متى تشعر الحامل بحركة الجنين؟ يُطرح هذا السؤال كثيرًا من النساء في بداية الحمل. فبمجرد أن تتأكدي من وجود جنين في رحمكِ، تبدأين بانتظار تلك اللحظة الخاصة التي تشعرين فيها بالحركة الأولى. هي لحظة تختلط فيها المشاعر بين الدهشة، والفرحة، والاطمئنان. ليست مجرّد حركة، بل إعلان حيّ بأن هناك حياة تنمو بداخلكِ.
ومن خلال هذا المقال، سنُجيب عن السؤال بدقّة علمية. سنوضح في أي شهر تبدأ الحامل عادةً بالشعور بالحركة، وما الفرق بين حمل وآخر. كما سنذكر العوامل المؤثرة في توقيت الإحساس، إضافةً إلى شكل الحركة الأولى، ومتى يجب القلق في حال تأخرت. سنعتمد على مصادر طبية موثوقة ودراسات حديثة، مع تحليل دقيق لكل مرحلة. تابعي القراءة لتكتشفي تفاصيل تغيّر تجربتكِ بالكامل.
متى تبدأ حركة الجنين علميًا؟
تبدأ حركة الجنين داخل الرحم في وقت مبكر جدًا، تحديدًا من الأسبوع السابع أو الثامن من الحمل. لكن، ولأن الجنين يكون ما زال صغيرًا جدًا، فإن الحامل لا تشعر بهذه الحركات في البداية. حسب الجمعية الأمريكية للحمل، فإن معظم النساء يشعرن بالحركة ما بين الأسبوعين 18 و25 من الحمل، أي ما بين منتصف الشهر الرابع ونهاية الشهر السادس تقريبًا.
لكن، هناك فروقات واضحة بين الحمل الأول والحمل الثاني أو الثالث. في الحمل الأول، قد تتأخر الحامل في الإحساس بالحركة حتى الأسبوع 24. أما في الأحمال اللاحقة، فتكون الأم أكثر وعيًا بالتغييرات، وبالتالي قد تشعر بالحركة منذ الأسبوع 16.
كيف تكون حركة الجنين في البداية؟
غالبًا ما تكون الحركة الأولى للجنين خفيفة جدًا، وقد تُشبه فقاعات الهواء أو ارتعاش بسيط. بعض النساء يشبّهنها بالرفرفة أو كأنها “فراشة تطير داخل البطن”. وتكون هذه الإحساسات أكثر وضوحًا في وضعية الاستلقاء أو أثناء الراحة.
مع مرور الأسابيع، تزداد قوة هذه الحركات، وتتحوّل من ارتجاف خفيف إلى ركلات وتمددات. يبدأ الجنين بتحريك ذراعيه وساقيه، ويلتف داخل الرحم، وقد يصل الأمر إلى الشعور بانتفاضات رحميّة واضحة. هذا التغيّر التدريجي يجعل الأم أكثر ارتباطًا بهذا الكائن، ويُعطيها مؤشرًا يوميًا عن نمو الجنين في الرحم.
ما العوامل التي تؤثر في توقيت الإحساس بالحركة؟
بشكل عام، هناك عدة عوامل تؤثر على موعد الشعور بالحركة. أهمها:
- وضعية المشيمة: عندما تكون المشيمة أمامية (أي أمام الجنين)، فإنها تعمل كعازل وتُخفف من الإحساس بالحركة. وبالتالي، قد تتأخر الأم في الشعور بها.
- وزن الأم: في حال المعاناة من السمنة أو وجود طبقة دهنية سميكة في البطن، تقل احتمالية الإحساس بالحركة المبكرة.
- عدد الأحمال السابقة: تكون المرأة التي سبق لها الحمل أكثر قدرة على التمييز بين حركة الجنين وغيرها من التقلصات.
- نمط حياة الأم: المرأة كثيرة الانشغال قد لا تلاحظ الحركات البسيطة في البداية، على عكس من تُمارس التأمل أو تأخذ أوقاتًا للراحة.
