ينشغل الأهل والمربّون يوميًا بتربية الأطفال وضبط سلوكهم، وغالبًا ما يلجأ بعضهم إلى التوبيخ كوسيلة للتأديب. لكن ما لا تدركه الكثير من الأمهات هو أنّ التوبيخ العلني أمام الآخرين لا يصحّح السلوك بقدر ما يجرح الكرامة ويضعف الثقة بالنفس عند الأطفال.
في الحقيقة، يسلّط خبراء علم النفس الضوء على خطورة هذا الأسلوب، إذ يؤكّدون أنّ الطفل الذي يتعرّض للتوبيخ أمام زملائه أو أقاربه يشعر بالخزي والإهانة، فيبدأ بالنظر إلى ذاته نظرة سلبية يصعب تصحيحها لاحقًا. من هنا، يصبح الوعي بطريقة التصحيح أساسًا لتربية سليمة تحافظ على كرامة الطفل وتدعم نموّه النفسي.
التوبيخ العلني وتأثيره على مشاعر الطفل
يؤدي التوبيخ العلني إلى شعور الطفل بالذلّ والإحراج. فعندما يسمع نقدًا حادًّا أمام الآخرين، يشعر بأنّه مراقَب ومكشوف، فيخاف من ارتكاب أي خطأ مستقبلًا. ومع الوقت، يبدأ بتجنّب المواقف الاجتماعية خوفًا من الإهانة مجدّدًا. هذا الانسحاب الاجتماعي يضعف ثقته بنفسه ويؤثّر في تفاعله داخل المدرسة أو العائلة.
إضافةً إلى ذلك، يربط الطفل الحبّ والقبول بالسلوك الجيّد فقط، فيظنّ أنّ قيمته تتعلّق برضى الآخرين عنه. وهنا تظهر مشكلة تقدير الذات المنخفض، التي تلازم الشخص حتى المراهقة والرشد إن لم تُعالج مبكرًا.
الأسلوب البنّاء في التصحيح
يرى الخبراء أنّ التصحيح الفعّال يبدأ بالاحترام. فعوضًا عن التوبيخ أمام الناس، يُفضَّل التحدّث مع الطفل على انفراد بنبرة هادئة وواضحة. بهذه الطريقة، يشعر الطفل بالأمان ويصغي بانتباه إلى ما يُقال له. كما أنّ التفاهم الفردي يتيح له التعبير عن وجهة نظره، فيتعلّم تحمّل المسؤولية من دون خوف أو خجل.
علاوة على ذلك، من المهمّ مدح السلوك الإيجابي عند حدوثه. فالكلمة الطيّبة تترك أثراً أعمق من أيّ عقاب، وتبني علاقة ثقة متبادلة بين الأهل والطفل. ومع مرور الوقت، يتعلّم الصغير أن يضبط نفسه بدافع داخلي لا خوفًا من العقاب.
خطوات عملية لحماية تقدير الذات
لتحقيق تربية صحّية ومتوازنة، ينصح الخبراء باتّباع خطوات بسيطة وواضحة:
- الحديث مع الطفل على انفراد عند الحاجة إلى التصحيح.
- استخدام كلمات تصف السلوك لا الشخص، مثل “تصرفك كان غير مناسب” بدلًا من “أنت سيئ”.
- الحفاظ على نبرة صوت هادئة ومحترمة مهما كان الموقف.
- الإشادة بأيّ تحسّن ولو بسيط في سلوك الطفل.
هذه الخطوات تخلق بيئة آمنة تحفّز النمو النفسي وتشجّع الطفل على التطوّر بثقة واطمئنان.
إنّ التوبيخ العلني لا يبني شخصية قويّة، بل يزرع الخوف والارتباك. فالتربية الهادئة والمبنية على الحوار تزرع الثقة بالنفس وتُظهر للطفل أنّ الخطأ فرصة للتعلّم وليس سببًا للعار. ومن هنا، يصبح احترام الطفل أساس النجاح في التربية، لا القسوة أو الإهانة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كيف يبني النوم المبكر قدرات طفلك الذهنية واللغوية؟