د. حسام التتري د. حسام التتري 14-06-2023
د. حسام التتري

سيّدتي العزيزة أنا الدكتور حسام التتري وسأخبرك اليوم عن الرضاعة الطبيعية أثناء الليل، إيجابايتها وسلبيّاتها ومتى يجب التوقّف عنها.

ias

الرضاعة الليلية هي من أكبر التحديات التي تواجه الأمهات، فمن أصعب المهمّات على الأم أن تصحو كل ساعتين أو ثلاثة من أجل إرضاع الطفل. فهل الرضاعة الليلية مطلوبة في كل المراحل العمرية؟ سنتكلّم فيما يلي عن هذا الموضوع بالتفصيل.
يختلف عدد كبير من خبراء التغذية، وأطباء الأطفال والخبراء النفسيين على موضوع الرضاعة الليلية، ومع ذلك، أكتب لك عن هذا الموضوع من وجهة نظري الشخصية التي بنيتها على لقاءات مع كبار الخبراء في المجالات الثلاثة التي ذكرتها بالإضافة الى مجموعة كبيرة من المراجع.
في الحقيقة، أفضّل أن أقسّم الرضاعة الليلية على حسب المرحلة الزمنية في حياة الطفل على النحو التالي:

من الولادة الى نهاية الشهر السادس

  1. من الطبيعي جدًا أن يحتاج الطفل للرضاعة أكثر من مرة أثناء الليل والسبب بسيط جدًا، فنمو الطفل في هذه الفترة سريع جدًا وبالتالي يحتاج الى كمية كبيرة من الحليب لكي يستمر في النمو.
  2. الطفل المولود حديثًا يكون قد خرج من الرحم ويفتقد الى والدته فأحيانًا لا تكون الرضاعة بسبب الجوع، بل تكون رغبة بالالتصاق بالأم وهذه رغبة يجب تلبيتها.
  3. من عمر الأربعة الى الستة أشهر تبدأ مرحلة التسنين وأحيانًا تكون الرضاعة من أجل تهدئة ألم الرضيع.
    إذًا في هذه الفترة من الولادة حتى الشهر السادس، يحقّ للطفل أن يصحو كلما يريد خلال الليل ومن واجب الأم أن تلبي رغباته وترضعه كلما طلب ذلك.

من عمر الستة أشهر الى عمر السنة

أسمي هذه الفترة بالمنطقة الرمادية أي بين الأبيض والأسود. لأنه بالعادة بعد عمر الستة أشهر يفترض بالطفل أن يكون قد بدأ بتناول الطعام فيقل إحساسه بالجوع أثناء النوم، وبالتالي نترك الأمر للأهل واستعدادهم وتفهمهم. كما أنّ الوضع يختلف من طفل الى آخر، فهناك أطفال يعانون من النحافة الزائدة، فيعتمدون كثيرًا على الحليب، وهناك أطفال وزنهم ممتاز فيعتمدون أكثر على الطعام، وهنا يتم ترك الخيار للأم.

في عمر السنة

عندما يحتفل الطفل بعيد ميلاده الأول، من وجهة نظري، من الواجب التخلّص من الرضاعة الليلية للأسباب التالية:

  • يُفترض أن الطفل الآن يعتمد على الأكل أكثر مما يعتمد على الحليب، وبالتالي لا يجب أن يستيقظ خلال الليل للرضاعة.
  • يُفترض أن يخرج الطفل بعد عمر السنة من غرفة الأهل ويبدأ بالنوم بمفرده، ويكون أيضًا قد انتهى من مرحلة التسنين المؤلمة التي هي عادة ما تكون بين الأربعة والستة أشهر وقد تمتد في بعض الأحيان لعمر السنة، وأما بعد السنة فلا يكون التسنين مؤلمًا الى هذه الدرجة. لذا وللأسباب السابقة كلها يجب إيقاف الرضاعة الليلية.
  • أما الخلاف الذي تقع فيه بعض الأمهات فهو أن هناك مثلًا أم تقول أنا أرضع الطفل طبيعيًا، وأمضي طوال اليوم في العمل أو الدرس وهذه الفترة هي فقط التي أمضيها مع طفلي، هذه إذًا حال إستثنائية. أو مثلا عندما يكون الطفل مريضًا فيستيقظ خلال الليل من أجل أن يعوّض الأطعمة التي لم يتناولها أو الحليب الذي لم يرضعه خلال النهار.

