هل المضاد الحيوي يضر الحامل فعلًا؟ يتبادر هذا السؤال إلى أذهان العديد من النساء أثناء فترة الحمل، نظرًا للحساسية الكبيرة لهذه المرحلة وتأثير كل ما تتناوله الأمّ على الجنين. الحمل هو فترة تتطلّب عناية خاصّة، إذ ينبغي على المرأة الانتباه لكلّ ما تستهلكه من أطعمة وأدوية. يُعد المضاد الحيوي من العلاجات الضروريّة التي قد تلجأ إليها المرأة الحامل عند الإصابة بعدوى بكتيرية، ولكن يترافق ذلك مع مخاوف حول تأثيره على الحمل ونموّ أو تطوّر الجنين.
في هذا المقال، سنجيب عن الأسئلة الأكثر شيوعًا مثل: هل المضاد الحيوي يسقط الجنين ؟ وتناوله يسبّب تشوّه الطفل في الرحم؟، كما سنوضّح المدة المناسبة لاستخدام المضادات الحيويّة أثناء الحمل، كلّ ذلك بناءً على دراسات علمية ومصادر موثوقة.
هل المضاد الحيوي يسقط الجنين؟
هل المضاد الحيوي يضر الحامل ويسقط الجنين؟ قد يخشى الكثير من الناس أن يؤدّي استخدام المضادات الحيوية أثناء الحمل إلى الإجهاض. تستند هذه المخاوف غالبًا إلى معلومات غير موثوقة أو تجارب شخصيّة، ولكن الواقع العلمي يشير إلى أن الإجابة ليست بهذه البساطة.
يعتمد تأثير المضادات الحيوية على الجنين على نوع المضاد الحيوي المستخدم، والجرعة، ومدة الاستخدام، ومرحلة الحمل التي تمر بها المرأة.
أظهرت العديد من الدراسات أنّ تناول بعض المضادات الحيوية يُعَدّ آمنًا تمامًا للاستخدام أثناء الحمل، مثل البنسلين والأموكسيسيلين، والتي تُستخدَم بشكل شائع لعلاج العدوى البكتيرية من دون تأثيرات سلبية تُذكر على الحمل. وهذا ما أكّده موقع Best use of medicines in pregnancy في مقالة نُشِرَت عبره عام 2017 تحت عنوان “Penicillin antibiotics”، والتي يمكن الاطّلاع عليها من خلال الضغط هنا.
ومع ذلك، هناك أنواع أخرى من المضادات الحيوية قد تؤدّي إلى مضاعفات خطيرة، مثل التتراسيكلين، الذي يُعتبر غير آمن لأنّه قد يؤثر على نمو العظام والأسنان في مختلف مراحل نمو الجنين بالاشهر والاسابيع، وخاصة في الأشهر الأخيرة من الحمل. لذلك، يوصى دائمًا باستشارة الطبيب قبل تناول أيّ نوع من الأدوية أثناء الحمل، والتأكّد من اختيار العلاج الأكثر أمانًا.
هل المضاد الحيوي يسبب تشوه الجنين؟
هل المضاد الحيوي يضر الحامل ويسبب تشوّهات لدى الجنين؟ هذا القلق مشروع، خصوصًا إذا كانت المرأة تستخدم المضادات الحيوية في المراحل الأولى من الحمل حيث تكون الأعضاء الرئيسية للجنين في طور التكوين. قد تؤثر بعض المضادات الحيوية بالفعل على تكوين الجنين إذا تمّ استخدامها من دون إشرافٍ طبيٍّ دقيق.
وفقًا لموقع Reuters في مقالة نُشِرَت عبره عام 2020 تحت عنوان “Common antibiotics tied to miscarriages may also lead to birth defects”، تشير الدراسات إلى أنّ هناك بعض المضادات الحيوية التي قد يزيد تناولها من خطر التشوهات الجنينية، مثل الفلوروكينولونات، والتي قد تؤثّر على تطور العظام والغضاريف، وكذلك الأمينوغليكوزيدات التي قد تؤثّر على الكلى أو السمع لدى الجنين. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
من ناحية أخرى، يُعتبَر تناول المضادات الحيويّة مثل البنسلين والكلافولانيك أسيد آمنًا جدًا للاستخدام، ولا يحمل مخاطر كبيرة. لذا، ينبغي دائمًا اختيار العلاج الذي يحقّق التوازن بين معالجة العدوى وحماية الجنين، وذلك بالتشاور مع الطبيب.
