قياس حرارة الطفل هو أول ما تفكّرين به عندما تلاحظين على صغيرك أيّ علامات تعب أو حرارة مرتفعة. فالحرارة، وإن بدت عرضًا بسيطًا، تُعَدّ مؤشّرًا مهمًّا يعبّر عن حال الطفل الصحيّة. ومن هنا، فإنّ معرفة كيفيّة قياسها بشكل دقيق أمر أساسي لا يمكنك تجاهله.
في هذا المقال، سنقدّم لكِ دليلًا شاملًا حول أنواع أجهزة قياس حرارة الطفل، مع مزايا وعيوب كلّ نوع. كما سنستعرض نصائح عمليّة من كبار خبراء طب الأطفال، إلى جانب معايير الدقّة التي يجب مراعاتها.
أهميّة الدقّة في قياس حرارة الطفل
ارتفاع حرارة الطفل ليس مجرّد رقم يظهر على الجهاز. بل هو رسالة يوجّهها جسم الطفل ليُخبركِ أنّ هناك التهابًا، وعدوى، أو مشكلة أخرى تحتاج إلى انتباهكِ.

في الواقع، تُظهر الدراسات الحديثة أنّ الفروقات البسيطة بين درجات الحرارة قد تؤدّي إلى قرارات طبيّة مختلفة تمامًا (Sund-Levander et al., 2002). لذا، إنّ استخدام جهاز دقيق يُعتبر خطوة لا غنى عنها في رعايتكِ لطفلكِ.
وبالتالي، يبقى السؤال: أيّ جهاز هو الأدق؟ دعينا نستعرض سويًّا الأنواع المختلفة.
أنواع أجهزة قياس حرارة الطفل
١- جهاز قياس الحرارة عن طريق المستقيم
يُعتبر هذا الجهاز المعيار الذهبي، خاصّة للرضّع دون سنّ الثلاث سنوات. حيث يتمّ إدخال الميزان بلطف في فتحة الشرج لقياس الحرارة الداخليّة بدقّة عالية.
- الإيجابيات: دقّة ممتازة، ومناسب للحالات الطارئة، ومعتمد في أغلب المستشفيات.
- السلبيات: إجراء مزعج للطفل، يتطلّب تعقيمًا دقيقًا.
٢- جهاز قياس الحرارة من الأذن (ميزان حرارة الأذن)
يعمل بتقنيّة الأشعّة تحت الحمراء لقياس الحرارة في طبلة الأذن.
- الإيجابيات: سهل الاستخدام، سريع (ثوانٍ فقط)، مريح للأطفال الكبار.
- السلبيات: نتائجه قد تتأثّر بوجود الشمع في الأذن أو إذا وُضع الجهاز بطريقة خاطئة.
٣- جهاز قياس الحرارة عن بعد (الجبين أو الجبهة)
يُعدّ من أكثر الأجهزة رواجًا حاليًا، خاصّة مع الأطفال كثيري الحركة.
- الإيجابيات: لا يحتاج إلى ملامسة، مثالي أثناء النوم، قراءة فوريّة.
- السلبيات: دقّته أقل مقارنة بالمستقيم أو الأذن، يتأثّر بعوامل خارجيّة مثل تيّارات الهواء.
٤- جهاز قياس الحرارة الفموي
مناسب للأطفال فوق عمر ٤ سنوات الذين يمكنهم إبقاء الميزان تحت اللسان بهدوء.
- الإيجابيات: دقّة جيّدة، سعر اقتصادي.
- السلبيات: غير مناسب للرضّع أو للأطفال الذين لا يمكنهم إغلاق الفم جيّدًا.
معايير اختيار جهاز قياس حرارة الطفل المناسب
لكلّ جهاز استخداماته. ولكن قبل شراء أيّ نوع، فكّري في الأمور التالية:

- عمر الطفل: الرضّع بحاجة إلى دقّة قصوى → جهاز المستقيم. الأطفال الأكبر سنًا → الأذن أو الجبهة.
- سهولة الاستخدام: هل تفضّلين جهازًا سريعًا أثناء الليل؟ جهاز الجبهة سيكون خيارًا جيّدًا.
- حركة الطفل: الأطفال كثيرو الحركة يصعب تثبيت ميزان الأذن أو الفم في فمهم أو أذنهم.
- ميزانيتكِ: أجهزة الجبهة المتطوّرة قد تكون مرتفعة الثمن، لكنّها تتيح الراحة وسهولة الاستخدام.
نصائح عمليّة من الخبراء عند قياس حرارة الطفل
يؤكّد الخبراء أنّ اختيار الجهاز ليس وحده ما يحدّد دقّة القراءة. بل هناك خطوات بسيطة يجب أن تتّبعيها:
١- اتّبعي تعليمات الشركة المصنّعة حرفيًّا. كلّ جهاز له طريقة استخدام معيّنة تؤثّر مباشرة على النتيجة.
٢- انتظري الوقت المناسب بعد الاستحمام أو تناول الطعام. لأنّ الحرارة قد تكون مؤقّتًا مرتفعة بعد هذه الأنشطة.
٣- نظّفي الجهاز بانتظام. وجود الأوساخ أو بقايا الشمع في أجهزة الأذن يؤدّي إلى قراءات غير دقيقة.
٤- قيسي الحرارة عدّة مرّات عند الشكّ. عند وجود فروقات واضحة، اعتمدي القراءة الأعلى وراجعي الطبيب.
٥- راقبي العلامات الأخرى. ارتفاع الحرارة المصحوب بخمول شديد أو صعوبة تنفّس يستدعي تدخّلًا عاجلًا.
متى يجب استشارة الطبيب فورًا؟
قياس حرارة الطفل يُساعدكِ في اتّخاذ القرار الصائب. ولكن في الحالات التالية، يجب ألّا تنتظري بل تُراجعين الطبيب فورًا:

- حرارة تتجاوز ٣٨ درجة مئويّة عند الرضّع أقل من ٣ أشهر.
- حرارة مستمرّة لأكثر من ٤٨ ساعة رغم العلاج.
- وجود طفح جلديّ مصاحب للحرارة.
- خمول شديد أو تغيّرات في وعي الطفل.
- صعوبة في التنفّس أو بكاء غير معتاد.
الخلاصة
في الختام، نؤكّد لكِ أنّ قياس حرارة الطفل ليس أمرًا يمكن الاستهانة به. الجهاز الذي تختارينه يؤدّي دورًا محوريًّا في دقّة التشخيص. كذلك، التزامكِ بتقنيات القياس الصحيحة هو الضمان الأوّل لرعاية طفلكِ بشكل علميّ وآمن. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أسباب الاستفراغ عند الأطفال بدون حرارة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أجد أنّه من الضروري لكلّ أمّ أن تستثمر في جهاز جيّد ومناسب لطفلها، مع الحرص على قراءة تعليماته بدقّة. كما أنصحكِ بعدم الاعتماد فقط على رقم الحرارة بشكلٍ كلّي، بل على مراقبة حال الطفل بشكل شامل. فغالبًا ما تكون العلامات الأخرى مثل النشاط والتنفّس هي الأكثر أهميّة في ما يتعلّق بموضوع سلامة الأطفال وصحّتهم العامّة. تذكّري دائمًا: طبيب الأطفال هو المرجع الأوّل عند أيّ شكّ، لذا لا تتردّدي أبدًا في مراجعته وزيارته عند مواجهة هذه المشكلة.