ولكن بشكل عام أنصح كل الأمهات بالتالي: بمجرد ان يحتفل الطفل بعيد ميلاده الأول فمن الافضل أن ينتقل للنوم خارج غرفة الأهل، وإذا كان لا بد أن يبقى فيجب وضع ستارة عازلة بحيث أنه إذا استيقظ لا يستطيع أن يرى والديه. فصل الطفل عن والديه يزيد الاعتماد على النفس و يفيد التطور الذهني والنفسي للطفل.

الجدير بالذكر ان بعض أنصار الرضاعة الطبيعية يقولون أن هذا الكلام لا ينطبق في حال الرضاعة الطبيعية، وهنا اود ان اذكر باضرار الاستمرار بالرضاعة الليلية بعد العام الاول -حيث لا فرق هنا بين الرضاعة الصناعية و الطبيعية– وهي كالتالي:

  1. تؤثر على شكل الفك
  2. تزيد من احتمالية تسوس الأسنان
  3. تزيد من احتمال التهاب الأذن الوسطى
  4. تزيد من خطر الارتجاع المريئي، وهذا الأمر يزيد من حجم اللحمية ومشاكل الحساسية، والربو
  5. تأثر على الجهاز التنفسي

طبعًا هناك فروقات بسيطة بين الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية، من جهة التأثير على شكل الفك، فتكون اقل بكثير في حالة الرضاعة الطبيعية نظراً لأن صدر الأم يتأقلم مع فم الطفل.

من جهة التسوّس يمكن القول إنّ أي رضاعة ليلية – سواء كان الحليب طبيعيًا أو صناعيًا– سوف تؤدي الى طول فترة التماس بين الحليب و الاسنان مما سيزيد من نسبة التسوّس، وهذه نقطة أحبّ أن أشدّد عليها لأنّ النّاس يظنّون أن الحليب الطبيعي مستحيل أن يضرّ الطفل بأي شكل من الأشكال حتى لو نامت الأم وهي تضع صدرها في فم الطفل.

بعض أنصار الرضاعة الطبيعية سيشعرون بأنني أعادي الرضاعة الطبيعية ولكن الأمر بالطبع ليس كذلك، فأنا من أشد أنصار الرضاعة الطبيعية وأؤمن بها ولكن أنا لا أؤمن بأنها خير مطلق.

على سبيل المثال، لنأخذ الماء مثلًا، فالله عز وجل يقول وجعلنا من الماء كل شيء حي، ولكن شرب الماء بكميات زائدة يؤذي الجسم. مثال آخر العسل فالله يقول عنه أنه ” فيه شفاء للناس” ولكن البعض قد يأكله فيضرّه كمرضى السكري مثلًا. بالتالي الرضاعة الطبيعية هي الخيار الأفضل، ولكن هي ليست خير مطلق، ففي ظروف معينة يمكن أن يكون ضررها أكبر من نفعها.

علاقة الرضاعة الطبيعية بتخفيف آلام الأطفال

الى يومنا هذا لا أحد يعلم كيف تخفف الرضاعة الطبيعية الألم عند الطفل. بعض الدراسات قالت إنّ هرمون السعادة موجود في حليب الأم، والكورتيزول موجود في حليب الأم، ولكن هذا ليس دليل كاف لأنّ الهرمونات التي يتمّ أخذها عن طريق الحليب تتفتت في معدة الطفل ولا تصل الى الدم. بعض الناس يقولون أنهم يأخذون هرمون الثيروكسين، ولكن هذا الهرمون يتم إلحاقه بأملاح معيّنة فيتحمّل حموضة المعدة. أمّا الهرمونات التي تتواجد في حليب الأم فلم يثبت أنها تصل الى دم الطفل، ولا زالت معجزة من المعجزات كيف أن حليب الأم يهدئ الطفل ويخفف ألمه.

