ماذا يكشف برود المشاعر عن مصير علاقتك بزوجك؟ سؤالٌ يتردّد كثيرًا في ذهن كل زوجة تشعر بأن زوجها لم يعد كما كان، أو أن حرارة العلاقة قد خفتت شيئًا فشيئًا. في بداية الزواج، تسود المشاعر الدافئة، والكلمات العذبة، والتواصل العاطفي العميق. لكن مع مرور الوقت، قد تظهر بوادر من الفتور في العلاقة أو الصمت العاطفي، ما يثير القلق حول مستقبل العلاقة.
سنعالج في هذا المقال الأسباب النفسية والسلوكية لهذا البرود، ونتطرّق إلى المؤشرات التي تدلّ على تراجع المشاعر، ثم نعرض النتائج التي توصلت إليها دراسات علم النفس الاجتماعي في هذا المجال. وفي الختام، سنقدّم خطوات علمية وعملية للتعامل مع هذه المشكلة قبل أن تهدد كيان العلاقة الزوجية.
ما هو البرود العاطفي؟
يُقصد بالبرود العاطفي في العلاقة الزوجية غياب التعبير عن المشاعر، وانخفاض التفاعل الحسي والعاطفي بين الزوجين. لا يعني هذا بالضرورة وجود كراهية، بل قد يكون مؤشّرًا على الانفصال النفسي التدريجي.

يُعرّف الباحث النفسي “جون غوتمان” – أحد أبرز علماء العلاقات الزوجية – البرود العاطفي بأنه “المرحلة الصامتة التي تسبق الانفصال. حيث تتوقف فيها محاولات الإصلاح ويحلّ الصمت مكان النقاش”.
وفقًا لدراسة نُشرت في Journal of Family Psychology عام 2017، فإن الأزواج الذين يعانون من برود عاطفي مزمن هم أكثر عرضة بنسبة 60% للانفصال خلال السنوات الثلاث الأولى من الزواج، مقارنة بأولئك الذين يحافظون على حدٍّ أدنى من التعبير العاطفي.
ما هي الأسباب الشائعة للبرود العاطفي؟
هذا البرود لا يأتي فجأة، بل يتسلل تدريجيًا نتيجة تراكُم عوامل متعدّدة، منها:

1. الضغوط اليومية
العمل المتواصل، والمسؤوليات المنزلية، وتربية الأطفال، جميعها تُجهد الزوج نفسيًا وجسديًا. ما يقلّل من قدرته على التعبير العاطفي.
2. فقدان الحوار
مع مرور الوقت، يقل الحديث بين الزوجين، خاصّةً إن لم يكن هناك وقت مخصص للجلوس والتواصل الهادئ، فيتحول كل تفاعل إلى مهام يومية من دون بُعد عاطفي.
3. الروتين العاطفي
عدم تجديد المشاعر والاعتماد على العادة في العلاقة يؤدّي إلى فتور تدريجي، فيغيب الشغف والمبادرة.
4. تجارب الطفولة أو الصدمات النفسية
يواجه العديد من الرجال صعوبة في التعبير عن مشاعرهم نتيجة لنمط التنشئة الذي لا يشجع على الإفصاح. ممّا يؤدّي إلى كبت داخلي لا يُترجم إلى مودة ظاهرة.
ماذا يكشف برود المشاعر عن مصير علاقتك بزوجك؟
عند ملاحظة هذا البرود، لا بد من التساؤل: هل هو مؤقت؟ أم أنه يكشف عن تحول جوهري في العلاقة؟
وفقًا لدراسة صادرة عن Harvard Medical School، فإن الأزواج الذين لا يتعاملون مع هذا النوع من المشاكل بسرعة، يدخلون في دائرة الانفصال العاطفي، والتي غالبًا ما تسبق الانفصال الفعلي.
أيضًا، بيّنت دراسة في Psychology Today أن استمرار البرود العاطفي لمدة تتجاوز 6 أشهر من دون تدخل أو محاولة إصلاح قد يكون مؤشرًا قويًا على أن العلاقة تمر بمخاطر حقيقية، منها:
- ضعف الارتباط النفسي
- غياب الإشباع العاطفي
- زيادة احتمالية الخيانة أو الهروب العاطفي
- تأثر الأطفال سلوكيًا إن وُجدوا
إذا شعرتِ بأنكِ تبذلين جهدًا للحفاظ على التواصل العاطفي من دون تجاوب، فهذا قد يشير إلى وجود خلل بنيوي في العلاقة.
كيف تتعاملين مع هذا البرود؟
لا بد من خطوات مدروسة لاستعادة دفء العلاقة:

1. ابدئي بالتواصل الهادئ
اجلسي مع زوجكِ بعيدًا عن ضغوط الحياة اليومية. اختاري وقتًا مناسبًا وعبّري بلطف عن مشاعرك من دون لوم. اطرحي سؤالك بصيغة محبة، مثل: “هل تشعر بأننا بحاجة إلى وقت لأنفسنا؟”.
2. جدّدي نمط العلاقة
مارسي مع زوجكِ أنشطة غير تقليدية، مثل السفر القصير، أو ممارسة هواية مشتركة. فالتجديد يساعد على كسر الروتين وإعادة الشغف.
3. اطلبي المساعدة المختصّة
في بعض الحالات، قد يكون من المفيد استشارة مستشار نفسي مختص في العلاقات الزوجية. التدخل المهني يوفّر بيئة آمنة لتفريغ المشاعر وفهم جذور المشكلة.
4. اهتمي بذاتك أولًا
عندما تهتمين بنفسكِ عاطفيًا ونفسيًا، تصبحين أكثر قدرة على منح الحب دون انتظار مقابل فوري. لا تهملي مشاعركِ ولا تهملي إشارات الإنهاك العاطفي.
متى يجب أن تقلقي؟
إذا استمر البرود رغم كل المحاولات، ورافقه:
- تجاهل متعمد لمشاعركِ
- غياب الدعم النفسي
- رفض مستمر للحوار
فقد تكون هذه إشارات خطر تستدعي إعادة تقييم العلاقة. لأن ماذا يكشف برود المشاعر عن مصير علاقتك بزوجك؟ لا يمكن تجاهله عندما تصبح العلاقة مصدرًا للألم بدلًا من الأمان.
الخلاصة
في النهاية، يبقى البرود العاطفي اختبارًا حقيقيًا للعلاقة الزوجية. ليس من السهل تجاوزه، ولكنه ليس مستحيلًا. التشخيص المبكر، والتواصل، والنية الصادقة للإصلاح هي مفاتيح النجاح.
ماذا يكشف برود المشاعر عن مصير علاقتك بزوجك؟ يكشف عن مدى استعدادكما للعمل على العلاقة، عن عمق الترابط بينكما، بالإضافة إلى قدرة كل منكما على الإصلاح قبل أن يتسع الشرخ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن العلامات الخفية التي تدمر حياتك الزوجية من دون أن تشعري.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن التعامل مع البرود العاطفي لا يجب أن يُنظر إليه كفشل، بل كفرصة لإعادة اكتشاف العلاقة على أسس ناضجة. كل علاقة تمر بمراحل فتور، لكن الفرق الحقيقي يظهر في طريقة الاستجابة. لا تهملي إشارات التغيّر، وامنحي العلاقة ما تستحقه من حوار واهتمام وصدق.