في عالم الطب والتغذية، يزداد الاهتمام يومًا بعد يوم بتأثير العناصر الغذائية على تطوّر الجنين. من بين هذه العناصر، يبرز الحديد كلاعب أساسي ليس فقط في دعم نمو الجنين في الرحم، بل أيضًا—بحسب أبحاث جديدة—في تحديد جنسه البيولوجي.
وقد ظهرت مؤخرًا دراسة علمية مثيرة للجدل، أجريت على الفئران، تكشف وجود علاقة قوية بين نقص الحديد خلال الحمل وظهور تغيّرات في تحديد الجنس لدى الجنين. في ما يلي، نسلّط الضوء على تفاصيل هذه الدراسة وما تعنيه فعليًا للنساء الحوامل.
الجين المسؤول عن الذكورة
في الأسابيع الأولى من تكوّن الجنين، يبدأ الجين Sry الموجود على الكروموسوم Y في العمل لتحديد الذكورة. يرسل هذا الجين إشارات تدفع الجنين للنمو كذكر. لكن المفاجأة أن هذا الجين لا يعمل من تلقاء نفسه، بل يعتمد على وجود الحديد لكي ينشط بشكل طبيعي. بدون كمية كافية من الحديد، يتوقف عمل الجين، فيبدأ الجسم في التطوّر كأنثى، رغم وجود الكروموسوم الذكري!

ماذا أظهرت الدراسة؟
توصّلت التجارب التي أجريت على فئران حوامل إلى نتائج دقيقة:
- عند تقليل الحديد في أجسام الأمهات، لاحظ العلماء أن بعض الأجنّة الذكور فقدت القدرة على تنشيط جين Sry.
- هذا التوقّف أدّى إلى نمو هذه الأجنة كإناث، رغم أنها وراثيًا ذكور.
- في تجارب إضافية، تمّ تقليل الحديد مباشرة في أنسجة الأجنّة، مما أكد تأثير الحديد المباشر على الجين المرتبط بالجنس.
ما دلالة ذلك على البشر؟
صحيح أن الدراسة أجريت على الفئران، لكن نتائجها تفتح بابًا واسعًا للتساؤل حول إمكانية وجود تأثير مشابه لدى البشر. فكما يحتاج الجنين الحديد لتكوين خلاياه ونمو دماغه، قد يكون لهذا العنصر الحيوي أيضًا دور أعمق في تحديد صفاته البيولوجية.
ولهذا السبب، تنصح الجمعيات الطبية العالمية، مثل منظمة الصحة العالمية (WHO)، الحوامل بالحفاظ على مستوى كافٍ من الحديد طوال فترة الحمل، لتفادي الأنيميا وضمان نمو سليم للجنين على كل المستويات.
تشير دراسة حديثة أجريت على الفئران إلى أن نقص الحديد عند الحامل قد يؤثر على جنس الجنين من خلال تعطيل الجين المسؤول عن تحديد الذكورة. ورغم أن هذه النتائج لا تؤكد وجود نفس التأثير لدى الإنسان، فإنها تذكّرنا بأهمية التغذية المتوازنة للحامل، خصوصًا في ما يتعلّق بالحديد.
وبحسب هذه المؤشرات، يُحتمل أن يكون للحديد دور أكبر مما كنا نعتقد في تكوين الخصائص البيولوجية للجنين. مما يعزز ضرورة المتابعة الطبية الدقيقة للحامل منذ الشهور الأولى. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن اهم الفيتامينات للحامل لتعزيز نموّ الجنين.