لما ياسين لما ياسين 22-05-2025
لماذا تشعرين أحيانًا أنك "وحيدة" رغم وجود طفلك؟

لماذا تشعرين أحيانًا أنك “وحيدة” رغم وجود طفلك؟ قد يراودك هذا السؤال كثيرًا، رغم أنك لستِ وحدك فعليًّا. الطفل في أحضانك، ولكنك في داخلك تشعرين بفراغ. هذا الإحساس يربكك. تحاولين تفسيره، لكن لا تجدين الكلمات الدقيقة لوصفه. قد تشعرين بالذنب لمجرد التفكير فيه. لكن، هل تعلمين أن هذا الشعور شائع جدًا، وأنّ خلفه أسبابًا نفسية وبيولوجية واجتماعية مثبتة علميًّا؟

ias

في هذا المقال، سنكشف لكِ أسباب هذا الشعور العميق بالوحدة رغم وجود طفلك، من خلال إجراء تحليل علمي دقيق وعرض أبحاث نفسية موثوقة. سننقلك من الشعور بالحيرة إلى الفهم، ومن اللوم الذاتي إلى التعاطف مع ذاتك. سنناقش العوامل النفسية، ,تأثير الهرمونات، ,تغيّر العلاقات، ونختم بعرض خطوات عملية للتغلّب على هذا الشعور.

التغيرات النفسية بعد الولادة

من الضروري أن نعرف أولًا أن التغيرات النفسية تؤدّي دورًا كبيرًا في تفسير سؤال: لماذا تشعرين أحيانًا أنك “وحيدة” رغم وجود طفلك؟.

امرأة تجلس على الأرض تعانق طفلها
التغيّرات النفسيّة للأم

بعد الولادة، تدخل الأم في مرحلة حساسة نفسيًّا تُعرَف بفترة النفاس، حيث تكون عرضة للتقلّبات المزاجية. بحسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي، فإن ما يقارب 80% من الأمهات الجدد يعانين من مشاعر حزن أو قلق في أول أسبوعين بعد الولادة، تُعرف باسم “الكآبة النفاسية”. أما 10 إلى 20% منهن، فيتعرضن لاكتئاب ما بعد الولادة، والذي يُعَدّ أحد الأسباب الأساسية التي تولّد الإحساس بالوحدة.

لا يرتبط هذا الاكتئاب بكون الأم غير محبة لطفلها، بل يرتبط بتغير كيمياء الدماغ والهرمونات. ما يؤدّي إلى الإحساس بعدم القدرة على التواصل العاطفي حتى مع أقرب الأشخاص، ومن ضمنهم الرضيع.

العزلة الاجتماعية وانقطاع الروابط

غالبًا ما تجد الأم نفسها منعزلة اجتماعيًّا بعد الولادة. وهذا سبب رئيسي آخر يفسر السؤال: لماذا تشعرين أحيانًا أنك “وحيدة” رغم وجود طفلك؟.

قبل الولادة، كانت لكِ حياة اجتماعية متنوّعة، وزيارات، ولقاءات، وأنشطة، وحتى أحاديث عابرة. ولكن بعد الولادة، تقتصر الأيام على الرضاعة، وتغيير الحفاضات، وتهدئة البكاء. لا وقت كافٍ للمحادثات الطويلة، ولا طاقة متبقية للخروج من المنزل.

بحسب دراسة منشورة في Journal of Maternal and Child Health، فإن النساء الجدد أكثر عرضة للشعور بالوحدة بسبب قلة الدعم الاجتماعي. خاصّةً إذا كنَّ يربّينَ الطفل بمفردهنَّ أو بعيدًا عن العائلة الممتدّة.

تغير الهوية والشعور بفقدان الذات

قد يكون من الصعب تقبّل ذلك، ولكن كثيرًا من الأمهات يشعرن وكأنهن فقدن هويتهن السابقة. وهذه مسألة محورية في فهم سؤال: لماذا تشعرين أحيانًا أنك “وحيدة” رغم وجود طفلك؟.

امرأة تعانق طفلها الحزين
شعور الأم بققدان الذات

قبل الأمومة، كنتِ تعملين، أو تدرسين، أو تخرجين مع صديقاتك، أو حتى تستمتعين بوقتك الخاص. لكن الآن، أصبحتِ أمًا على مدار الساعة. تشعرين أن العالم يتعامل معكِ فقط بصفتك “أم”، وليس كامرأة لها طموحاتها وشخصيتها الخاصة.

تشير دراسة من جامعة كولومبيا إلى أن فقدان الشعور بالهوية الفردية يمكن أن يؤدي إلى شعور بالانعزال والفراغ، ما يساهم بشكل كبير في الإحساس بالوحدة.

ضغط التوقعات المجتمعية والصورة المثالية

من العوامل المهمة أيضًا، والتي نادرًا ما نتحدث عنها، الضغط المجتمعي. المجتمع يطلب من الأم أن تكون دائمًا قوية، وسعيدة، ممتنّة، ولا تشكو. وهذا يخلق فجوة كبيرة بين ما تعيشينه فعلًا وما “يفترض” بكِ أن تعيشيه، مما يعمّق شعورك بالوحدة.

تزيد مواقع التواصل الاجتماعي من هذا التوتر. فبينما ترين صور الأمهات اللواتي يبدين مثاليّات، تبدأين بمقارنة نفسك بهن، وتشعرين بأنك لا تؤدين دورك كما يجب. مما يعزز الإحساس بأنك وحدك في هذا الصراع.

وفقًا لدراسة نُشرت في Psychology of Popular Media Culture، فإن مقارنة الذات بالصور المثالية على الإنترنت تؤثر سلبًا على الصحة النفسية وتزيد من مشاعر العزلة.

