في عصرٍ باتت فيه التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من يومياتنا، يبرز الذكاء الاصطناعي (AI) كأحد أهم الأدوات التي تغيّر نظرتنا إلى التعليم. اليوم، لم يعد الطفل يعتمد فقط على الكتاب والمعلمة. بل أصبح يتفاعل مع برامج ذكية تساعده على الفهم، وتدعم نطقه، وتُطوّر مهاراته القرائية بطريقة ممتعة ومحفّزة.
ومع انطلاق القمة اللبنانية للذكاء الاصطناعي 2025 (AI Tech Summit Lebanon 2025) في 7 نوفمبر برعاية سعادة الدكتور نواف سلام، رئيس مجلس الوزراء في لبنان، وبإشراف وزير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، الدكتور كمال شحادة، ازدادت الأنظار نحو الدور الحيوي للتكنولوجيا في دعم التعليم والتربية الحديثة. هذه القمة، التي تنظّمها وزارة التنمية الإدارية والاقتصاد الرقمي، جمعت نخبة من المبتكرين والخبراء لمناقشة كيفية تحويل الذكاء الاصطناعي إلى أداة فعّالة تُسهم في بناء جيلٍ أكثر ذكاءً وثقة بنفسه.
الذكاء الاصطناعي يغيّر مفهوم التعلّم عند الأطفال
يُعيد الذكاء الاصطناعي تعريف عملية التعليم من خلال أدواتٍ تفاعلية تجعل الطفل محور التجربة التعليمية. تُقدّم تطبيقات الذكاء الاصطناعي تمارين مصمّمة بحسب مستوى الطفل، فتُقيّم أداءه فورًا وتوجّهه نحو التمارين التي يحتاجها فعلًا. بهذه الطريقة، يتعلّم الطفل من أخطائه بطريقة طبيعية من دون إحباط.
على سبيل المثال، تستخدم بعض البرامج خوارزمياتٍ ذكية لتحليل نطق الطفل وتصحيح مخارج الحروف أو الكلمات بشكل فوري. ما يجعلها مفيدة جدًا للأطفال الذين يعانون من صعوبات في النطق أو التأخر اللغوي. وهكذا، يتحوّل التعلم إلى رحلة ممتعة مليئة بالتفاعل والاكتشاف، بدل أن يكون واجبًا جامدًا أو تقليديًا.
أدوات AI في خدمة الفهم والقراءة
تُساعد أدوات الذكاء الاصطناعي الطفل على تطوير مهارات الفهم القرائي بطريقة متكاملة. عندما يقرأ الطفل نصًا على تطبيق تعليمي ذكي، تقوم الخوارزميات بتحليل نبرة صوته، وسرعة قراءته، ومدى استيعابه للكلمات. ثم تُقدّم ملاحظات فورية بأسلوبٍ مشجّع. ما يعزز ثقته بنفسه ويجعله يرغب في القراءة أكثر.
وتستخدم هذه الأدوات خاصية “التعلّم التكيّفي” (Adaptive Learning)، أي أنها تتغيّر بحسب أداء الطفل وسرعة تقدّمه. فكلّما أتقن مهارة معيّنة، ارتفع مستوى الصعوبة تدريجيًا بطريقة مدروسة. ومع الوقت، يكتسب الطفل حبّ القراءة والتعلّم المستمر، وهو الهدف الأساسي لأي تربية ناجحة.
ومع اهتمام القمة اللبنانية للذكاء الاصطناعي 2025 بمحور التعليم الذكي، تؤكّد الدولة من جديد أن مستقبل أطفالنا يعتمد على التكنولوجيا المسؤولة التي تُنمّي القدرات الفكرية وتفتح أبواب الإبداع أمامهم.
التكنولوجيا تُقرّب الطفل من المعلّم لا تُبعده عنه
يعتقد البعض أن الذكاء الاصطناعي قد يُبعد الأطفال عن التواصل الإنساني، لكن الحقيقة مختلفة. فعندما تُستخدم الأدوات الرقمية بطريقة مدروسة، تُصبح وسيلة تُسهّل عمل المعلّم وتدعمه، لا بديلًا عنه. تساعد أدوات AI المعلّمين على تتبّع تطور كل طفل بسهولة، وتقديم الدعم المناسب له في الوقت المناسب.
ومن خلال القمة اللبنانية للذكاء الاصطناعي 2025، سيُناقش الخبراء أهميّة دمج التكنولوجيا داخل الصفوف بطريقة تُعزّز التعاون والتفاعل الإيجابي بين الأطفال والمعلمين. فكل تجربة رقمية ناجحة تبدأ بالتوازن بين العقل الإنساني والذكاء الآلي، وهذا ما يُميّز مستقبل التعليم في لبنان والعالم.
يُظهر الذكاء الاصطناعي أن التعليم يمكن أن يكون ذكيًا، ممتعًا، وإنسانيًا في الوقت نفسه. ومع الجهود التي تُبذل اليوم في لبنان، خاصّةً بعد تقرير انعقاد هذا الحدث المهمّ، تتّضح ملامح مرحلة جديدة من التعليم تُقدّر الإبداع، وتحتفي بالمعرفة، وتؤمن بقدرة كل طفل على التميّز بطريقته الخاصة.