دراسات مهمّة حول الرضاعة الليلية

أودّ أن أعرّفكم على دراسة قام بها بيرين وتم نشرها عام 2018، درس فيها تكوين حليب الأم ما قبل السنة وبعد السنة فوجد أنه يتغير بشكل كبير. بعد السنة يرتفع فيه الـ IgA والـ lysozyme وهذه العوامل مهمة من أجل الوقاية من الإلتهابات، وهذا شيء جيّد، ولكن للأسف ينخفض الكالسيوم، والمغنيسيوم، والزنك وتنخفض أيضًا الـ oligosaccharides وهي أمور مهمّة جدًا تدعم نمو البكتيريا الصديقة في معدة الطفل، وبالتالي لا يجوز أن نجادل بأن حليب الأم كافي وهو مصدر رئيسي للغذاء بعد السنة لأنه ليس كذلك على الإطلاق فمثله مثل الحليب الصناعي. الكمية المطلوبة هي فقط ثلاث رضعات مشبّعات تمتد كل واحدة ما بين 20 الى 30 دقيقة، ولا داعي للرضاعة طوال الليل.

هناك دراسة أخرى أحب أن أذكرها من عالم إسمه ديوي تم نشرها عام 2001. في هذه الدراسة، وجد ديوي أن 450 ملل من حليب الأم سيعطينا 29% من الكالوريز التي يحتاجها الطفل، 43% من البروتين الذي يحتاجه الطفل، و36% من الكالسيوم الذي يحتاجه الطفل. وهذه الدراسة أيضًا تثبّت مرة أخرى أنّ الحليب وحده حتى لو كان حليب الأم لا يعتبر مصدر كاف للغذاء بعد السنة. وللأسف عدد كبير من الأطفال الذين يستمرون بالرضاعة بعد عمر السنة يعانون من انسداد في الشهية، وتقلّ رغبتهم في الطعام ويضعف لديهم امتصاص الحديد الموجود في الطعام الذي يأكله الطفل، وبالتالي يجب أن نبدأ بضبط كمية الحليب بعد السنة.

هناك آية كريمة تقول “والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة” فمن رحمة الله عز وجل أنّه قال “لمن أراد أن يتم الرضاعة” فمن أراد درجة الامتياز مع مرتبة الشرف فليكمل الى حد عمر السنتين من الرضاعة الطبيعية. لكن لم يتم تحديد كمية الحليب التي يأخذها الطفل بعد عمر السنة، وهنا يأتي دور العلم كي يحدد الكمية بوجبتين الى ثلاثة خلال اليوم، ونتجنّب الرضاعة الليلية للأسباب التي ذكرتها سابقًا.

الرضاعة الطبيعية لفترة طويلة ووزن الطفل

نقطة أخيرة وهي أن الكثير من الناس يستشهدون ببعض الدراسات التي تأتي من مدن وقرى فقيرة في أفريقيا والتي تقول إنّ الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية من دون أخذ كمية كافية من الأكل كانت أوزانهم جيّدة بحلول العامين. هذه الدراسات نرد عليها بنقطتين:

  1. بالنسبة لهم هذا كان البديل الوحيد الموجود وبالتالي شيء أفضل من لا شيء
  2. صحيح أن هذه الدراسات قالت أن أوزانهم كانت في الحدود الطبيعية ولكنّها لم تتكلمّ عن نسبة الحديد ونسبة الفيتامينات عندهم، وعن صحتهم العامة. بالتأكيد لم تكن بنفس جودة صحة الاطفال الذين يستطيعون الحصول على الطعام في الوقت عينه مع الحليب. للأسف، بعض الدول العربية في بعض الظروف عند اللاجئين قد يضطروا لأن يستسلموا للحليب الطبيعي كمصدر رئيسي للغذاء. مرة أخرى نقول الضرورات تبيح المحظورات ولكن كل من تسمح له ظروفه المادية أو الاجتماعية، من الضروري بعد السنة أن يبدأ بتحديد كمية الحليب كما ذكرنا سابقًا ويقطع الحليب الليلي.

