متى يكون فقدان الوزن خطير؟ سؤال يطرحه كثير من النساء حين يلاحظن تغيّرًا سريعًا في شكل أجسامهنّ. في بعض الأحيان، يكون نزول الوزن نتيجة نظامٍ غذائي متوازن أو نشاطٍ بدني منتظم، وهو أمر صحي. لكن في أوقاتٍ أخرى، قد يخفي هذا التغيّر وراءه مشكلة صحيّة خطيرة يجب التنبه لها بسرعة. فالوزن ليس مجرد رقم على الميزان. بل مؤشّر مهمّ على توازن الجسم الداخلي وصحّته العامة.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل العلامات التي تكشف أنّ فقدان الوزن أصبح خطرًا، والأسباب المحتملة وراءه، والعوارض التي ترافقه. إضافةً إلى تقديم نصائح تساعد على التصرّف بحكمة قبل تفاقم الوضع. سنتدرّج خطوة بخطوة لفهم متى يكون طبيعيًا، ومتى يستوجب استشارة الطبيب فورًا.
الفرق بين فقدان الوزن الصحي والخطير
يحدث فقدان الوزن الصحي عندما يخسر الجسم الدهون الزائدة تدريجيًا بفضل نظامٍ غذائي متوازن ونشاطٍ بدني مستمر. أمّا فقدان الوزن الخطير، فيكون مفاجئًا وسريعًا من دون سببٍ واضح. تشير الدراسات الطبية إلى أنّ خسارة أكثر من ٥٪ من وزن الجسم خلال أقل من ستة أشهر تُعدّ علامة تستحق المتابعة الطبية (Mayo Clinic, 2024).

- مثلًا: إذا كانت المرأة تزن ٦٠ كغ وخسرت ٣ كغ من دون حمية، فعليها مراجعة الطبيب.
- السبب أنّ هذه النسبة قد تدلّ على اضطرابٍ في عمل الأعضاء أو خللٍ هرموني.
- في المقابل، خسارة الوزن البطيئة المنتظمة نتيجة التمارين والغذاء الصحي تُعتبر آمنة وتشير إلى تحسّن في الأيض.
إذًا، يمكن القول إنّ متى يكون فقدان الوزن خطير؟ يعتمد على السرعة، والسبب، والمدة، والعوارض المرافقة. كل فقدانٍ غير مبرّر يجب التعامل معه كتحذيرٍ جسدي وليس إنجازًا شكليًا.
الأسباب الخفيّة وراء فقدان الوزن الخطير
عندما لا يتبع الشخص أي نظامٍ خاص ولا يعاني من ضغطٍ نفسي كبير، ويبدأ وزنه بالهبوط، فغالبًا هناك سببٌ طبي. ومن أبرز الأسباب التي ذكرها موقع Harvard Health وNIH:
- اضطرابات الغدة الدرقية: زيادة إفراز الهرمونات تسرّع الأيض وتحرق السعرات بسرعة كبيرة.
- السكري غير المضبوط: الجسم يفقد الطاقة عبر البول بدلًا من تخزينها. مما يؤدي إلى هبوط الوزن رغم الأكل الجيّد.
- أمراض الجهاز الهضمي: مثل الداء الزلاقي، والقولون الالتهابي، وقرحة المعدة، وهي تعيق امتصاص العناصر الغذائية.
- السرطانات: بعض الأورام تؤدي إلى فقدان الوزن بسبب تغيّر استقلاب الجسم أو فقدان الشهية.
- الاكتئاب المزمن: يسبّب فقدان الرغبة في الطعام، والنوم غير المنتظم، وضعف الشهية.
كلّ هذه العوامل تجعل الجسم يحرق الطاقة بسرعة أو يمتنع عن امتصاصها. لذلك، متى يكون فقدان الوزن خطير؟ يكون عند ارتباطه بهذه الحالات، خصوصًا إن ترافق مع الشعور بتعبٍ دائم أو ضعفٍ في العضلات أو شحوب البشرة.
العوارض التي يجب الانتباه إليها
لا يظهر خطر فقدان الوزن من الرقم فقط، بل من العوارض المصاحبة له. يشير أطباء Cleveland Clinic إلى أنّ الخطر يبدأ حين يشعر الشخص بضعفٍ مستمر أو دوارٍ متكرّر أو فقدان للشهية لفترات طويلة. من بين العلامات التي يجب الانتباه إليها:

