ابدئي أول 40 يوم بعد الولادة بالعناية بجسمكِ ومشاعركِ من دون أن تشعري بتردد. تمرّين في هذه المرحلة بتغيرات كبيرة لا تشمل فقط التعب الجسدي بل أيضًا التعب النفسي. يواجه جسدكِ تحديات جديدة بعد الولادة مثل التئام الجرح، وعودة الرحم إلى حجمه الطبيعي، والتغير في مستويات الطاقة.
استعدّي خلال أول 40 يوم بعد الولادة لخطة واضحة تركّز على الراحة، والتغذية، والدعم النفسي، والاهتمام الذاتي، من دون أن تشعري بالذنب. في هذا المقال، أقدّم لكِ خطوات علميّة وعمليّة لتجاوز هذه المرحلة براحة وثقة.
خصّصي وقتًا للراحة الجسدية
ابدئي يومكِ بمنح جسدكِ شعور الراحة التي يحتاجها. بعد الولادة، يتطلّب الجسم ما لا يقل عن 6 أسابيع للتعافي الكامل. تُشير أبحاث نشرتها The American College of Obstetricians and Gynecologists إلى أن النوم وشعور الراحة يدعمان التئام الجرح، وتنظيم الهرمونات، واستعادة الطاقة.

خطّطي ليومكِ بما يسمح لكِ بأخذ قيلولات قصيرة عند نوم الطفل. لا تنتظري حتى تُنهَكي. خذي كل لحظة مُمكنة للاستلقاء، حتى ولو لعشر دقائق. لا تجهدي نفسكِ بالأعمال المنزلية، واطلبي المساعدة دون خجل.
التزمي بتغذية متوازنة كل يوم
ركّزي خلال أول 40 يوم بعد الولادة على تناول وجبات غنيّة بالعناصر الغذائيّة. يحتاج جسمكِ إلى البروتينات، والحديد، والكالسيوم، والألياف. تساعد هذه العناصر في تجديد الخلايا، ودعم الرضاعة الطبيعيّة، وتقوية جهاز المناعة.
أكّدي على شرب الماء بانتظام، ولا تُقلّلي من أهميّته. أضيفي وجبات خفيفة مغذية بين الوجبات الأساسيّة، مثل تناول المكسرات، والتمر، أو الزبادي. حضّري وجبات بسيطة مسبقًا أو استعيني بمن حولكِ لتحضير طعامكِ.
خصّصي لحظات لنفسكِ كل يوم
امنحي نفسكِ دقائق يوميّة من الهدوء. افعلي شيئًا تحبّينه، ولو كان بسيطًا. ضعي عطرًا تحبينه، واستمعي لموسيقى هادئة، أو خذي حمامًا دافئًا. تُظهر الدراسات أن هذه اللحظات تقلّل من خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.

أكّدي لنفسكِ أنكِ تستحقيّن الشعور بهذه الراحة. لا تسمحي للشعور بالذنب أن يتسلّل إليكِ. أنتِ أم، لكنكِ أيضًا إنسانة تحتاج للرعاية والاهتمام. كل دقيقة تهتمين بها بنفسكِ تُعيد لكِ راحتكِ النفسية.
أطلبي الدعم بثقة
شاركي من حولكِ بحاجتكِ للدعم. لا تترددي. اطلبِي المساعدة من زوجكِ، أو والدتكِ، أو صديقتكِ. تفيد الدراسات أن الأمهات اللواتي يحصلن على دعم اجتماعي أقل عرضة للإصابة بالتوتر والاكتئاب.
قسّمي المهام اليومية. لا تقومي بكل شيء وحدكِ. اسمحي لغيركِ بحمل الطفل، وتغيير حفاضه، أو طهو الطعام. بهذه الطريقة، تملكين وقتًا إضافيًا للراحة أو النوم.
تابعي صحتكِ النفسية بانتظام
راقبي مشاعركِ. اسألي نفسكِ كل يوم: كيف أشعر اليوم؟ هل أشعر بالحزن لفترة طويلة؟ أم أبكي كثيرًا؟ هل فقدت الرغبة في التواصل أو تناول الأكل؟ إذا لاحظتِ أعراضًا مقلقة، تواصلي فورًا مع طبيبتكِ.