كل هذه العوامل تجعل توقيت الإحساس بالحركة يختلف بين امرأة وأخرى، وهذا أمر طبيعي جدًا ولا يدعو للقلق.
متى يجب القلق من غياب حركة الجنين؟
رغم أن حركة الجنين تختلف من يوم لآخر، إلا أن هناك مؤشرات طبية يجب أخذها بجدّية. بعد الأسبوع 28، يجب أن تشعر الأم بحركات منتظمة كل يوم. وإن مرّ أكثر من 12 ساعة من دون أن تُسجّل أي حركة، يُفضل مراجعة الطبيب فورًا.
تشير الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد إلى أهمية ما يُسمى “مراقبة الركلات”، بحيث تُخصّص الحامل وقتًا معينًا يوميًا (مثلًا بعد الغداء) وتُسجّل عدد الحركات. يُفترض الشعور بـ10 حركات على الأقل خلال ساعتين.
وفي حال انخفضت الحركة أو توقفت فجأة، فإن ذلك قد يُشير إلى مشكلة في تدفق الدم أو نقص في الأكسجين الذي يصل إلى الجنين، وهو ما يتطلّب فحصًا عاجلًا.
ما الفائدة النفسية للشعور بحركة الجنين؟
لا تُعتبر الحركة مؤشرًا صحيًا فقط، بل لها أثر نفسي عميق على الأم. فبمجرد أن تبدأ الحامل بالشعور بالحركة، يتغيّر إدراكها للحمل. تنتقل من مرحلة القلق والخوف إلى مرحلة التعلّق والشعور بالارتباط.
كما تشير الدراسات النفسية إلى أن هذا الشعور يعزّز من إفراز هرمونات السعادة، مثل الأوكسيتوسين، ويقلّل من احتمالية الإصابة بالاكتئاب خلال الحمل. ولهذا السبب، تشجّع بعض البرامج النفسية الحوامل على تخصيص أوقات للاسترخاء والتواصل مع الجنين من خلال اللمس والكلام والموسيقى، خاصّةً بعد بدء الشعور بالحركة.
هل يمكن تعزيز الإحساس بحركة الجنين؟
نعم، هناك بعض الطرق التي تساعد على تعزيز الشعور بالحركة، منها:
- الاستلقاء على الجانب الأيسر: يزيد هذا الوضع من تدفق الدم إلى الرحم، ما يُحفّز الجنين على الحركة.
- تناول وجبة خفيفة: إنّ ارتفاع السكر في الدم قد يجعل الجنين أكثر نشاطًا.
- الاستماع إلى الموسيقى: تتفاعل بعض الأجنة مع الأصوات الخارجية.
- الابتعاد عن التوتر: يُسهم الحصول على الهدوء والاسترخاء في ملاحظة الحركات الدقيقة.
لكن، من المهم عدم الإفراط في القلق أو مراقبة الحركة بطريقة مهووسة، بل يُفضل المتابعة المنتظمة والاستشارة الطبية عند الحاجة.
الخلاصة
في النهاية، متى تشعر الحامل بحركة الجنين؟ يعتمد الجواب على عوامل كثيرة، منها الحمل الأول، ووضعية المشيمة، وبنية جسم الأم. لكن ما هو مؤكد، أن هذه اللحظة تحمل قيمة كبيرة، ليس فقط لأنها تدلّ على نمو الجنين، بل لأنها تؤثّر عاطفيًا ونفسيًا على الأم بشكل لا يُوصف. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأجبناك على سؤال: هل يؤثر توترك على نمو الجنين؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن لحظة الإحساس بحركة الجنين هي من أصدق اللحظات التي تربط الأم بجنينها. هي لحظة لا تُنسى، مليئة بالمشاعر والانفعالات. لذلك، أدعو كل امرأة حامل إلى التمهّل، الاسترخاء، والثقة بجسدها. فهذه الرحلة مليئة بالمعجزات، وتستحق أن تُعاش بتأمّل وامتنان.
