تنمو شخصية الطفل في السنوات الأولى بسرعة مذهلة، ويحتاج في هذه المرحلة إلى أساس عاطفي متين يبني عليه مستقبله. لا تقتصر أهمية هذه السنوات على التعلّم أو اللعب فقط، بل على شعوره بالأمان الداخلي الذي يمنحه القدرة على تعزيز الثقة بنفسه وبالعالم من حوله.
وفي الواقع، قبل عمر الثلاث سنوات، لا يشكّل الأصدقاء أو التجمّعات الاجتماعية الأولوية الكبرى في حياة الطفل. بل تبقى الأم أو الأب هما الدائرة الأهم، المصدر الذي يمدّه بالحنان والطمأنينة. ومن هنا تبدأ ملامح الاستقرار النفسي بالتشكّل خطوة بعد أخرى.
الحضور العاطفي يبني الأمان
عندما تمنحين طفلك وقتكِ واهتمامكِ، تزرعين داخله إحساسًا بالحب غير المشروط. هذا الحضور اليومي يعلّمه أن يجد فيكِ الملجأ الذي يعود إليه في كل لحظة قلق أو خوف. ومع كل لمسة حنان وكلمة دعم، يترسّخ داخله الشعور بالثقة الذي سيحمله معه مدى الحياة.
الثقة بالنفس تنمو من العلاقة مع الوالدين
لا تأتي الثقة من الفراغ، بل تنبت من العلاقة الوثيقة بين الطفل ووالديه. عندما يشعر بأنكِ تستمعين له وتصغين لاحتياجاته الصغيرة، يدرك أنّ له قيمة حقيقية. هذه القيمة تُترجَم لاحقًا إلى جرأة في التعلّم، ورغبة في الاستكشاف، واستعداد للتفاعل مع الآخرين في الوقت المناسب.
الصداقات تأتي لاحقًا
من الطبيعي أن يكوّن الطفل صداقات مع دخول مرحلة الروضة أو المدرسة. لكن، في السنوات الأولى، لن يشعر بأي نقص إذا لم يكن لديه أصدقاء كُثُر. ما يحتاجه فعلًا هو الأمان الداخلي الذي تمنحينه له، وعندما يكتمل هذا الأساس، ستأتي العلاقات الاجتماعية بسهولة ومن دون قلق.
في النهاية، يبقى دوركِ كأم أو كأب هو الركيزة الأساسية في حياة طفلكِ قبل عمر الثلاث سنوات. وجودكِ وحضوركِ اليومي يصنعان الفارق الأكبر، لأنّ الصداقات ستأتي لاحقًا، أما الأمان الداخلي والثقة بالنفس فلا يزرعهما إلا دفء العائلة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ طرق تعليم المشي للأطفال التي تجعل طفلكِ أكثر ثقة بخطواته منذ البداية.