هل الإفرازات البنية من علامات الولادة؟ سؤالٌ شائع يطرحه الكثير من النساء في نهاية الحمل، مع اقتراب موعد الولادة وظهور تغيّرات عديدة في الجسم. فقد تلاحظين ظهور بعض الإفرازات الملوّنة التي قد تُثير الشعور بالقلق، وخصوصًا إذا كانت مائلة للبني. هذه الظاهرة، رغم شيوعها، لا يجب أن تُؤخَذ باستهانة، إذ قد تحمل إشارات دقيقة عن حال الجنين في الرحم وصحتكِ كأم.
في هذا المقال، سنشرح لكِ بشكل علمي ما إذا كانت الإفرازات البنية من علامات الولادة فعلًا، وما الفرق بينها وبين النزيف الخطر. سنقدّم لكِ العلامات التي تتطلّب مراجعة طبية فورية، ونفصّل الأسباب المحتملة لهذه الإفرازات. إضافةً إلى الإجراءات التي ينصح بها الأطباء عند ظهورها. تابعي القراءة لتعرفي كل التفاصيل التي تحتاجين إليها في هذه المرحلة الحساسة.
ما المقصود بالإفرازات البنية في نهاية الحمل؟
الإفرازات البنية هي إفرازات مهبليّة تحتوي دم قديم تحوّل لونه إلى البني بسبب تعرضه للهواء. تظهر عادةً في الأسابيع الأخيرة من الحمل، ويمكن أن تكون طبيعية في بعض الحالات. لكن، يجب التمييز بين الإفرازات الآمنة وتلك التي تدل على المعاناة من مشكلة صحيّة.

غالبًا ما تنتج الإفرازات البنية عن التهاب في عنق الرحم، خصوصًا بعد إجراء الفحص الداخلي أو ممارسة العلاقة الحميمة. إلا أن الأمر قد يتجاوز هذا التفسير البسيط، في بعض الأحيان، ويكون مؤشرًا على بداية الولادة أو حتى خطرًا يهدد الحمل.
هل الإفرازات البنية من علامات الولادة فعلًا؟
تظهر الإفرازات البنية أحيانًا قبل بدء المخاض، وخصوصًا إذا كانت مرفقة بتغيّرات في شكل أو كمية الإفرازات. لذلك، يتكرر طرح السؤال: هل الإفرازات البنية من علامات الولادة؟. والجواب هو: نعم، في بعض الحالات تكون كذلك، لكنها لا تكفي وحدها لتأكيد اقتراب الولادة.
بحسب دراسة نُشرت في Journal of Obstetrics and Gynecology، تُعَدّ الإفرازات البنية المصحوبة بانفصال جزئي للسدادة المخاطية أحد المؤشرات المبكرة لاقتراب المخاض. لكن، إذا رافقتها تقلصات شديدة، أو نزول مياه الجنين، فإن الوضع يستدعي التوجه فورًا إلى المستشفى.
ينصح الأطباء بعدم الاعتماد على لون الإفرازات وحده لتحديد حال الولادة. إذ من الضروري مراقبة العوارض المرافقة مثل المعاناة من آلام الظهر أو ضغط الحوض أو تغيّر نمط حركة الجنين.
متى تكون الإفرازات البنية مؤشر خطر؟
رغم أن الإفرازات البنية قد تكون طبيعية أحيانًا، إلّا أنّ ظهورها قد يكون تحذيرًا طبيًا خطيرًا في بعض الحالات. ومن أبرز الأعراض التي تستدعي القلق:

