تُعَدّ وضعية الجنين في الشهر التاسع من أبرز ما يشغل تفكير كلّ امرأة حامل تقترب من لحظة ولادتها. في هذا الشهر الأخير من الحمل، يبدأ الجنين في الاستعداد الجاد للولادة. لهذا، تصبح وضعيته داخل الرحم عاملًا حاسمًا في تحديد سهولة المخاض وطريقة الولادة.
في هذا المقال، نقدّم لكِ شرحًا مفصّلًا عن وضعية الجنين، وأنواعها، وحركاته في هذا الشهر، وكيف تكتشفين وضعيته. كما نضع بين يديكِ نصائح طبية مفيدة لتشجيع الجنين على اتخاذ الوضعية المثلى. تابعي القراءة خطوة بخطوة.
ما المقصود بوضعية الجنين في الشهر التاسع؟
في هذا الشهر الأخير، لا يعود للجنين متّسع كبير للحركة في الرحم. لهذا، يبدأ تدريجيًا في الاستقرار بوضعية معيّنة تُسهّل خروجه أثناء المخاض. ببساطة، نقصد بـ وضعية الجنين في الشهر التاسع موقع رأسه وجسمه داخل الرحم بالنسبة إلى الحوض وعنق الرحم.
الأنواع الشائعة للوضعية
- الوضع القذالي الأمامي (Occiput Anterior): وهو الوضع المثالي. في هذه الحال، يكون رأس الجنين متّجهًا إلى الأسفل، ووجهه إلى ظهر الأم. هذا الوضع يسمح للولادة الطبيعية أن تتمّ بشكل أسلس.
- الوضع القذالي الخلفي (Occiput Posterior): رأس الجنين للأسفل لكن وجهه للأمام (نحو بطن الأم). قد يجعل المخاض أطول وأشدّ ألمًا.
- الوضع المقعدي (Breech): المؤخرة أو القدمان باتّجاه قناة الولادة. هذا الوضع يتطلّب غالبًا ولادة قيصرية.
- الوضع العرضي: الجنين ممدّد عرضيًا في الرحم، وهو وضع نادر ويستدعي تدخلًا طبيًا.
متى تتحدّد وضعية الجنين؟
غالبًا، تستقرّ وضعية الجنين بدءًا من الأسبوع 36. مع ذلك، قد تتبدّل وضعية بعض الأجنّة حتى بداية المخاض. من هنا تأتي أهمية متابعة الطبيب في الأسابيع الأخيرة.
العوامل المؤثرة في وضعية الجنين
تتأثّر وضعية الجنين في الشهر التاسع بعدة عوامل. فهم هذه العوامل يساعدكِ على تعزيز فرص تحقّق الوضعية المثلى.
أهمّ العوامل
- وضعية الحوض: إذا كان حوضكِ واسعًا ومرنًا، يزيد احتمال نزول رأس الجنين إلى الأسفل.
- وضعية جسمكِ: الجلوس كثيرًا في وضعيّات خاطئة (مثل الاستلقاء الطويل للخلف) قد يحفّز الجنين على اتخاذ وضعيات غير مثالية.
- حجم الجنين: الأجنّة الأكبر حجمًا يجدون صعوبة أكبر في تغيير الوضعية في الأسابيع الأخيرة.
- مستوى السائل الأمينوسي: إذا كان كثيرًا جدًا أو قليلًا جدًا، قد يؤثّر في قدرة الجنين على الحركة داخل الرحم.
- عدد الأحمال السابقة: في حال سبق لكِ الإنجاب، قد يكون الرحم أكثر مرونة، ما يسمح بتبدّل وضعية الجنين حتى وقت متقدّم.
كيف تكتشفين وضعية الجنين؟
مع اقتراب موعد الولادة، من المهمّ أن تعرفي وضعية الجنين في الشهر التاسع. اكتشاف الوضعية يتمّ من خلال عدّة وسائل بسيطة.
