجع البطن الناتج عن الغازات.
التدليك الدائري للبطن
لا تقتصر الحلول على الأعشاب فقط، بل يؤدّي تدليك الطفل دورًا أساسيًا في علاج آلام البطن. أظهرت أبحاث منشورة في Journal of Bodywork and Movement Therapies أنّ التدليك اللطيف للبطن يحفّز حركة الأمعاء ويخفّف من حدّة المغص عند الأطفال.

يمكن للأم استخدام زيت دافئ مثل زيت الزيتون، ثم تقوم بتدليك بطن الطفل بحركات دائرية باتجاه عقارب الساعة لمدّة خمس دقائق. تساعد هذه الحركات على دفع الغازات إلى الخارج وتمنح الطفل شعورًا بالراحة. كما يمكن دمج التدليك مع تهوئة الغرفة والحرص على جعل الطفل مستلقيًا بهدوء. عادةً ما تكون النتيجة سريعة، إذ يبدأ الطفل بالهدوء ويعود تدريجيًا إلى نشاطه المعتاد.
التدفئة باستخدام قربة الماء
من الطرق البسيطة التي أثبتت فعاليتها وضع قربة ماء دافئ على بطن الطفل. الحرارة تساعد على إرخاء عضلات البطن، وتخفّف من حدّة التشنّج. هذا الأسلوب مدعوم علميًا، إذ تشير الدراسات في مجال العلاج الفيزيائي إلى أنّ الحرارة الموضعية تقلّل من الإشارات العصبية المرتبطة بالألم.
تضع الأم القربة بعد لفّها بمنشفة قطنية، ثم تضعها برفق على بطن الطفل لبضع دقائق. لا يجب أن تكون الحرارة مرتفعة جدًا، بل معتدلة ومريحة. ومع التكرار، تصبح هذه الطريقة روتينًا منزليًا فعّالًا يُسهم في علاج الم البطن للاطفال من دون الحاجة إلى أدوية دوائية في الحالات البسيطة.
الغذاء المتوازن كخط دفاع
يؤدّي الغذاء دورًا محوريًا في الوقاية والعلاج معًا. فعند تقديم وجبات متوازنة تحتوي أليافًا من الخضار، وفواكه طازجة، وحبوب كاملة، يصبح الجهاز الهضمي أكثر انتظامًا. وأظهرت أبحاث منشورة في American Journal of Clinical Nutrition أنّ الألياف تساعد على تنظيم حركة الأمعاء وتمنع الإمساك، وهو أحد أبرز أسباب آلام البطن عند الأطفال.

من جهة أخرى، ينبغي تقليل الأطعمة المقلية والمشروبات الغازية والسكريات المكرّرة. كما يُستحسن تقسيم الوجبات إلى كميات صغيرة على مدار اليوم. بهذه الطريقة، لا يشعر الطفل بضغط على جهازه الهضمي. وبذلك لا يكون العلاج فقط وقت الألم، بل وقاية طويلة الأمد تجعل معدة الطفل أكثر صحة واستقرارًا.
الخلاصة
بعد استعراض هذه الوصفات الطبيعية، يتبيّن أنّ علاج الم البطن للاطفال لا يحتاج دائمًا إلى أدوية معقّدة. فالأعشاب مثل البابونج والنعناع، والتقنيات البسيطة كتدليك البطن والتدفئة الموضعية، إضافة إلى النظام الغذائي السليم، جميعها وسائل فعّالة وآمنة أثبتت الدراسات جدواها. ومع ذلك، يبقى من الضروري مراجعة الطبيب إذا تكرّر الألم بشكل شديد أو رافقته عوارض أخرى مثل الحمى أو القيء المستمر. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ طرق تعليم المشي للأطفال.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الأم التي تختار الحلول الطبيعية لعلاج طفلها تمنحه فرصة لتقوية جهازه الهضمي من دون تعريضه لجرعات دوائية غير ضرورية. إنّها لا تكتفي بتهدئة الألم، بل تبني أسلوب حياة صحي يعتمد الوقاية قبل العلاج. ولذلك أنصح كل أم بأن تجعل هذه الوصفات جزءًا من روتينها المنزلي، وأن تثق دائمًا بقدرتها على توفير الراحة والأمان لطفلها بطرق بسيطة وعلمية في آن واحد.