يشكّل الحمل مرحلة دقيقة تمزج بين الفرح والقلق، إذ تتغيّر خلالها هرمونات المرأة وتتأثر حالها النفسية بشكل كبير. يشعر بعض النساء بقلقٍ مستمر حول صحّة الجنين في الرحم، والخوف من الولادة، أو التغيّرات الجسدية التي ترافق الحمل. لكنّ ما لا تدركه الكثير من الأمهات هو أنّ هذا القلق لا يتوقّف عند حدودها، بل قد يمتدّ ليؤثّر في سلوك الطفل بعد الولادة.
تؤكد الأبحاث الحديثة أنّ الحال النفسية للأم الحامل تترك بصمتها في دماغ الجنين منذ المراحل الأولى. لهذا، من الضروري أن تتعامل الحامل مع قلقها بطريقة صحيّة، لأنّ كلّ لحظة توتر قد تُترجم لاحقًا في سلوك طفلٍ أكثر حساسية أو اندفاعًا. في الأسطر الآتية، نستعرض العلاقة بين القلق أثناء الحمل ونمو الطفل السلوكي والعاطفي، مع تقديم نصائح للتعامل مع هذه الحالة بوعي.
تأثير القلق على نمو دماغ الجنين
يفرز جسم الحامل عند الشعور بالقلق هرمون الكورتيزول الذي يعبر المشيمة بسهولة. ومع الوقت، ترتفع نسبته في دماغ الجنين وتؤثر على تطوّر المناطق المسؤولة عن الانفعالات والانتباه. تُشير دراسات علمية عديدة إلى أنّ ارتفاع الكورتيزول خلال الحمل يزيد احتمال إصابة الطفل لاحقًا بفرط النشاط أو اضطرابات المزاج. لذلك، تُعدّ إدارة التوتر ضرورة أساسية لحماية النمو العصبي السليم للجنين.
سلوك الطفل بعد الولادة
عندما تعيش الأم حالة قلق مزمن أثناء الحمل، يصبح الطفل أكثر عرضة للانفعال السريع وصعوبة التكيّف مع المواقف الجديدة. وقد يواجه مشاكل في النوم أو في التعامل مع الآخرين. في بعض الحالات، يُظهر الأطفال خوفًا مفرطًا من الانفصال عن الأم، لأنّهم يشعرون منذ البداية بعدم الأمان. لذلك، يرتبط التوازن النفسي للأم ارتباطًا مباشرًا باستقرار شخصية الطفل في المستقبل.
كيف تتغلّبين على القلق؟
من المهم أن تدرك الحامل أنّ القلق ليس عيبًا بل استجابة طبيعية، لكنّ السيطرة عليه تُحدث فرقًا كبيرًا. أولًا، يمكن ممارسة تمارين التنفس العميق يوميًا لتخفيف الشعور بالتوتر. ثانيًا، يُستحسَن المشي في الطبيعة أو الإصغاء للموسيقى الهادئة لتحفيز هرمون السعادة. كما يساعد التحدث مع الزوج أو الطبيب النفسي على تفريغ المخاوف ومنع تراكمها. وأخيرًا، يؤدّي الدعم العاطفي من العائلة دورًا أساسيًا في الحفاظ على توازن الحامل.
إنّ القلق أثناء الحمل قد يؤثر على سلوك الطفل لاحقًا، لذلك يجب على كلّ أمّ أن تمنح نفسها وقتًا للراحة والطمأنينة. فالعناية بالنفس ليست رفاهية بل مسؤولية تجاه الجنين الذي يستشعر حالتها منذ اللحظة الأولى. الحفاظ على راحة البال، والتغذية المتوازنة، والنوم الكافي، جميعها مفاتيح تهيّئ الطفل لحياة أكثر هدوءًا وثباتًا. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ أنّ ابتسامة الجنين تظهر قبل الولادة.
