هل يشعر زوجك بالارتباك خلال الحمل؟ نعم، هذا السؤال يفتح بابًا مهمًا لفهم مشاعر الرجل خلال فترة الحمل. كثيرًا ما ينشغل الجميع بالحامل وتغيراتها الجسدية والنفسية، لكن قلّما نلتفت إلى ما يشعر به الزوج. في الواقع، يعيش هو أيضًا فترة مليئة بالتساؤلات، والشعور بالقلق والتوتّر، وربما حتى الخوف. قد يُخفي مشاعره كي لا يُظهر ضعفًا، أو قد يعبّر عنها بشكل مفاجئ وغير مفهوم.
في هذا المقال، سنكشف الأسباب النفسية والعلمية التي تفسّر هذا الارتباك، وسنقدّم لكِ خطوات عملية للتعامل معه بحكمة. ستجدين شرحًا مبنيًا على دراسات موثوقة ونصائح واقعية يمكنك تطبيقها بسهولة في حياتك اليومية.
لماذا يشعر الزوج بالارتباك أثناء الحمل؟
بدايةً، لا بدّ أن نفهم الجذور. لا يمرّ الزوج بتغيرات جسدية، لكنه يعيش صراعًا نفسيًا داخليًا. وفقًا لدراسة نُشرت في Journal of Affective Disorders عام 2020، فإن ما يقارب 10% من الأزواج يعانون من عوارض قلق واكتئاب خلال فترة حمل الزوجة، لا سيما الحمل الأول. هذا القلق يعود إلى عدّة عوامل: الخوف من المسؤولية، وتغيّر العلاقة الحميمة، والتحديات المالية، والخشية من فقدان الحريّة الشخصية.

إضافةً إلى ذلك، قد يشعر الرجل بأنه مستبعد من الاهتمام، خاصّةً إن كانت الزوجة تركز فقط على الجنين أو على نفسها. هذا الاستبعاد يدفعه إلى الانسحاب، أو في بعض الحالات، إلى إظهار سلوك غريب أو بارد.
التغيرات الهرمونية ليست خاصة بكِ فقط
قد تندهشين، لكن العلم يُثبت أن التغيرات الهرمونية لا تقتصر على النساء.
نُشرت دراسة كندية في American Journal of Human Biology عام 2012 أظهرت أن الرجال أيضًا يمرّون بانخفاض في هرمون التستوستيرون وارتفاع في البرولاكتين خلال فترة حمل زوجاتهم. ما يجعلهم أكثر حساسية وتعاطفًا، ولكن أيضًا أكثر عرضة للقلق والتوتر.
هذا يعني أن هل يشعر زوجك بالارتباك خلال الحمل؟ ليس سؤالًا بسيطًا، بل حقيقة علمية تحتاج إلى وعي عاطفي منكِ كزوجة.
كيف تُعبّرين له عن التقدير والاحتواء؟
من المهم أن يشعر الزوج بأنه جزء من هذه التجربة.
أظهرت دراسات متعددة أن الدعم العاطفي المتبادل بين الزوجين خلال الحمل يقلل من الشعور بالتوتر ويقوّي العلاقة. لذلك، احرصي على ما يلي:

- استمعي له من دون مقاطعة.
- اسأليه عن مشاعره من دون ضغط.
- شاركيه في اختيارات الحمل مثل اسم الطفل أو تجهيز الغرفة.
- امدحيه على جهوده، حتى الصغيرة منها.
كل تصرف بسيط منكِ يترك أثرًا كبيرًا في نفسيته. استخدمي كلمات إيجابية، وعبّري له عن ثقتك بقدراته كأب مستقبلي.
التواصل هو المفتاح
كثير من الرجال لا يُجيدون التعبير عن مشاعرهم بالكلمات.
وهنا يأتي دورك. اطرحي عليه أسئلة مفتوحة، مثل: “كيف تشعر حيال وصول طفلنا؟” أو “ما أكثر ما يقلقك الآن؟”. هذه الأسئلة تفتح مجالًا للحوار، بعيدًا عن الحكم أو النقد.
اختاري الوقت المناسب للحديث، عندما يكون مرتاحًا وليس منشغلًا أو غاضبًا. تجنّبي النقاش أثناء الخلافات، وركّزي على بناء مساحة آمنة للتعبير المتبادل.
لا تهملي نفسك في سبيله
في سعيك لفهمه واحتوائه، لا تنسي نفسك. التوازن هو الحل. كوني حنونة، لكن لا تحمّلي نفسك أكثر من طاقتك. حافظي على صحتك النفسية، واطلبي الدعم إذا احتجتِ. يمكن للطبيب أو المستشار الأسري أن يساعدكما معًا في فهم هذه المرحلة.

تذكّري، أنكِ لستِ وحدكِ، والكثير من النساء يمررنَ بالموقف نفسه، ويسألن: هل يشعر زوجك بالارتباك خلال الحمل؟ والإجابة: نعم، لكن مع الفهم والدعم، يمكن تخطيه بسهولة.
ما الذي يجب تجنّبه؟
هناك بعض الأخطاء الشائعة التي قد تزيد من توتر العلاقة، منها:
- السخرية من مشاعره أو التقليل من شأنها.
- التوقف عن الحديث معه بشأن الحمل.
- تجاهل حاجته للهدوء أو الانعزال المؤقت.
كل هذه الأمور قد تزرع الجفاء بينكما. بدلًا من ذلك، كوني صبورة، واستعملي كلمات مشجعة، ولا تتوقعي منه الكمال، تمامًا كما لا تتوقعينه من نفسك.
متى تحتاجين إلى مساعدة خارجية؟
أحيانًا، قد يكون ارتباك الزوج عميقًا لدرجة تؤثر على العلاقة بأكملها.
إذا لاحظتِ علامات اكتئاب عليه، مثل الانعزال المستمر، فقدان الرغبة في العمل أو النوم، أو كلام سلبي عن الأبوة، لا تترددي في اقتراح زيارة مستشار نفسي أو طبيب.
الدعم المهني ليس ضعفًا، بل خطوة ذكية نحو علاقة صحية.
في النهاية، لا تنسي أن رحلة الحمل ليست لكِ وحدك. صحيح أنكِ من تحملين الجنين، لكن الزوج أيضًا يعيش مرحلة انتقالية مليئة بالمشاعر المختلطة. سؤالك: هل يشعر زوجك بالارتباك خلال الحمل؟ لا يجب أن يبقى بلا جواب. افهمي مشاعره، وتواصلي معه، وشاركيه التجربة بكل تفاصيلها.
بهذا، لا تسهمين فقط في حماية علاقتكما الزوجية، بل تمهّدين أيضًا لطفل يولد في بيئة مستقرة ومليئة بالمحبّة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كيف يتغير الشريك خلال الحمل.. ولماذا لا يتحدث عن ذلك؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الاعتراف بمشاعر الزوج خلال الحمل لا يقل أهمية عن الاهتمام بالحامل نفسها. في كثير من المجتمعات، يُطلب من الرجل أن يكون قويًا ومتماسكًا من دون النظر إلى ما يمرّ به من ضغط وتوتر داخلي. لذلك، أدعو كل امرأة أن تفتح قلبها، وتمنح زوجها مساحة للتعبير، وألّا تعتبر الحمل مسؤوليتها وحدها، بل مرحلة شراكة حقيقية تُبنى فيها أسس العائلة السعيدة.