- التعب الدائم وصعوبة التركيز.
- تساقط الشعر وجفاف البشرة.
- اضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء.
- ضعف المناعة وتكرار الالتهابات.
- تراجع الكتلة العضلية.
- تغيّر المزاج وفقدان الحماس للحياة.
هذه الإشارات لا ينبغي تجاهلها أبدًا، لأنّها قد تدلّ على أن الجسم يستنزف نفسه داخليًا. فعندما لا يجد الجسم الطاقة الكافية، يبدأ باستخدام البروتين من العضلات بدلًا من الدهون. مما يؤدّي إلى ضعفٍ خطير في الوظائف الحيوية. لذلك، من المهم مراقبة أي تغيّر جسدي أو نفسي غير معتاد.
كيف يحدّد الأطباء خطورة الحال؟
لا يعتمد الأطباء فقط على الوزن، بل على الفحوص المخبرية والتاريخ الصحي لتحديد مدى الخطورة. تبدأ العملية عادة بـ:
- فحص الدم الكامل لتقييم مستويات الحديد، والغدة الدرقية، ووظائف الكبد والكلى.
- اختبار سكر الدم لاستبعاد السكري أو مشاكل في الأنسولين.
- فحص الأشعة أو المنظار عند الشك بوجود أمراض هضمية أو أورام.
- تقييم الحالة النفسية في حال وجود اكتئاب أو اضطرابات أكل مثل فقدان الشهية العصبي.
بعد ذلك، يقيّم الطبيب إذا كان الانخفاض في الوزن ناتجًا عن حالةٍ قابلة للعلاج أو عن مرضٍ مزمن يحتاج إلى متابعة طويلة. وقد تشمل الخطة العلاجية تعديل النظام الغذائي، ووصف مكملات غذائية، وعلاج السبب الأساسي.
ومن المهم أيضًا أنّه عند الإجابة عن سؤال متى يكون فقدان الوزن خطير؟ لا بد من النظر إلى السياق الكامل للحال، وليس الرقم فقط. فالشخص الذي يعاني من نقص غذائي أو توتر مزمن قد يحتاج دعمًا غذائيًا ونفسيًا معًا.
نصائح للحفاظ على وزنٍ صحي وآمن
الحفاظ على توازن الوزن لا يعني فقط الأكل الجيد، بل أيضًا الوعي بعادات الحياة اليومية. هناك مجموعة من الإرشادات البسيطة التي تقلّل من خطر فقدان الوزن غير المبرّر:

- مراقبة الوزن بانتظام مرة كل شهر.
- تناول وجبات متنوّعة تحتوي بروتين، وكربوهيدرات، ودهون مفيدة.
- النوم الكافي بمعدل ٧ إلى ٨ ساعات كل ليلة.
- ممارسة نشاط بدني معتدل، وليس مفرطًا.
- تجنّب التدخين والكحول لأنها تضعف الشهية وتؤثر على الأيض.
- مراجعة الطبيب عند فقدان أكثر من ٢ كغ خلال أسابيع قليلة من دون سبب.
هذه الخطوات تساعد على الحفاظ على توازن الجسم وتجنّب الوصول إلى مرحلة الخطر. كما أنّ الدعم النفسي والاجتماعي له دورٌ أساسي في استقرار الوزن، لأنّ القلق والاكتئاب غالبًا ما يغيّران طريقة الجسم في التعامل مع الطعام والطاقة.
الخلاصة
في النهاية، يمكن القول إنّ الإجابة عن سؤال متى يكون فقدان الوزن خطير؟ تكمن في الملاحظة الدقيقة للتغيّرات المفاجئة التي تطرأ على الجسم. فالفقدان غير المبرّر، والمترافق مع ضعفٍ أو تعبٍ أو شحوب، لا يجب اعتباره علامة إيجابية. إنّما هو إشارة من الجسم بأنّ هناك خللًا داخليًا يستدعي الفحص والعلاج. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ أنّ فطورك هو الخطوة الأولى نحو الرشاقة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، لا يجب على المرأة أن تعتبر نزول الوزن السريع إنجازًا جماليًا، بل رسالة صحيّة تحتاج إلى استماعٍ واهتمام. الجمال الحقيقي يبدأ من الداخل، من جسمٍ متوازن وصحّةٍ مستقرة، وليس من رقمٍ صغيرٍ على الميزان. فكلّ فقدانٍ غير مقصود يستحق التوقف، والسؤال، والاستشارة قبل أن يتحوّل إلى خطرٍ صامتٍ يصعب تداركه.