يكشف بحث نفسي حديث أنّ إخفاء المشاعر الصغيرة بين الأزواج ليس تفصيلًا بسيطًا كما يظنّ البعض. بل هو بداية سلسلة من التوتّرات التي قد تتراكم بصمت حتى تتحوّل إلى خلافات عميقة يصعب إصلاحها. عندما يمتنع أحد الطرفين عن التعبير عمّا يزعجه، يظنّ أنه يحافظ على الهدوء. لكنّه في الحقيقة يزرع بذور سوء الفهم والانفصال العاطفي.
ومن خلال متابعة أزواج على مدى سنوات، لاحظ الباحثون أنّ الأزواج الذين يتجنّبون النقاش في الأمور اليومية الصغيرة يعانون من تدهور تدريجي في التواصل. ومع مرور الوقت، تتراكم هذه المشاعر المكبوتة لتتحوّل إلى غضب مكتوم يعبّر عن نفسه في لحظات غير مناسبة.
التواصل الصادق يحمي العلاقة
يرى علماء النفس أنّ التعبير عن المشاعر بصدق يشكّل حجر الأساس في العلاقات الناجحة. فعندما يشرح أحد الشريكين ما يزعجه فورًا، يمنح الطرف الآخر فرصة للفهم والتعديل قبل أن تتفاقم المشكلة. كما يؤكد الخبراء أنّ الصراحة لا تعني القسوة. بل يمكن أن ترافقها اللين والاحترام، فيتحوّل الحوار إلى وسيلة لبناء الثقة بدلًا من إثارة الخلاف.
إضافة إلى ذلك، يساهم الحوار المنتظم في تعزيز الأمان العاطفي، لأنّ كل طرف يشعر بأنّ مشاعره مسموعة ومقدّرة. وهكذا، تُبنى العلاقة على أرض صلبة من الفهم والتقدير المتبادل.
المشاعر الصغيرة لا تبقى صغيرة
تبيّن الأبحاث أنّ تجاهل الإزعاجات اليومية ككلمة جارحة أو تصرّف مزعج لا يختفي من تلقاء نفسه، بل يظلّ في الذاكرة العاطفية ويظهر لاحقًا على شكل برود أو توتّر مستمر. ومع تكرار المواقف، يشعر الطرف المتأثر بأنّ صمته لم يُقدَّر، فيبدأ بفقدان الرغبة في التواصل أو المشاركة.
ولذلك، ينصح الخبراء الأزواج بالتعامل مع كلّ مشاعرهم مهما كانت بسيطة، لأنّ التراكم هو ما يحوّلها إلى مشكلة حقيقية. كما أنّ الاعتراف بالمشاعر يتيح للطرفين إصلاح الخطأ فورًا بدلًا من انتظار الانفجار في المستقبل.
الإصغاء الفعّال مفتاح الحلّ
يؤكّد علم النفس الأسري أنّ الإصغاء الجيد يعادل التعبير الصادق في الأهمية. فعندما يصغي أحد الطرفين بانتباه، يشعر الآخر بالاحتواء، ممّا يقلّل من الشعور بالتوتر ويُشعره بالاحترام. كما يساعد الإصغاء في فهم الجذور العميقة للمشكلة، وليس فقط مظاهرها.
علاوةً على ذلك، يقترح المختصّون أن يخصّص الأزواج وقتًا منتظمًا للحديث بهدوء عن يومهم، لأنّ التواصل اليومي البسيط يمنع تراكم المشاعر السلبية ويُعيد الدفء إلى العلاقة.
يثبت هذا البحث النفسي أنّ العلاقات لا تنهار بسبب الأزمات الكبيرة فقط، بل بسبب المشاعر الصغيرة التي تُخفى بدافع الخوف أو المجاملة. لذلك، على كلّ شريك أن يختار الصراحة بدلًا من الصمت، والتعبير بدلًا من الكتمان، لأنّ الكلمات الصادقة تبني الجسور، بينما السكوت الطويل يهدمها. فالتفاهم لا يحتاج إلى معجزات، بل إلى تواصل بسيط وصادق يُجدد الحبّ كل يوم. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن علامات حب الزوج لزوجته وقت الزعل.