الوسائل المعتمدة
- فحص الطبيب اليدوي: خلال زيارة المتابعة، يقوم الطبيب بتحسس بطنكِ ليحدّد مكان رأس الجنين وظهره.
- التصوير بالموجات فوق الصوتية (السونار): هو الأسلوب الأدقّ. يُظهر بوضوح موقع الرأس والأطراف.
- إحساسكِ الشخصي: أحيانًا تستطيع الحامل أن تشعر بوضعية جنينها. مثلًا، إذا شعرتِ بحركات قوية في أعلى البطن، فغالبًا يكون رأس الجنين إلى الأسفل.
متى تجرى هذه التقييمات؟
تبدأ المراقبة الدقيقة للوضعية في الأسبوع 36 من الحمل، وتُكرّر عند كلّ زيارة لاحقة حتى حلول المخاض.
ماذا تعني حركات الجنين في الشهر التاسع؟
رغم ضيق المساحة، يواصل الجنين حركاته. لكن، تتغيّر طبيعة هذه الحركات. من المهمّ أن تعرفي ماذا تعني.
التغيرات الطبيعية في الحركات
- الحركات تصبح أبطأ: بسبب ضيق المساحة. هذا طبيعي طالما بقي الجنين يتحرّك بانتظام.
- الركلات أقوى: قد تشعرين بركلات أقوى في أعلى البطن مع استقرار الرأس للأسفل.
- الاهتزازات الخفيفة: أحيانًا تشعرين باهتزاز يشبه النبض. قد يكون نتيجة الحازوقة، وهي طبيعية تمامًا.
متى يجب القلق؟
- في حال توقّفتِ عن الشعور بأيّ حركة خلال 24 ساعة، اتّصلي فورًا بطبيبكِ.
- تغيّر مفاجئ في نمط الحركات (أقلّ من المعتاد) يستدعي أيضًا استشارة طبية.
كيف تشجّعين الجنين على اتخاذ الوضعية المثلى؟
إذا لم يكن الجنين في الوضعية المثلى (الرأس للأسفل)، يمكن لبعض الخطوات أن تساعد في تحسين وضعيته.
نصائح عملية
- اجلسي بوضعيات مناسبة: استخدمي كرة الولادة أو اجلسي على كرسي بحيث يكون الحوض أعلى من الركبتين.
- مارسي تمارين الميل الأمامي (Forward-leaning inversion): تساعد الجنين على تدوير رأسه إلى الوضع الأمامي.
- تحرّكي بانتظام: المشي يوميًا يعزّز نزول رأس الجنين.
- مارسي تمارين القرفصاء باعتدال وبموافقة طبيبكِ. القرفصاء تفتح الحوض وتسهّل نزول الجنين.
- استشيري الطبيب: في حال لم يتحسّن الوضع، قد يقترح الطبيب تقنيات طبية مثل التقليب الخارجي.
الخلاصة
الآن أصبحتِ تعرفين جيّدًا كيف تتغيّر وضعية الجنين في الشهر التاسع، وما هي أنواع الوضعيات، والعوامل التي تؤثّر فيها، وكيف تكتشفينها. كما اطّلعتِ على معاني حركات الجنين في هذه المرحلة.
تابعي مراقبة وضعية الجنين بالتنسيق مع طبيبكِ، ولا تتردّدي في تطبيق النصائح المشروحة لدعم اتخاذ الوضعية المثلى. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن علامات الطلق في الشهر التاسع.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ وعي الأم بوضعية الجنين منذ بداية الشهر التاسع يمنحها شعورًا أكبر بالسيطرة والثقة. المتابعة الدقيقة، واعتماد الوضعيات الصحيحة في الجلوس والحركة، والتفاعل مع تعليمات الطبيب تشكّل عوامل رئيسية لضمان ولادة أكثر أمانًا وسلاسة. كوني دائمًا مستعدّة، وامنحي نفسكِ الراحة اللازمة في هذا الشهر الحاسم.
