تُعَدّ المعاناة من الم اسفل البطن يمين للحامل من أكثر العوارض شيوعًا أثناء الحمل، وهي مصدر قلق للكثير من النساء. في أغلب الحالات يكون الألم بسيطًا ومرتبطًا بتغيّرات طبيعية ترافق نمو الجنين في الرحم. لكن أحيانًا، قد يخفي هذا الألم مشكلة تستدعي مراجعة الطبيب على الفور. لذلك من المهم معرفة متى يكون الألم طبيعيًّا ومتى يصبح مؤشرًا لحال طبية تحتاج تدخّلًا سريعًا.
في هذا المقال المفصّل نقدّم شرحًا علميًّا مبسّطًا حول أبرز أسباب هذا الألم، ومتى يجب القلق، وكيف يمكن تخفيفه بطرق آمنة. سنستعرض معًا التغيّرات الجسدية التي تسببه، والأسباب الشائعة وغير الخطيرة، والأسباب الطارئة التي تتطلب تدخّلًا فوريًا، إضافة إلى طرق التشخيص والوقاية.
التغيرات التشريحية أثناء الحمل
للتعرّف على أسباب الألم، من الضروري فهم ما يحدث داخل الجسم في فترة الحمل.
مع تقدّم الحمل، يكبر الرحم ويتّسع ليتلاءم مع نمو الجنين. هذا التمدّد يضغط على الأربطة الداعمة للرحم، وخصوصًا الأربطة المستديرة التي تمتد إلى جانبي البطن. نتيجة هذا الضغط، تشعر الحامل بألمٍ حاد قصير الأمد في الجهة اليمنى عند القيام بحركة مفاجئة أو عند السعال. هذا الألم يعرف طبيًا بألم الأربطة المستديرة، ويظهر غالبًا في الثلث الثاني من الحمل عندما يكون الرحم قد تضاعف حجمه.

أيضًا، يضغط الرحم على الأمعاء الغليظة، ما يسبّب اضطرابات بسيطة في الهضم، وبالتالي قد تشعر المرأة بانزعاج في البطن. مع زيادة حجم الجنين يزداد الضغط على الأعضاء الداخلية مثل المثانة والحجاب الحاجز، فيؤدّي ذلك أحيانًا إلى شعور بالثقل أو الامتلاء. كذلك، يزداد إفراز هرمون الريلاكسين الذي يرخي الأربطة والمفاصل، ما يجعل الحوض أكثر مرونة لكنه يرفع احتمال الإحساس بألم أو شدّ في الجهة اليمنى. هذه التغيّرات طبيعية وتزول غالبًا مع الراحة، كما يساعد الاستلقاء على الجانب الأيسر في تحسين تدفق الدم وتخفيف الانزعاج.
الأسباب الشائعة وغير الخطيرة
هنا نسلّط الضوء على الأسباب اليومية التي لا تستدعي القلق.
أولًا، ألم الأربطة المستديرة هو الأكثر شيوعًا ويحدث عادة في الثلث الثاني من الحمل. الألم يكون حادًا لكنه يختفي بسرعة.
ثانيًا، الغازات والإمساك يسبّبان آلامًا في البطن، خصوصًا في الجهة اليمنى حيث توجد الزائدة الدودية والقولون الصاعد. الإكثار من شرب الماء وتناول الألياف يساعد على التخفيف من هذا الانزعاج.
ثالثًا، ضغط وزن الجنين على الحوض والمثانة قد يسبّب ثقلًا وشدًّا في البطن. لذلك، ينصح الأطباء بالراحة وتغيير وضعية النوم لتقليل الضغط.
أيضًا، التشنجات الناتجة عن نمو الرحم تحدث أحيانًا مع بداية الحمل وتشبه آلام الدورة الشهرية. وهي غالبًا طبيعية إذا لم تترافق مع نزيف.
الأسباب الطارئة والخطيرة
رغم أنّ معظم الحالات طبيعية، هناك أسباب تستدعي الحذر.
أولًا، التهاب الزائدة الدودية من أهم أسباب الم اسفل البطن يمين للحامل ويتطلب تشخيصًا سريعًا. الألم هنا يبدأ خفيفًا ثم يزداد تدريجيًا مع غثيان وارتفاع حرارة.

ثانيًا، قد يسبّب الحمل خارج الرحم ألمًا حادًا في جهة واحدة مع دوار أو نزيف. هذه الحال خطيرة وتحتاج تدخّلًا جراحيًا فوريًا.
ثالثًا، انفصال المشيمة المبكر يسبّب ألمًا شديدًا ومستمرًا مع نزيف قوي، ويُعدّ حال طارئة تهدّد حياة الأم والجنين.
رابعًا، التواء المبيض حال مؤلمة جدًا تحدث فجأة وتحتاج إلى تدخل جراحي سريع لتجنّب فقدان المبيض.
لهذا السبب، أي ألم شديد أو مستمر يجب تقييمه طبيًا وعدم إهماله.
التشخيص الطبي والعلاج
لتحديد سبب الألم بدقة، يجري الطبيب فحصًا سريريًا مفصلًا. قد يُطلب إجراء فحوص دم للتأكد من عدم وجود التهابات، أو تصوير بالموجات فوق الصوتية لمراقبة الجنين والزائدة الدودية. في بعض الحالات، يُجرى تصوير بالرنين المغناطيسي لأنه آمن أثناء الحمل ولا يستخدم إشعاعًا مؤذيًا.
العلاج يعتمد على السبب. إذا كان الألم بسبب الأربطة أو الغازات، يكفي الراحة وتطبيق كمادات دافئة وممارسة تمارين خفيفة مخصّصة للحامل. أما في حال الأسباب الطارئة، فيُقرّر الطبيب التدخل الدوائي أو الجراحي بما يتناسب مع حال الأم والجنين.
طرق الوقاية والتخفيف المنزلي
يمكن للحامل اتباع خطوات بسيطة لتقليل فرصة حدوث الألم.

أولًا، ممارسة تمارين التمدّد الخاصة بالحوامل تساعد على تقوية الأربطة وتخفيف الشدّ.
ثانيًا، تقسيم الوجبات إلى حصص صغيرة يمنع تراكم الغازات ويُحسن الهضم.
ثالثًا، شرب الماء بانتظام يخفف الإمساك ويقلل الضغط على القولون.
أيضًا، اختيار وضعيات نوم مريحة مثل النوم على الجانب الأيسر يقلل من الضغط على الجهة اليمنى ويعزز تدفّق الدم إلى الجنين.
تجنّب الحركات المفاجئة والوقوف لفترات طويلة يساعد كذلك على حماية الأربطة.
الخلاصة
إنّ المعاناة من الم اسفل البطن يمين للحامل قد تكون عارضًا بسيطًا وطبيعيًّا في معظم الأحيان، لكنها أحيانًا تشير إلى حال طارئة تحتاج تدخّلًا فوريًا. معرفة الفرق بين الألم الطبيعي والخطير يوفّر الوقت ويمنع المضاعفات. لذلك، من الضروري مراقبة العوارض المرافقة والتواصل مع الطبيب عند الشكّ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أضرار النوم على البطن للحامل على الجنين.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ وعي الحامل بجسمها واستماعها لإشاراته أمر أساسي خلال الحمل. لا يجب الاستهانة بأي ألم شديد أو مقلق، فالتشخيص المبكر يحمي صحتك وصحة جنينك. أنصح دائمًا بالتوازن بين الاطمئنان واليقظة، مع اعتماد نمط حياة صحي وحركات آمنة تقي من الكثير من الآلام.