تشهد مرحلة ما بعد الولادة، المعروفة باسم “Postpartum”، تغيرات جسدية ونفسية عميقة في حياة كل أم. وعلى الرغم من أنّ هذه المرحلة مشتركة بين جميع النساء في العالم، إلا أن طريقة التعامل معها تختلف جذريًا من بلد لآخر، بناءً على التقاليد والثقافات والعادات الصحية المتّبعة.
سوف نستعرض في هذا المقال كيف تتعامل بعض الدول مع فترة ما بعد الولادة، مع التركيز على الدعم العاطفي والجسدي الذي تتلقاه الأم. وذلك من خلال تجارب متنوّعة في كلٍّ من المغرب، وهولندا، وإندونيسيا، والصين، وكوريا والجنوبية والمكسيك.
المغرب
تولي الثقافة المغربية أهمية كبيرة لفترة ما بعد الولادة، حيث تُعتبر الأم خلال أول 40 يومًا في حال “ضعف”. تسمى هذه المرحلة “النفاس”، وتؤدّي العائلة دورًا أساسيًا في دعم الأم نفسيًا وجسديًا. تحيطها بالرعاية، وتحرص على راحتها وتغذيتها، ممّا يخلق جوًا من الأمان والاحتواء.

هولندا
في هولندا، تستفيد الأمهات من نظام صحّي يُعرَف بـ”Kraamzorg”. خلال أول 8 إلى 10 أيام بعد الولادة، تزورهن مختصّة كل يوم في المنزل، تُقدّم لهنَّ النصائح وتساعد في العناية بالمولود، ممّا يخفف من التوتّر ويمنح الأم فرصة للاستراحة مع الشعور بالدعم المهني المتواصل.
إندونيسيا
تعتمد العائلات الإندونيسية على طقوس روحية وثقافية، حيث لا يُسمح للطفل بملامسة الأرض طوال أول 3 أشهر. يُحمل الرضيع طوال الوقت حتى يُقدّم إلى الأرض في احتفال خاص يُعرف باسم “Nyambutin”. يرمز هذا الطقس إلى الحماية الروحية والانتقال السلمي إلى الحياة.
الصين
في الصين، تبدأ الأم مباشرةً بعد الولادة ما يُعرف بـ”الشهر الذهبي”. تلتزم الأم بالبقاء داخل المنزل في جو دافئ، تتناول أطعمة مغذية وتمضي هذه الفترة في التعافي التام من آثار الولادة. لا تتحمل أي مسؤوليات إضافية، فالعائلة تتكفّل بكل شيء من أجل تسريع شفائها.
كوريا الجنوبية
توفّر كوريا الجنوبيّة تجربة فريدة من خلال مراكز “Sanhujoriwon”. تلجأ الأم إلى هذه المراكز مباشرةً بعد الولادة، لتمضي فيها عدّة أسابيع تتلقّى خلالها جلسات تدليك، وعناية شخصيّة، ودعم نفسي وغذائي. تهدف هذه التجربة إلى إعادة توازنها الصحي وتعزيز رفاهيتها.
المكسيك
في المكسيك، تُعرَف هذه المرحلة بـ”la cuarentena”. تبقى الأم في كنف عائلتها لمدة 40 يومًا، حيث تتولّى “الجدّات” العناية بها ومساعدتها في شؤون المنزل وتقديم الدعم العاطفي. يُعتبر هذا التقليد رمزًا للتكاتف الأسري في أهم مراحل حياة المرأة.
تختلف تجربة ما بعد الولادة بين بلد وآخر، ولكنّ القاسم المشترك بينها جميعًا هو أهمية الدعم والرعاية للأم في هذه المرحلة الدقيقة. في كل ثقافة، تبرز طرق خاصة للاعتناء بالمرأة، ممّا يبرهن على الوعي العالمي بضرورة تمكين الأم وتعزيز تعافيها الجسدي والنفسي بعد الولادة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ ماذا يحدث نفسيًا للأم الجديدة بين التوقعات والواقع؟