تبدأ اعراض الحمل في الشهر الثاني بالظهور بشكل أوضح مقارنةً بالشهر الأول، ما يجعلكِ أكثر وعيًا بالتغيّرات التي تطرأ على جسدكِ. يُعتبَر هذا الشهر من المراحل المفصلية التي يشهد فيها الجنين تطورًا سريعًا، فيما يستعد جسمكِ لتوفير البيئة المثالية لنموّه. قد تواجهين مشاعر مختلطة من الفرح والقلق، وكلّها طبيعية.
في هذا الدليل، سنأخذكِ في جولة علمية وعاطفية لفهم أبرز عوارض الحمل في الشهر الثاني. سنتناول التغيّرات الجسدية، والعلامات الشائعة، وكيفية التعامل مع كل منها. كما نُقدّم لكِ نصائح مدروسة تساعدكِ على العناية بنفسكِ خلال هذه المرحلة الدقيقة.
1- الغثيان الصباحي
يُعَدّ الغثيان الصباحي من أكثر اعراض الحمل في الشهر الثاني شيوعًا، ويصيب حوالي 70% من النساء الحوامل بحسب الكلية الأميركية لأطباء التوليد والنساء. يظهر غالبًا في الصباح، لكنه قد يحدث في أي وقت من اليوم.

يرتبط هذا الغثيان بارتفاع مستوى هرمون الحمل (HCG) والاستجابة الحسية المتزايدة للروائح. وللتخفيف منه، يُنصح بتناول وجبات خفيفة متكرّرة، وتجنّب الحصول على الأطعمة الدهنية أو الحارّة، إلى جانب شرب الزنجبيل الدافئ الذي أثبت فعاليته في تهدئة المعدة وفق دراسات حديثة نُشرت في BMC Complementary Medicine and Therapies (2020).
2- تغيّرات الثدي
منذ بداية الشهر الثاني، تلاحظين أن ثدييكِ أصبحا أكثر امتلاءً وحساسية. يعود ذلك إلى زيادة هرموني الإستروجين والبروجستيرون، ما يهيّئ الجسم للرضاعة منذ المراحل المبكرة.
قد تُلاحظين أيضًا ظهور عروق زرقاء بارزة حول الحلمة وتغيّر لون الهالة إلى أغمق. تُعَدّ هذه التغيّرات طبيعية ومؤشّرًا على أنّ جسمكِ يستعد لدور الأمومة. لراحتكِ، اختاري حمالات صدر داعمة وقطنية، وابتعدي عن المواد الاصطناعية.
3- التقلبات المزاجية
من اعراض الحمل في الشهر الثاني التي قد تربككِ هي التقلّبات المزاجية المفاجئة. يعود السبب في ذلك إلى التغيّرات الهرمونيّة الحادّة، وخاصّةً في مستوى السيروتونين، المسؤول عن المزاج والشهية والنوم.
قد تشعرين بالحزن من دون سبب، أو تبكين فجأة بعد لحظة من الفرح. من المهم أن تتفهّمي أنّ هذه المشاعر طبيعية ولا تعني أنكِ ضعيفة. استعيني بممارسة التنفس العميق، وتمارين الاسترخاء، وتواصلي مع من تثقين بهم لتخفيف الضغط النفسي.
4- الشعور بالتعب والإرهاق
يُعَدّ الشعور بالتعب من أبرز اعراض الحمل في الشهر الثاني. يبدأ الجسم باستهلاك الطاقة لبناء المشيمة وتغذية الجنين. ممّا يؤدي إلى شعور دائم بالإرهاق حتى لو لم تقومي بمجهود كبير.

كما يُعَدّ انخفاض ضغط الدم وارتفاع معدل التمثيل الغذائي من العوامل المسببة لهذا الشعور. احرصي على الحصول على القسط الكافي من النوم، وتناولي وجبات متوازنة غنية بالحديد والبروتين، ولا تترددي في أخذ قيلولة إذا شعرتِ بالحاجة لذلك.
5- التبوّل المتكرر
في هذا الشهر، يزداد حجم الرحم ويبدأ بالضغط على المثانة، ما يدفعكِ إلى دخول الحمام أكثر من المعتاد. كما أنّ الكلى تعمل بجهد أكبر لتصفية دمكِ والدم المتدفّق نحو الجنين.
لا تحاولي التقليل من شرب الماء بهدف الحدّ من التبوّل، فذلك قد يُعرّضكِ للمعاناة من الجفاف. بل استمرّي في شرب 8-10 أكواب من الماء يوميًا، وابتعدي عن شرب المشروبات المُدرّة للبول مثل القهوة والشاي الأسود.
6- تغيّرات الجهاز الهضمي
قد تواجهين في هذا الشهر انتفاخًا أو إمساكًا مزعجًا. السبب هو بطء حركة الجهاز الهضمي تحت تأثير هرمون البروجستيرون، ما يتيح امتصاص المزيد من العناصر الغذائية لصالح الجنين.
لتحسين الهضم، تناولي الألياف من الفواكه والخضار، واشربي الماء بكثرة، وحاولي المشي لمدة 15 دقيقة يوميًا. إنّ تفادي الأطعمة المعالجة والمقلية يُساعد أيضًا على تقليل الانتفاخ.
7- إفرازات مهبلية بيضاء
تُعَدّ الإفرازات البيضاء الشفافة أو الكريمية من العلامات الطبيعيّة خلال هذه المرحلة. وهي تُساعد في حماية المهبل من البكتيريا والعدوى بفضل توازن الأس الهيدروجيني.

ولكن، إذا لاحظتِ تغيّرًا في اللون، أو صدور رائحة كريهة، أو شعرتِ بحكّة أو حرقة، فاستشيري طبيبتكِ فورًا. قد تكون هذه العوارض علامة على وجود عدوى تحتاج للعلاج الفوري.
8- متى يُصبح القلق مبرّرًا؟
رغم أن معظم العوارض طبيعية، عليكِ مراجعة الطبيب فورًا إذا شعرتِ بآلام شديدة في البطن، أو لاحظتِ نزيفًا مهبليًا، أو عانيتِ من ارتفاع شديد في الحرارة. فهذه الإشارات قد تُشير إلى وجود حمل خارج الرحم أو مشاكل تتطلب تدخّلًا طبيًا عاجلًا.
تختلف اعراض الحمل في الشهر الثاني من امرأة لأخرى، لكنّ فهمها يساهم في تخفيف الشعور بالقلق وتحسين تجربة الحمل ككل. تتطلب هذه المرحلة منكِ الوعي، والاهتمام بجسمكِ، والثقة في غرائزكِ كأم. استمعي لجسمكِ، واطلبي الدعم حين تحتاجين، واحتفي بكل يوم جديد في هذه الرحلة الاستثنائية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن علامات سلامة الحمل في الشهر الثاني والمضاعفات المحتملة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ فهم اعراض الحمل في الشهر الثاني يشكّل الخطوة الأولى والأساسية نحو تجربة حمل أكثر راحة واطمئنانًا. في الواقع، عندما تدرك المرأة التغيّرات التي يمرّ بها جسدها، فإنها تكتسب قدرة أكبر على الاعتناء بنفسها وبجنينها. ومن هنا، يمنحنا العلم المعرفة الدقيقة التي نحتاجها. في المقابل، يضفي الحنان الذي تُكنّينه في قلبكِ على هذه الرحلة المعنى العاطفي العميق. لذلك، يجتمع العقل بالقلب لتخوضي تجربة فريدة تُمهّد لأجمل مرحلة في حياتكِ.