اضطرابات النوم وتأثيرها على العاطفة

قلة النوم، والتي تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من الأمومة، لها تأثير كبير على الدماغ والحالة النفسية. وهي أحد الأسباب البيولوجية لظهور سؤال: لماذا تشعرين أحيانًا أنك “وحيدة” رغم وجود طفلك؟ في ذهنك باستمرار.

امرأة تعانق طفلها بحزن
أضرار اضطرابات النوم عند الأم

توضح دراسات علمية عدّة، أبرزها منشورة في Sleep Medicine Reviews، أن اضطرابات النوم تؤدي إلى نقص التركيز، وصعوبة في التعبير عن المشاعر، وقلة التواصل الفعّال مع من حولك. وبما أن الطفل يحتاج لعناية مستمرة، فإن الأم تتعرض لتآكل تدريجي في طاقتها النفسية.

كيف تتعاملين مع هذا الشعور؟

أنتِ لستِ وحدكِ. وهذا أول ما عليكِ تذكّره. الإحساس بالوحدة لا يعني أنك أمّ سيئة أو أنك غير قادرة على التأقلم. بل هو مؤشر طبيعي يدل على أنك بحاجة إلى دعم نفسي واجتماعي.

في ما يلي بعض الخطوات المدعومة علميًّا للتخفيف من هذا الشعور:

  • تحدثي مع صديقة أو قريبة تثقين بها. المشاركة تفرّغ الشحنة النفسية.
  • مارسي أنشطة بسيطة تُعيدكِ إلى ذاتك، مثل القراءة أو الاستماع للموسيقى.
  • انضمي إلى مجموعات دعم للأمهات على أرض الواقع أو عبر الإنترنت.
  • لا تترددي في استشارة مختص نفسي إذا شعرتِ أن الشعور بالوحدة يزداد.
  • خذي قسطًا من الراحة بمساعدة من حولك، ولو لساعات قليلة في الأسبوع.

الخلاصة

في النهاية، نعود للسؤال الجوهري: لماذا تشعرين أحيانًا أنك “وحيدة” رغم وجود طفلك؟ والجواب ببساطة أن الأمومة تُعيد تشكيل حياتك بالكامل، من داخلك وخارجك. وهذا التغيير الكبير يصحبه الكثير من الأحاسيس المتناقضة، ومن بينها الوحدة.

الأمر لا يعني ضعفًا، بل يعني أنك إنسانة تشعر وتتأثر وتحتاج إلى من يسمعها ويفهمها. فلا تخجلي من التعبير، ولا تلومي نفسك على ما تشعرين به. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كيف تساهم الأم في تشكيل مستقبل أفضل للمجتمع.

وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن من حق كل أم أن تشعر بما تشعر، من دون تبرير أو إنكار. لا يجب أن نضع على الأمهات عبء المثالية. فالوحدة ليست عيبًا، بل نداء داخلي يحتاج إلى التفهّم والاحتواء. لذلك، أتمنى أن يُعاد النظر اجتماعيًّا في كيفية دعم الأمهات نفسيًّا بعد الولادة، وألّا نكتفي بالاهتمام بالطفل فقط، بل نهتم أيضًا بمن أنجبت هذا الطفل وتحمله في قلبها وروحها.

الأمومة والطفل أمومة الأم والطفل الأمومة الشعور بالوحدة سلامة الأم شعور الأم بالوحدة شعور بالوحدة

مقالات ذات صلة

ما الذي يجعل مشاعر الأمومة مع الطفل فريدة لا تشبه أي حب آخر؟
الأمومة والطفل ما الذي يجعل مشاعر الأمومة مع الطفل فريدة لا تشبه أي حب آخر؟
إليكِ ما لم تعرفيها من قبل..
امرأة تشرح للطبيبة ألم المعدة
اعراض الحمل هل الم المعدة من اعراض الحمل​: إليكِ الأعراض الأقلّ شيوعًا للحمل!
أعراض الحمل الأقلّ شيوعًا
طفلة مريضة في الفراش
صحة الطفل اعراض العفنه عند الطفل​: مرض خطير لا تعرف معظم الأمّهات عنه!
مشاكل خطيرة غير شائعة
بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
الأم والطفل بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
هل تعانين من هذه المشاكل؟
طفلة تعاني من السعال
صحة الطفل علاج الخناق عند الأطفال بالاعشاب​: مرض خطير يهدّد حياة طفلكِ!
كل ما تريدين معرفته
امرأة حامل في حقل القمح
الجنين كثرة حركة الجنين في الشهر السادس​: كلّ ما ترغبين في معرفته عن هذا الشهر من الحمل!
كل ما تريدين أن تعرفيه
امرأة حامل تنظر إلى بطنها
الأسبوع الخامس عشر هل يتحرك الجنين في الأسبوع 15​: معلومات تعرفينها لأوّل مرّة!
تطورات الحمل الأسبوعية
بكتيريا نافعة
صحة الطفل فوائد البكتيريا النافعه للاطفال​: لن تصدّقي كيف تساعد أجهزة جسم طفلكِ!
كل ما يتعلّق بصحة طفلكِ
3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
الأمومة والطفل 3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
تضمن لكِ تربية طفل واثق وسعيدة!
تأخر التبويض
التبويض التبويض المتأخر متى يبان الحمل​
كل ما تريدين معرفته
طفلة تقيس طولها
صحة الطفل حساب كتلة الجسم للاطفال​: كيف تعرفين وزن طفلكِ الطّبيعي!
كل ما يهمك عن صحة طفلك
بالفيديو، اسمحي لرضيعك ان يضع قدمه في فمه
الأم والرضيع بالفيديو، اسمحي لرضيعك ان يضع قدمه في فمه
اكتشفي الأسباب!

تابعينا على