لما ياسين لما ياسين 24-05-2025
هل طفلك يحتاجك أكثر مما تظنين؟

هل طفلك يحتاجك أكثر مما تظنين؟ قد يبدو هذا التساؤل بسيطًا في ظاهره، لكنّه يحمل في طيّاته أبعادًا نفسية وسلوكية عميقة. تشير دراسات علم النفس التنموي إلى أنّ الأطفال، رغم قدرتهم المحدودة على التعبير اللفظي، يرسلون إشارات دقيقة تعبّر عن حاجاتهم العاطفية. والتي قد لا تكون واضحة للأمهات في خضمّ ضغوط الحياة اليوميّة والانشغالات المستمرّة.

ias

في هذا المقال، نسلّط الضوء على مجموعة من الإشارات السلوكية والعاطفية التي تؤكّد أنّ الطفل يحتاج دعمًا عاطفيًا مضاعفًا. نستعرض أبرز المؤشرات المبكرة لهذا الاحتياج، ونحلّلها استنادًا إلى دراسات علمية موثوقة في مجالات علم النفس العصبي والتربية. وذلك مع تقديم خطوات عملية لتلبية هذه الحاجات بصورة فعّالة ومتوازنة.

١- التغيّرات السلوكية غير المبرّرة

يُعَدّ تغيّر السلوك بشكلٍ مفاجئ من دون سبب واضح من أولى العلامات التي ينبغي الانتباه لها. على سبيل المثال، عندما يظهر الطفل انفعالًا مفرطًا، أو يبدأ في نوبات بكاء غير اعتيادية، أو ينعزل عن محيطه الاجتماعي، فإنّ ذلك قد يشير إلى حاجة عاطفية لم تُشبَع بعد. وقد أثبتت دراسة نُشرت في Journal of Child Psychology and Psychiatry عام 2021، أنّ الأطفال الذين يفتقرون إلى الاحتواء العاطفي يُظهرون ارتفاعًا ملحوظًا في معدّلات السلوك المضطرب.

امرأة تعانق طفلها الحزينة
تفسير تغيّرات سلوك الطفل

٢- التعلّق المفرط أو البرود العاطفي

يظن البعض أنّ التعلّق الزائد بالأم أمر طبيعي، خاصّة في سنّ الطفولة المبكرة، إلا أنّه قد يكون أحيانًا تعبيرًا عن شعور بقلق داخلي. وفي المقابل، فإنّ البرود العاطفي أو عدم الاكتراث يمكن أن يكون آلية دفاعية يلجأ إليها الطفل لتجنّب الشعور بالخذلان أو الإهمال. تُظهر أبحاث البروفيسورة Susan Johnson من جامعة كاليفورنيا أنّ هذين النمطين، وإن بديا متناقضين، إلا أنّ مصدرهما واحد: الحاجة العميقة إلى شعور مستقر بالأمان العاطفي والدعم النفسي.

٣- التراجع الأكاديمي وصعوبات التركيز

حين يتراجع أداء الطفل المدرسي، أو يُظهر صعوبة في التركيز والانتباه، قد لا يكون السبب أكاديميًا بحتًا. تشير دراسة نُشرت في Frontiers in Psychology عام 2020 إلى وجود ارتباط وثيق بين الدعم العاطفي الأسري وقدرات الطفل المعرفية. وقد بيّنت الدراسة أنّ الأطفال الذين يشعرون بالاحتواء والرعاية يتمتّعون بقدرة أعلى على حلّ المشاكل، وتحليل المعلومات، والحفاظ على التركيز. والسؤال الذي يفرض نفسه مجددًا: هل طفلك يحتاجك أكثر مما تظنين؟

امرأة تعانق طفلها الحزين
تفسير التراجع الأكاديمي عند الأطفال

٤- اضطرابات النوم والشهية

تُعَدّ المعاناة من اضطرابات النوم وتغيّرات الشهية مؤشّرات نفسية موثوقة لدى الأطفال. فإن لاحظتِ أنّ طفلكِ يعاني من صعوبة في النوم، أو يستيقظ ليلًا مرارًا، أو يُظهر تغيّرًا مفاجئًا في عاداته الغذائية، فقد يكون ذلك انعكاسًا لمشاعر القلق أو التوتّر. أوضحت دراسة أعدّتها Harvard Medical School عام 2022 أنّ التوتّر العاطفي يؤثّر في إفراز هرمونات مثل الكورتيزول والميلايتونين. ما ينعكس مباشرةً على جودة النوم والتوازن الغذائي لدى الأطفال.

٥- الأسئلة الوجودية والقلق من الانفصال

في بعض الأحيان، يبدأ الطفل بطرح أسئلة مثل: “هل ستتركينني؟”، “هل تحبّينني دائمًا؟”، أو “لماذا نموت؟”. في الواقع، لا تعبّر هذه الأسئلة دائمًا عن فضول فلسفي، بل غالبًا ما تعكس محاولة صادقة للتأكّد من ثبات الحب والأمان في حياته. وبحسب الدكتور Daniel Siegel، أخصائي الطب النفسي العصبي، يستخدم الأطفال هذه الأسئلة تحديدًا لاختبار العلاقة مع الأم، كما يسعون من خلالها إلى التأكّد من أنّ محبتها لا ترتبط بتصرّفٍ معيّن أو بنتائج محدّدة. لذلك، يجب على الأم أن تعي هذا النوع من التواصل، لأنّه يكشف عن حاجة عميقة للاحتواء والطمأنينة.

