يُعتبَر علاج نقص الحديد عند الاطفال موضوع يشغل بال كل أمّ تخاف على صحّة صغيرها ونموّه السليم. يُعَدّ نقص الحديد من أكثر المشاكل الغذائية شيوعًا بين الأطفال حول العالم، وقد يؤثّر بشكل مباشر على تركيزهم، ونشاطهم، وحتى تطوّرهم العقلي والجسدي. لذلك، معرفة الأسباب والعوارض وطرق الوقاية والعلاج أمر ضروري لحماية صحّة طفلك قبل أن تتفاقم المشكلة وتؤثّر على حياته المستقبلية.
في هذا المقال، سنتناول بشكل منهجي كل ما تحتاجين معرفته عن علاج نقص الحديد عند الاطفال. سنبدأ بشرح أهم أسباب النقص، ثم ننتقل إلى العلامات التحذيرية التي يجب الانتباه لها، ونستعرض بالتفصيل الطرق العلمية المتاحة للعلاج، سواء من خلال النظام الغذائي أو المكملات. كما سنقدّم نصائح للوقاية المستقبلية لضمان استمرار صحّة طفلك ونموّه بشكل مثالي.
أسباب نقص الحديد عند الأطفال
من المهم أولًا فهم أسباب المشكلة لتجنّبها قدر الإمكان. يحدث نقص الحديد غالبًا بسبب نقص الغذاء الغني بالحديد أو ضعف امتصاص الجسم له. الأطفال الذين يعتمدون على حليب البقر بكثرة بعد عمر السنة قد يكونون أكثر عرضة لأن الحليب يقلّل من امتصاص الحديد في الأمعاء.

بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يفتقر الأطفال الذين يتبعون نظامًا غذائيًا فقيرًا بالخضروات الورقية أو اللحوم الحمراء إلى الحديد الكافي. كما يمكن لبعض الحالات الطبية مثل الديدان المعوية أو النزيف المزمن أن تسبّب نقصًا في مخزون الحديد. لذلك من المهم أن تكون تغذية الطفل متوازنة ومتنوّعة وأن تتم معالجة أي مشاكل صحية مرافقة بسرعة.
العوارض التي يجب مراقبتها
الخطوة الثانية هي الانتباه للعوارض المبكرة. يؤدّي نقص الحديد إلى فقر الدم، ما يجعل الطفل يبدو شاحب الوجه، متعبًا بشكل غير معتاد، وقد يصبح سريع الانفعال. في بعض الحالات، تلاحظ الأمّ أن الطفل يعاني من ضعف في الشهية أو تأخر في النمو مقارنة بأقرانه.
أيضًا من العلامات المقلقة زيادة الميل للنوم، ضعف التركيز في المدرسة، أو حتى الرغبة الغريبة في أكل أشياء غير غذائية مثل التراب (حالة تُعرف بالبيكا). إنّ ملاحظة هذه العوارض مبكرًا تساعد على التشخيص السريع والبدء في علاج نقص الحديد عند الاطفال قبل تفاقم الوضع.
التشخيص الطبي الدقيق
عند الاشتباه بوجود نقص الحديد، يُنصح بمراجعة الطبيب فورًا. يتم التشخيص عبر فحص دم بسيط يُظهر مستوى الهيموغلوبين والفريتين، وهما مؤشّران أساسيّان على مخزون الحديد في الجسم.

هذه الخطوة مهمّة جدًا لأن بعض العوارض قد تتشابه مع أمراض أخرى مثل نقص الفيتامينات أو المشاكل الهرمونية. بالتالي، إنّ الاعتماد على التحاليل المخبرية يساعد الطبيب على تحديد شدّة النقص ووضع خطة علاج مناسبة لكل حال.
علاج نقص الحديد عند الاطفال
يرتكز العلاج على شقّين أساسيين: النظام الغذائي والمكمّلات. في الحالات الخفيفة، يُنصح بزيادة استهلاك الأطعمة الغنية بالحديد مثل اللحوم الحمراء، والدجاج، والسمك، والعدس، والسبانخ، والبقوليات. كما يُفضَّل تقديم عصائر غنية بفيتامين “C” مع الوجبات لتعزيز امتصاص الحديد.
أمّا في الحالات المتوسّطة أو الشديدة، فقد يصف الطبيب مكملات حديد على شكل شراب أو قطرات بجرعات محدّدة حسب عمر ووزن الطفل. يجب أن يتمّ العلاج الدوائي تحت إشراف طبي دقيق لتجنّب أي آثار جانبية مثل اضطرابات المعدة أو الإمساك. من المهم التقيّد بالجرعات والمدة التي يحددها الطبيب لضمان إعادة بناء مخزون الحديد بالكامل.
دور الأمّ في نجاح العلاج
نجاح علاج نقص الحديد عند الاطفال يعتمد بشكل كبير على تعاون الأمّ ومتابعتها. يجب على الأمّ الالتزام بإعطاء الجرعات في الوقت المحدد، وعدم إيقاف العلاج بمجرد تحسّن العوارض، لأن إعادة بناء مخزون الحديد يحتاج لأسابيع أو أشهر.

كذلك من المهم تشجيع الطفل على تناول وجبات صحية، وتقليل استهلاك الأطعمة التي تعيق امتصاص الحديد مثل الشاي والمشروبات الغازية. كما يُفضّل تقسيم الوجبات على مدار اليوم لجعل امتصاص الحديد أفضل ولتجنّب أي اضطرابات في الجهاز الهضمي.
الوقاية على المدى الطويل
الوقاية أفضل من العلاج. لضمان عدم تكرار نقص الحديد، يجب إدخال مصادر الحديد بانتظام في النظام الغذائي للطفل. يمكن تقديم وجبات صغيرة ومتوازنة تحتوي البروتين الحيواني والخضروات.
أيضًا يُنصح بمراجعة الطبيب بشكل دوري، خاصة إذا كان الطفل قد عانى سابقًا من نقص الحديد، لمتابعة مستوى الهيموغلوبين والتأكّد من أنّه ضمن المعدّل الطبيعي. هذه الخطوة الوقائية تحمي الطفل من المشاكل الصحية المزمنة وتساعده على النمو بشكل سليم.
يُعتبَر نقص الحديد من المشاكل التي يمكن تفاديها ومعالجتها بسهولة إذا تم اكتشافها في الوقت المناسب. المتابعة الطبية، والتغذية المتوازنة، والالتزام بالعلاج هي أساس حماية طفلك من فقر الدم ومضاعفاته. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أفضل دواء لتقوية المناعة للأطفال موجود في بيتكِ من دون أن تعلمي!
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ وعي الأمهات يشكّل خط الدفاع الأوّل ضد أي نقص غذائي، وأحثّ كل أمّ على مراقبة صحّة طفلها بشكل مستمر وعدم التهاون مع أي عوارض غير مألوفة. المعرفة قوة، والاستشارة الطبية السريعة تصنع فرقًا كبيرًا في صحّة أطفالنا ومستقبلهم.