استشيري مختص نفسي عند الحاجة. لا تؤجّلي. فكل يوم يمر دون تقديم دعم مناسب قد يزيد من تعقيد الحالة. تابعي صحتكِ النفسية بنفس أهمية صحتكِ الجسدية.
تابعي الفحوصات الطبية بانتظام
راجعي طبيبتكِ خلال أول 40 يوم بعد الولادة. هذه المراجعة ضرورية للاطمئنان على الرحم، والجروح، والثدي. أطلبي إجراء تحاليل دم في حال الشعور بالتعب الشديد، فربما تعانين من فقر دم أو اضطراب هرموني.
دوّني الأسئلة التي تدور في بالكِ قبل الموعد. استفسري عن الرضاعة، وعن شكل الإفرازات، أو عن أي ألم تشعرين به. لا تتجاهلي التفاصيل الصغيرة.
تقبّلي شكل جسدكِ الجديد
شاهدي نفسكِ في المرآة برِفق. جسمكِ تغيّر، نعم، لكنه فعل مُعجزة. لا تطلبي منه أن يعود كما كان بسرعة. أعطي نفسكِ وقتًا كافيًا لتستعيدي لياقتكِ، من دون ضغط، و من دون مقارنة، أو قسوة.
ارتدي ملابس مريحة تجعلكِ تشعرين بالثقة. لا تنتظري خسارة الوزن لتعتني بنفسكِ. اهتمي بشعركِ، وببشرتكِ، وبراحتكِ النفسية، كما تهتمين بمولودكِ تمامًا.
خصّصي وقتًا للتواصل العاطفي مع طفلكِ
ابدئي في أول 40 يوم بعد الولادة بتأسيس رابطة عاطفيّة قويّة مع مولودكِ. يُعدّ هذا التواصل حجر الأساس في نمو الطفل النفسي، كما يساعدكِ أنتِ على تعزيز مشاعر الأمومة وتخفيف التوتر.
أكّدي على اللمس اللطيف، والنظر في عينيه، والتحدث إليه بصوت هادئ. تشير الأبحاث المنشورة في Infant Mental Health Journal إلى أن هذه اللحظات تُعزّز إفراز هرمون “الأوكسيتوسين” المعروف بهرمون الحب، والذي يُقلّل من القلق، ويرفع من شعوركِ بالارتباط العاطفي والثقة بالنفس.
لا تنتظري الوقت المثالي أو الحال المزاجية المثالية. خذي لحظات عفويّة بينكِ وبين طفلكِ، من دون أي توقعات أو شعور بقلق. بهذه الطريقة، تبنين أساسًا متينًا لعلاقة متوازنة ومحبّة تبدأ من أول أيام الحياة.
خلاصة
احتفلي بنفسكِ خلال أول 40 يوم بعد الولادة. لا تجعلي الشعور بالذنب يسرق منكِ جمال هذه المرحلة. اعتني بجسدكِ، وامنحي نفسكِ الحب والرحمة. لا تنسي: الأم السعيدة تُربي طفلًا سعيدًا. كل لحظة تهتمين فيها بنفسكِ تُضيف لحياتكِ طاقة، راحة، واستقرار. مع العلم اننا سبق وأن كشفنا موضوع الإرهاق في تربية الأطفال.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتبر أول 40 يوم بعد الولادة فرصة لإعادة تعريف العلاقة مع الذات. المرأة ليست فقط أمًا، بل كيانًا يحتاج إلى التقدير والرعاية. لا تنتظري إذنًا لتعتني بنفسكِ، ولا تسمحي للمجتمع أن يُشعركِ بالذنب. كوني قوية، وامنحي نفسكِ ما تستحقه، لأنكِ تستحقين الكثير.