تُعتبَر علامات قرب الولاده بيوم رسائل واضحة يبعثها جسدك ليُعلن أن اللحظة المنتظرة قد اقتربت كثيرًا. هذه العلامات لا تكون عشوائية، بل تظهر فجأة بسبب تغيّرات هرمونية وجسدية دقيقة. في هذا الوقت، يحتاج جسمك إلى كامل طاقته ليبدأ رحلة المخاض. لذلك من المهم أن تتعرّفي عليها بسرعة كي لا تتفاجئي.
وفي هذا المقال سوف نشرح لكِ بالتفصيل العلامات الأبرز التي تسبق الولادة بيوم واحد، مع تسليط الضوء على التغيرات الجسدية والنفسية التي قد تواجهينها. كما سنضع بين يديكِ خطة بسيطة لتفهمي كيف تميّزين بينها وبين العوارض العادية للحمل، لتكوني أكثر استعدادًا خلال دقائق فقط.
نزول السدادة المخاطية
أول علامة أساسية هي نزول السدادة المخاطية. هذه السدادة عبارة عن إفراز سميك يتكوّن في عنق الرحم لحماية الجنين في الرحم من أي عدوى. عند اقتراب الولادة، يلين عنق الرحم وينفتح تدريجيًا، ممّا يسمح بخروج هذه السدادة. قد تلاحظين أن لونها مائل إلى الوردي أو مدموج ببقع دم خفيفة.

يؤكّد العلماء أن نزول السدادة هو مؤشر قوي على بدء تغيّرات حقيقية في عنق الرحم. وغالبًا ما يحدث هذا خلال 24 ساعة قبل الولادة. ومع ذلك، لا بد من التوضيح أن بعض النساء قد يلاحظن هذه العلامة قبل ساعات فقط من المخاض، لذلك يجب التعامل معها بجدية.
زيادة قوة الانقباضات
من أبرز علامات قرب الولاده بيوم الانقباضات القوية والمنتظمة. الانقباضات التي كنتِ تشعرين بها طوال الحمل كانت تُسمى “انقباضات براكستون هيكس”، وهي مجرد تمهيد. لكن مع اقتراب الولادة، تصبح الانقباضات منتظمة، ومؤلمة، وتزداد قوتها مع مرور الوقت.
يوضح الطب أن هذه الانقباضات ناتجة عن إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يحفّز الرحم على التوسع. وتظهر الدراسات أن انتظام الانقباضات كل خمس إلى عشر دقائق يشير بشكل مباشر إلى أن الولادة ستبدأ خلال ساعات قليلة.
تغيّر في إفرازات الجسم
قبل الولادة بيوم، قد تلاحظين أن الإفرازات المهبلية أصبحت أكثر كثافة وسيولة. السبب العلمي هو زيادة إفراز البروستاغلاندين، وهو هرمون يساعد على تليين عنق الرحم وتحفيز التقلصات. قد تمتزج هذه الإفرازات ببقع دم خفيفة، وهو ما يُسمّى بـ”العرض الدموي”.
هذه العلامة لا يجب تجاهلها لأنها تشير إلى أن جسمك بدأ فعليًا يتهيأ لمرور الجنين. ومن المهم التفرقة بين الإفرازات الطبيعية للحمل وبين الإفرازات التي تسبق الولادة والتي تكون عادةً أوضح وأغزر.
آلام أسفل الظهر والضغط على الحوض
كثير من النساء يعانين من آلام في أسفل الظهر والضغط في منطقة الحوض قبل الولادة بيوم. هذه الآلام ناتجة عن نزول رأس الجنين إلى الأسفل واستقراره في قناة الولادة. يزداد الضغط تدريجيًا، ممّا يجعل المشي أو تغيير الوضعية أكثر صعوبة.
توضح الدراسات الطبية أن هذا الضغط يساعد على توسيع عنق الرحم بشكل طبيعي. كما أنّ الشعور بالثقل في الحوض يُعتبر من العلامات المؤكّدة التي لا لبس فيها.
تغيّر في النشاط الجسدي والشعور بالطاقة
من المفاجآت الغريبة التي قد تحدث قبل الولادة بيوم هو شعور بعض النساء بزيادة مفاجئة في الطاقة والنشاط، رغم التعب والإرهاق. يُطلق على هذه الظاهرة اسم “طاقة العشّ”، حيث تشعر المرأة بحاجة ملحّة إلى ترتيب المنزل أو تحضير أغراض الطفل.

يعود السبب وراء هذا التغيّر إلى اندفاع هرمونات مثل الأدرينالين التي يفرزها الجسم استعدادًا للحدث الكبير. تختفي هذه الطاقة المؤقتة سريعًا عند بدء المخاض الفعلي.
تغيّرات في الجهاز الهضمي
قد تشمل علامات قرب الولاده بيوم أيضًا تغيّرات في الجهاز الهضمي، مثل الإسهال الخفيف أو زيادة حركة الأمعاء. السبب العلمي هو إفراز البروستاغلاندين، الذي لا يقتصر تأثيره على الرحم فقط، بل يمتد ليحفّز الأمعاء أيضًا.
هذه التغيرات تساعد الجسم على تفريغ نفسه استعدادًا لعملية الولادة، حيث يكون من الأفضل أن تكون المعدة والأمعاء فارغة أثناء المخاض. لذلك، لا تقلقي إذا لاحظتِ هذه العوارض، فهي طبيعية تمامًا.
تغيّر في التنفس والشعور بالخفة
مع نزول رأس الجنين إلى منطقة الحوض، قد تلاحظين تحسنًا في التنفس، وكأن صدرك أصبح أكثر اتساعًا. هذا يحدث لأن الضغط على الحجاب الحاجز يقلّ، ما يمنحك شعورًا بالخفة.
لكن في المقابل، قد تشعرين بالحاجة المتكررة إلى التبول بسبب الضغط على المثانة. هذا التناقض بين الراحة في التنفس وكثرة دخول الحمام هو إشارة قوية إلى اقتراب الولادة.
إنّ علامات قرب الولاده بيوم كثيرة ومتنوعة، تبدأ من نزول السدادة المخاطية وتستمر مع الانقباضات المنتظمة، وتغيّر الإفرازات، والضغط في الحوض، والإسهال الخفيف، وحتى الشعور بالنشاط المفاجئ أو الأرق. كل هذه العلامات تعمل معًا كمنظومة متكاملة تساعد جسدك على الدخول في مرحلة المخاض بأمان. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن تفاصيل اكتئاب بعد الولادة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ معرفة هذه العلامات والتمييز بينها وبين العوارض العادية للحمل يمنحك ثقة أكبر وراحة نفسية عند حلول ساعة الولادة. لذلك، أنصحك دائمًا بالاستعداد المسبق من خلال تجهيز حقيبة الولادة، والتواصل مع طبيبك بشكل دوري، وعدم تجاهل أي إشارة يرسلها جسدك. الوعي بهذه العلامات ليس رفاهية، بل ضرورة لكل امرأة حامل تستعد لاستقبال طفلها بسلام.