طفل حزين يعانق والدته
تفسير قلق الطفل من الانفصال

٦- كيف تستجيبين لهذه الإشارات؟ خطوات مدروسة لدعم الطفل نفسيًا

ينصح الخبراء باتباع ثلاث خطوات أساسية:

  • الإصغاء الفعّال: ركّزي على التواصل البصري مع طفلك، وامنحيه كامل انتباهك عند الحديث، من دون مقاطعة أو إصدار حكم مسبق.
  • التخصيص الزمني اليومي: خصّصي 15 إلى 30 دقيقة يوميًا للّعب أو الحوار المفتوح. هذا الوقت القصير نوعيًا يكون له أثر طويل المدى على نمو الطفل العاطفي.
  • التعبير اللفظي عن الحب والدعم: لا تكتفي بتقديم الرعاية، بل احرصي على التعبير المباشر عن حبك وتقديرك له. فالدعم العاطفي المُعلن يعزّز الشعور بالأمان الداخلي ويخفّف من القلق الوجودي.

الخلاصة

في ظلّ الانشغالات اليومية، تختفي أحيانًا الإشارات الدقيقة التي يرسلها الطفل للتعبير عن حاجته العاطفية. في كل يوم، تظهر تصرفات تحمل معاني أعمق مما تبدو عليه. من هنا، يجب أن نطرح هذا السؤال باستمرار: هل طفلك يحتاجك أكثر مما تظنين؟

لهذا السبب، عندما تُصغين بانتباه وتستجيبين بوعي، تُعزّزين شعور طفلك بالأمان. نتيجة لذلك، تمنحين طفلك البيئة العاطفية المتوازنة التي يحتاجها كي ينمو بطريقة سليمة، نفسيًا وسلوكيًا. بهذه الطريقة، تبنين علاقة قوية ومستقرة بينك وبين طفلك. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن طرق لتطوير علاقة قوية مع طفلك.

وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى بوضوح أنّ إدراك الأم لاحتياجات طفلها النفسية يُشكّل، أولًا، أساسًا متينًا لبناء أمومة واعية ومتوازنة. لذلك، لا أقيس قيمة الأم بحجم المهام التي تنفّذها يوميًا، بل أقيّم دورها من خلال مدى حضورها العاطفي، ومدى تجاوبها الذكي مع ما لا يُقال بالكلمات. في الواقع، أؤمن بشدّة أنّ كل أم، حين تنتبه إلى هذه الإشارات الدقيقة، تستطيع بسهولة أن تُحدث فرقًا جذريًا في الاستقرار النفسي لطفلها. ولأجل ذلك، تحتاج فقط إلى القرب الدائم، والانتباه الحقيقي، والحنان الصادق والمستمر.

الأمومة والطفل أساليب تربية الأبناء الأم والطفل تربية الأبناء تربية الأطفال تربية الطفل نصائح الأم والطفل

مقالات ذات صلة

بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
الأم والطفل بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
هل تعانين من هذه المشاكل؟
امرأة تشرح للطبيبة ألم المعدة
اعراض الحمل هل الم المعدة من اعراض الحمل​: إليكِ الأعراض الأقلّ شيوعًا للحمل!
أعراض الحمل الأقلّ شيوعًا
بكتيريا نافعة
صحة الطفل فوائد البكتيريا النافعه للاطفال​: لن تصدّقي كيف تساعد أجهزة جسم طفلكِ!
كل ما يتعلّق بصحة طفلكِ
امرأة حامل في حقل القمح
الجنين كثرة حركة الجنين في الشهر السادس​: كلّ ما ترغبين في معرفته عن هذا الشهر من الحمل!
كل ما تريدين أن تعرفيه
تأخر التبويض
التبويض التبويض المتأخر متى يبان الحمل​
كل ما تريدين معرفته
امرأة حامل تنظر إلى بطنها
الأسبوع الخامس عشر هل يتحرك الجنين في الأسبوع 15​: معلومات تعرفينها لأوّل مرّة!
تطورات الحمل الأسبوعية
بالفيديو، اسمحي لرضيعك ان يضع قدمه في فمه
الأم والرضيع بالفيديو، اسمحي لرضيعك ان يضع قدمه في فمه
اكتشفي الأسباب!
طفلة تعاني من السعال
صحة الطفل علاج الخناق عند الأطفال بالاعشاب​: مرض خطير يهدّد حياة طفلكِ!
كل ما تريدين معرفته
طفلة صغيرة تنظر ببراءة
مراحل نمو الطفل الجسدية العاده السريه عند الاطفال​: حالة تصيب الأمّهات بالهلع وحيرة في التصرّف!
مشكلة تشغل بال الأمهات
3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
الأمومة والطفل 3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
تضمن لكِ تربية طفل واثق وسعيدة!
طفلة تقيس طولها
صحة الطفل حساب كتلة الجسم للاطفال​: كيف تعرفين وزن طفلكِ الطّبيعي!
كل ما يهمك عن صحة طفلك
ما الذي يجعل مشاعر الأمومة مع الطفل فريدة لا تشبه أي حب آخر؟
الأمومة والطفل ما الذي يجعل مشاعر الأمومة مع الطفل فريدة لا تشبه أي حب آخر؟
إليكِ ما لم تعرفيها من قبل..

تابعينا على