أخيرًا، إذا اقتنعتم أن الرضاعة الليلية يجب التخلّص منها بعد عمر السنة، يبقى السؤال كيف إذا نتخلّص منها بالذات للطفل الذي يكون متعلّقا به كثيرًا؟

بالنسبة الى الأم التي ترضع رضاعة طبيعية، خذي ورقة وسجّلي عليها في أي ساعة استيقظ طفلك، وكم دقيقة ظلّ على صدرك. إطلعي على هذا الجدول وابدأي خطة 3×3، وما المقصود بها؟

كل 3 أيام إبدأي بتقصير مدة الرضاعة ثلاث دقائق الى أن تصلي الى مدة رضاعة لا تزيد عن 5 دقائق، إبدأي كل 3 أيام واشطبي رضعة، ومع الوقت سيتخلّص الطفل من الرضاعة الطبيعية. في حال كنت تقدمين الحليب الصناعي للطفل، سنتبع نفس القاعدة أكتبي كم ملل حليب يشرب الطفل في كل رضعة واتبعي قاعدة 3 في 30، أي كل ثلاثة أيام قللي 30 ملل من الحليب، الى أن تصلي لهدف أن يأخذ طفلك من 60 الى 90 مل فقط في كل رضعة، واشطبي كل 3 أيام رضعة ومع الوقت سيعتاد الطفل على عدم أخذ الحليب ليلاً.

الأمومة والطفل الأم والرضيع الأم والطفل الرضاعة الرضاعة الطبيعية حليب حليب الاطفال حليب الثدي حليب الرضع حليب لعمر سنة نصائح الرضاعة الطبيعية

مقالات ذات صلة

إضافات بسيطة في غرف أطفالك تقرّبهم إلى رمضان
الأم والطفل إضافات بسيطة في غرف أطفالك تقرّبهم إلى رمضان
لمسات مرحة ومبتكرة ستجعل أطفالك يسعدون بقدوم شهر رمضان!
السعادة ليست ضرورية دوما
الأمومة والطفل السعادة ليست ضرورية دومًا! لماذا الحزن يفيد طفلك أحيانًا؟
المزيد من التفاصيل حول صحة الطفل النفسية التي تساهم في بناء شخصيته!
أفكار فطور للاطفال عمر سنة ونصف
الأمومة والطفل أفكار فطور للأطفال عمر سنة ونصف تسهّل حياتك كأم!
صحّة طفلك تبدأ من نوعية الطعام وطريقة تحضيرها بالشكل الصحيح!
اعراض السكري عند الاطفال عمر 10 سنوات
السكري عوارض السكري عند الأطفال في عمر 10 سنوات، لا تهمليها!
معلومات يجب أن تعرفيها للحفاظ على صحة طفلك!
كيفية تحميل منصة مدرستي وحل الواجبات المدرسية والاختبارات بحسب آخر تحديث
الأمومة والطفل كيفية تحميل منصة مدرستي وحل الواجبات المدرسية والاختبارات بحسب آخر تحديث
كل ما تودين من معرفته عن منصة مدرستي في هذا المقال...
إكتئاب الحمل ونوع الجنين
الحالة النفسية للأم العلاقة بين إكتئاب الحمل ونوع الجنين
الرأي الطبي والعلمي!
سرعة التنفس
الأمومة والطفل هل التنفس السريع عند الأطفال خطيرًا؟
كل ما يجب أن تعرفيه عن سرعة التنفس عند طفلك ومدى خطورته!
صرير الأسنان
صحة الطفل ما هو سبب صرير الأسنان عند الأطفال أثناء النوم؟
أسباب بعضها طبيعية وأخرى أكثر خطورة!
الطفل الخديج
الأمومة والطفل في اليوم العالمي للأطفال الخدج.. ٥ حقائق لم تعرفيها من قبل عنهم
طفلك ولد قبل أوانه؟ إليك كل ما يجب أن تعرفيه عنه!
انحراف العين للأطفال
الأمومة والطفل انحراف العين للأطفال: إليك أسبابه وطرق علاجه
اكتشفي أهمّ النصائح التي تساعدك على الحفاظ على صحة نظر طفلك!
سحب فم الرضيع
الأمومة والطفل أضرار سحب الثدي من فم الرضيع: معلومات مهمة لكل أم!
هكذا تتعاملين مع سحب فم الرضيع من الثدي أثناء الرضاعة!
 عادات العيد في المملكة التي يجب عدم التخلي عنها
عيد الفطر  عادات العيد في المملكة التي يجب عدم التخلي عنها
عادات تعكس الترابط بأبهى وأبهج صورة

تابعينا على