- استمرار الإفرازات لعدة أيام بدون توقف.
- ترافقها مع نزيف أحمر فاتح.
- انخفاض ملحوظ في حركة الجنين.
- ارتفاع في ضغط الدم أو صداع شديد.
- ظهور رائحة كريهة مع الإفرازات.
بحسب الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG)، تُعدّ هذه العلامات من مؤشرات احتمال انفصال المشيمة أو التهابات رحمية. وهي حالات قد تُعرّض حياة الجنين للخطر إذا لم تُعالَج فورًا.
كيف تتصرفين عند ملاحظة الإفرازات البنية؟
في حال لاحظتِ ظهور إفرازات بنية، لا تتجاهلي الأمر. أولًا، حاولي تحديد وقت ظهورها، وراقبي إن كانت تزداد أو تتغيّر في الكثافة أو اللون. ثانيًا، دوّني العوارض المرافقة مثل الشعور بالألم أو التقلّصات أو الدوخة.
ثم، استشيري الطبيب فورًا إذا شعرتِ بأي شيء غير طبيعي. الفحص الطبي هو الوسيلة الوحيدة لتحديد السبب بدقة. قد يطلب الطبيب فحصًا بالموجات فوق الصوتية، وتحاليل دم، أو حتى فحصًا داخليًا للتأكد من سلامة عنق الرحم والمشيمة.
من المهم أن تعرفي أن كل امرأة تختلف عن الأخرى، وما يكون طبيعيًا عند سيدة قد لا يكون كذلك عند أخرى. لذا لا تعتمدي على تجارب غيركِ، بل على التشخيص الطبي فقط.
هل الإفرازات البنية دليل على فتح عنق الرحم؟
أحد الأسباب المحتملة للإفرازات البنية هو بداية توسّع عنق الرحم، وهذا ما يحدث غالبًا في الأيام أو الساعات التي تسبق المخاض. عندها، تبدأ السدادة المخاطية التي كانت تغلق عنق الرحم في الانزلاق والتفكك. ما يؤدّي إلى ظهور إفرازات ملوّنة بالبني أو الوردي.

تشير بعض الدراسات مثل تلك التي نُشرت في British Medical Journal إلى أن 30-40% من النساء الحوامل يعانين من إفرازات بنية قبل المخاض بـ48 ساعة تقريبًا، وخصوصًا في الأحمال الأولى.
لكن يجب الانتباه، لأن توسّع عنق الرحم لا يعني بالضرورة الولادة الفورية، بل قد يمتد لعدّة أيام. لذلك لا بدّ من مراقبة باقي المؤشرات.
نصائح عامة للتعامل مع الإفرازات البنية في الشهر التاسع
حرصًا على سلامتكِ وسلامة جنينكِ، يُنصح باتباع الخطوات التالية:
- لا تهملي أي تغيير في لون أو كمية الإفرازات.
- تجنّبي ممارسة العلاقة الحميمة في حال وجود نزيف أو إفرازات مقلقة.
- ارتدي ملابس داخلية قطنية وغيّريها باستمرار.
- ابتعدي عن استخدام الفوط المعطّرة أو الغسولات المهبلية بدون وصفة طبية.
- احرصي على المتابعة الأسبوعية مع الطبيب في الشهر الأخير من الحمل.
الخلاصة
هل الإفرازات البنية من علامات الولادة؟ نعم، في كثير من الأحيان تُعَدّ من العلامات التمهيدية للولادة، لكنها ليست دليلاً قاطعًا بمفردها. فكما رأيتِ، قد تكون طبيعية، أو مؤشرًا لمشكلة خطيرة. لذلك من المهم أن تكوني يقظة لكل التفاصيل، وأن تتواصلي مع طبيبكِ فورًا عند ظهور أي علامة غير معتادة.
الوعي هو المفتاح لحمل سليم وولادة آمنة. لا تتجاهلي أي إشارة من جسمكِ، واتبعي دائمًا ما يقوله الطب، لا ما يُقال في المنتديات أو تجارب الأمهات. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن دور المشيمة في الحمل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتبر أنّ نزول الإفرازات البنية في نهاية الحمل تستحق كل الانتباه. ليست كل إشارة بسيطة يجب تجاهلها، بل بالعكس، كل عرض صغير قد يخفي وراءه تحذيرًا مبكرًا. ولذلك، أدعو كل امرأة حامل أن تثق بجسمها، وتراجع طبيبها عند أقل شك، لأن الوقاية أفضل من الانتظار أو الندم لاحقًا. الصحة ليست مجالًا للتجربة، بل للمسؤولية والقرار السليم.