كم مدّة استخدام المضاد الحيوي للحامل؟
هل المضاد الحيوي يضر الحامل وما هي المدّة الموصى بها لتفادي هذه الأضرار؟ تعتمد مدّة العلاج بالمضاد الحيوي للحامل بشكلٍ كبير على نوع العدوى التي تعاني منها المرأة ونوع المضاد الحيوي الذي يوصي به الطبيب.
على العموم، تتراوح مدّة العلاج بين 5 و10 أيام في معظم الحالات. ومع ذلك، قد تختلف هذه المدّة بناءً على شدّة العدوى ونوع البكتيريا المسببة لها، وكذلك على صحّة المرأة الحامل ومدى استجابتها للعلاج.
يجب على الحامل أن تلتزم بشكلٍ دقيقٍ بالجرعات والمدّة المحدّدة من قبل الطبيب. كما يجب تجنّب التوقف عن تناول المضاد الحيوي قبل انتهاء المدّة المحدّدة حتى في حال الشعور بالتحسّن، لأنّ ذلك قد يؤدّي إلى عودة العدوى بشكلٍ أقوى أو تطوّر البكتيريا لمقاومة المضاد الحيوي، ممّا يجعل من الصعب معالجتها في ما بعد.
كما أنّ هناك اعتقاد شائع بأنّ تناول المضادات الحيويّة لفتراتٍ طويلة قد يؤثّر سلبًا على الحمل، إلّا أنّ هذه الفكرة ليست دقيقة تمامًا. يجب أن تكون مدّة العلاج محدّدة بناءً على نوع العدوى، وفي حال الالتزام بتعليمات الطبيب فإن معظم المضادات الحيوية لن تشكّل خطرًا على صحّة الجنين.
التوصيات الطبية لاستخدام المضاد الحيوي أثناء الحمل
يتطلّب استخدام المضاد الحيوي أثناء الحمل تقييمًا دقيقًا لحال الأم الصحيّة والعدوى التي تواجهها. هناك مجموعة من التوصيات التي يجب اتّباعها لضمان الحفاظ على سلامة الأم والجنين أثناء العلاج:
- التشاور مع الطبيب: يجب على الحامل استشارة الطبيب دائمًا قبل البدء في استخدام أي مضاد حيوي، لضمان اختيار النوع المناسب والآمن.
- اختيار المضاد الحيوي الآمن: تُعتبَر بعض المضادات الحيويّة مثل البنسلين آمنة وفعّالة خلال الحمل، بينما يجب تجنّب تناول أنواع أخرى مثل التتراسيكلين والفلوروكينولونات.
- التزام الجرعات المحدّدة: من المهمّ الالتزام بالجرعة والمدة الموصى بها من قبل الطبيب لتجنّب حدوث أيّ مضاعفات صحيّة للأم أو الجنين.
- الامتناع عن تناول الأدوية بدون وصفة: يجب تجنّب تناول المضادات الحيوية أو أي أدوية أخرى دون استشارة طبية.
في النهاية، يبقى السؤال: هل المضاد الحيوي يضر الحامل فعلًا؟ تعتمد الإجابة بشكلٍ كبيرٍ على نوع المضاد الحيوي والجرعة المستخدَمة، بالإضافة إلى مرحلة الحمل التي تمرّ بها الأم. هناك أنواع من المضادات الحيوية التي تُعتبَر آمنة وضروريّة لعلاج العدوى البكتيريّة التي قد تشكّل خطرًا أكبر على الأمّ والجنين إذا لم يتمّ علاجها. ومع ذلك، قد يُشكّل الحصول على بعض المضادات الحيويّة خطرًا على صحّة الجنين إذا لم تُستخدَم بحذرٍ وتحت إشرافٍ طبي. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأخيرناكِ أي أدوية مسموح تناولها خلال الحمل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، يجب على كل حامل أن تضع في اعتبارها أن تناول الأدوية خلال الحمل يتطلب عناية وتوجيهات دقيقة من الطبيب. لا يمكن الاستناد إلى تجارب الآخرين أو المعلومات غير المؤكّدة عند اتّخاذ قرار يتعلّق بصحّة الجنين. لذا تُعَدّ استشارة الطبيب هي الخطوة الأساسيّة لضمان الحفاظ على صحة الأم وطفلها، ويجب تجنّب الحصول على أي نوع من الأدوية من دون إشراف طبّي مختصّ.
