تُعَدّ اعراض التسمم الغذائي للحامل من الأمور التي تثير القلق لدى العديد من النساء خلال فترة الحمل. فالجهاز المناعي للحامل يصبح أكثر حساسية، ما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بعدوى الطعام الملوّث، وهذا ما قد ينعكس سلبًا على صحتها وصحة الجنين في الرحم. الإصابة بالتسمم الغذائي ليست أمرًا بسيطًا في هذه المرحلة الدقيقة، بل قد تكون في بعض الحالات مدخلًا لمضاعفات خطيرة، خاصّةً إذا لم يُكتشف في الوقت المناسب.
في هذا المقال، سنستعرض معكِ أبرز اعراض التسمم الغذائي للحامل التي يجب التنبه لها، وسنوضح الحالات التي تستوجب تدخّلًا طبيًا سريعًا. كما سنشرح الأسباب الأكثر شيوعًا للتسمم الغذائي خلال الحمل، وكيفية الوقاية من الإصابة بهذه الحال بوسائل آمنة وفعالة. استعدّي لاكتساب معلومات علمية موثوقة من شأنها أن تحميكِ وتحمي جنينكِ من أخطار غير مرئية في الطعام.
ما هو التسمم الغذائي ولماذا تصبح الحامل أكثر عرضة له؟
يحدث التسمم الغذائي نتيجة تناول طعام أو شراب ملوّث ببكتيريا أو فيروسات أو طفيليات. ويُعَدّ من أكثر أسباب الأمراض المعدية شيوعًا عالميًا. بالنسبة للحامل، يتغيّر الجهاز المناعي بشكل طبيعي لدعم نمو الجنين، ما يجعل الجسم أقل مقاومة لبعض أنواع العدوى. لذلك، فإنّ تناول أطعمة غير آمنة يمكن أن يسبب نتائج صحية أكثر خطورة مقارنةً بغير الحوامل.

أشارت دراسة منشورة في Journal of Perinatal Medicine إلى أن الحوامل أكثر عرضةً بنسبة تصل إلى 20% للإصابة بعدوى Listeria monocytogenes مقارنةً بغيرهنَّ. وهي بكتيريا خطيرة قد تؤدّي إلى الإجهاض أو الولادة المبكرة.
ما هي أبرز عوارض التسمم الغذائي للحامل؟
يجب على كل امرأة أن تتعرف بدقّة على اعراض التسمم الغذائي للحامل كي تتصرّف بسرعة. قد تظهر هذه العوارض بعد ساعات من تناول الطعام الملوّث أو حتى بعد يوم كامل، وتشمل:
- الغثيان والتقيؤ: من أكثر العلامات شيوعًا. إذا استمر التقيؤ لأكثر من 12 ساعة، يُعتبَر الأمر مقلقًا.
- الإسهال المتكرر: خاصّةً إذا ترافق مع وجود دم أو مخاط.
- ألم في المعدة أو تقلّصات قوية: يدل على محاولة الجسم التخلص من الملوّث.
- ارتفاع في درجة الحرارة: خاصة إذا تجاوزت 38.5 درجة مئوية.
- الدوخة والضعف العام: نتيجة فقدان السوائل.
- انقباضات رحمية مبكرة: علامة خطيرة يجب عدم تجاهلها.
إنّ ظهور أكثر من عرض في الوقت نفسه يستدعي مراجعة الطبيب فورًا، خاصّةً في الثلث الثاني والثالث من الحمل.
متى تصبح العوارض خطيرة وتتطلب تدخّلًا فوريًا؟
رغم أن بعض الحالات تكون خفيفة وتُشفى تلقائيًا، إلا أن هناك علامات محددة تتطلب التدخل الطبي العاجل:

- استمرار الإسهال أو التقيؤ لأكثر من 24 ساعة.
- عدم القدرة على الاحتفاظ بالسوائل، ما قد يؤدي إلى الجفاف.
- وجود دم في البراز أو القيء.
- ألم مستمر في البطن لا يزول بالراحة.
- شعور بانخفاض في حركة الجنين.
- تشنجات أو انقباضات رحمية متكررة قبل وقت الولادة.
في هذه الحالات، يجب التوجّه إلى قسم الطوارئ من دون انتظار موعد الطبيب.
أسباب شائعة للتسمم الغذائي خلال الحمل
يُعَدّ تعرّف الحامل على مصادر الخطر أمرٌ ضروري. ترتبط أكثر أسباب التسمم الغذائي خلال الحمل بممارسة عادات غذائية غير مدروسة، نذكر منها:
- تناول اللحوم النيئة أو غير المطهية جيدًا، مثل السوشي أو اللحوم نصف المطهية.
- شرب الحليب غير المبستر أو مشتقاته.
- تناول البيض النيء أو المأكولات المحتوية عليه، مثل بعض أنواع الحلويات.
- الخضار غير المغسولة جيدًا، والتي قد تحتوي بكتيريا E. coli أو طفيليات Toxoplasma.
- الأطعمة المعلبة المفتوحة لفترات طويلة أو التي تُخزن بطريقة غير صحيحة.
يمكن تفادي كل هذه العوامل من خلال اعتماد نظام غذائي آمن والابتعاد عن المخاطر الواضحة.
كيف تقي نفسك من التسمم الغذائي خلال الحمل؟
تبدأ الوقاية من المطبخ. إليكِ بعض الخطوات التي تساعدكِ على تجنب اعراض التسمم الغذائي للحامل:

- غسل اليدين جيدًا قبل تحضير الطعام.
- طهي الأطعمة على حرارة مناسبة لضمان قتل الجراثيم.
- تجنب إعادة تسخين الطعام أكثر من مرة.
- قراءة تاريخ انتهاء الصلاحية والتأكّد من سلامة المنتجات.
- تجنّب تناول الأكل من مطاعم غير موثوقة أو عربات الشارع.
- الاحتفاظ بالأطعمة في البراد خلال أقل من ساعتين بعد الطبخ.
إنّ اتّباع هذه القواعد يحميكِ من مخاطر كثيرة لا تُرى بالعين المجرّدة.
الخلاصة
من المهم لكل امرأة حامل أن تبقى يقِظة لأي تغيرات تطرأ على جسمها، وأن تميّز بين الانزعاج العادي في الحمل وبين علامات الخطر. لا يجب أن تُهمَل اعراض التسمم الغذائي للحامل، لأنها قد تتطوّر بسرعة وتؤثر على الجنين أيضًا. صحتكِ تبدأ من طعامكِ، ومن حسن اختياركِ لما يدخل إلى جسدكِ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن اعراض التهاب البول للحامل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الوقاية من التسمم الغذائي تبدأ بالمعرفة ثم بالانتباه. لا يكفي أن نعرف الخطر، بل علينا أن نتصرف بذكاء تجاهه. تحتاج المرأة الحامل إلى الوعي الغذائي اليوم أكثر من أي وقت مضى، لأن قراراتها اليومية تؤثر على حياة صغيرة تنمو بداخلها. اختيارات بسيطة وصحيحة قد تصنع فارقًا كبيرًا في رحلة الحمل، وتجعل منها تجربة أكثر أمانًا واطمئنانًا.