هل النعناع يضر الحامل؟ سؤال مهم يتكرّر كثيرًا بين النساء في بداية الحمل. في هذه المرحلة الحساسة، يصبح كل ما يدخل جسم المرأة محل تساؤل واهتمام. يُستخدَم النعناع في الطب الشعبي منذ قرون، ويُعرف بقدرته على تهدئة المعدة، وتخفيف التشنجات، وتحسين الهضم. لكن، مع الحمل، تتغيّر الأمور.
في هذا المقال، سنتناول كل ما يتعلّق بتأثير النعناع على الحامل. سنتطرّق إلى فوائده، ومخاطره، والكميات المسموح بها، وأهم الدراسات التي ناقشت هذا الموضوع. كما سنعرض لكِ بدائل أكثر أمانًا يمكن الاعتماد عليها خلال الحمل.
النعناع: بين فوائده المشهورة ومخاطره المحتملة
يُستخدم النعناع لعلاج مشاكل الجهاز الهضمي، مثل الغثيان، والانتفاخ، والتقلصات. حيث يحتوي مركبات مثل المينثول، وهي مادة تعمل على إرخاء عضلات المعدة. لهذا السبب، تتّجه كثير من النساء إلى شرب مغلي النعناع عند الشعور بالغثيان الصباحي.

لكن، هل النعناع يضر الحامل في بداية الحمل؟ تشير الدراسات إلى أن استهلاك كميات معتدلة من أوراق النعناع لا يُسبب ضررًا. تكمن المشكلة في الإفراط أو في استخدام زيت النعناع المركز. تؤكد بعض التقارير، مثل تلك الصادرة عن National Center for Complementary and Integrative Health، أن الزيوت العطرية يمكن أن تؤثّر على عضلات الرحم. لذلك، ينصح الأطباء بتجنّبها خلال الأشهر الأولى من الحمل.
مشروب النعناع: هل هو آمن فعلاً؟
تشرب الكثير من الحوامل النعناع لتهدئة المعدة. لكن، هل النعناع يضر الحامل عند تناوله كمشروب؟ يعتمد الجواب على الكمية. كوب صغير من مغلي النعناع الطبيعي، من دون إضافة أي زيوت، يُعتبر آمنًا في الغالب.
بحسب WebMD، لا توجد أدلة علمية قوية تُثبت أن مشروب النعناع العادي يسبّب مواجهة مشاكل للحمل. لكن، عند استخدامه بكثرة، قد يؤدي إلى خفض ضغط الدم أو تحفيز تقلصات الرحم، خاصة لدى النساء المعرضات لخطر الإجهاض. لذلك، من الأفضل الاكتفاء بشرب كوب واحد يوميًا، وعدم الاعتماد عليه كعلاج دائم.
هل يؤثر النعناع على الهرمونات؟
من المعروف أن الحمل يؤثر على التوازن الهرموني في الجسم. قد يتداخل النعناع مع هذا التوازن. وجدت دراسة نُشرت في Phytotherapy Research عام 2007، أن النعناع يمكن أن يخفّض من مستويات التستوستيرون. ورغم أن هذه الدراسة أجريت على الرجال، إلا أن تأثير الأعشاب على الهرمونات يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار.

فإذا كانت المرأة الحامل تعاني من خلل هرموني، أو لديها تاريخ من الإجهاض، يُفضَّل استشارة الطبيب قبل استخدام النعناع. إذ لا توجد دراسات كافية تؤكّد تأثيره على الهرمونات الأنثوية خلال الحمل، لكن الحذر ضروري في هذه المرحلة الدقيقة.
زيت النعناع: خط أحمر أثناء الحمل
زيت النعناع هو الأكثر خطورة بين أشكال استخدام النعناع. فتركيزه العالي يجعله قادرًا على اختراق الجلد والوصول إلى مجرى الدم. يمكن أن يسبب هذا الزيت انقباضات في الرحم. لهذا السبب، توصي American Pregnancy Association بتجنّب استخدام زيت النعناع سواء في التدليك أو الاستنشاق أو حتى في مستحضرات التجميل أثناء الحمل.
بعض النساء يستخدمن زيت النعناع لتخفيف الصداع أو التوتر. لكن خلال الحمل، من الأفضل استخدام بدائل أكثر أمانًا مثل زيت اللافندر بتركيز منخفض أو كمادات الماء البارد.
النعناع في الطعام: هل يُشكّل خطرًا؟
تُستخدم أوراق النعناع في السلطات، والعصائر، والمأكولات العربية. فهل النعناع يضر الحامل عند استخدامه بهذه الطريقة؟ غالبًا الجواب لا. فالكميات الصغيرة التي تضاف إلى الأطعمة لا تُسبب ضررًا. بل على العكس، قد تُساهم في تحسين الهضم وتخفيف الشعور بالانتفاخ.
لكن، يجب التأكد من غسل الأوراق جيدًا، لأن بعض أنواع النعناع قد تحتوي بكتيريا أو بقايا مبيدات، ما قد يؤثر سلبًا على صحة الحامل. يُنصح بشراء النعناع العضوي أو زراعته في المنزل لتفادي مواجهة هذه المخاطر.
بدائل آمنة للنعناع خلال الحمل
إذا كنتِ تتساءلين عن بدائل أكثر أمانًا، فهناك العديد من الخيارات الطبيعية. يُعَدّ الزنجبيل من أشهر الأعشاب التي تُستخدم لعلاج الغثيان خلال الحمل، وقد أثبتت فعاليته في دراسات كثيرة.

كذلك، يُستخدَم شاي البابونج كمهدئ طبيعي، لكن يجب شربه بحذر أيضًا. الماء الفاتر مع شرائح الليمون، أو الشاي الخالي من الكافيين، يُعتبران من الخيارات الممتازة لتخفيف الغثيان بدون تعريض الحمل لأي خطر.
رأي الأطباء: ما هو القرار الأنسب؟
يُجمِع العديد من أطباء النساء والتوليد على أن النعناع آمن بشرط استخدامه بكمية معتدلة. لكن، تختلف الاستجابة من امرأة إلى أخرى. بعض النساء قد لا يشعرن بأي عوارض، في حين قد تعاني أخريات من تقلصات أو التهابات في المعدة بعد تناوله.
لذلك، من الأفضل أن تراقبي استجابة جسمك، وتتحدثي مع طبيبتك قبل الاستمرار في استهلاكه. وإذا لاحظتِ أي تغييرات غير مألوفة، توقفي فورًا وراجعي المختصّة.
هل النعناع يضر الحامل؟ نعم، في حال استخدامه بكميات كبيرة أو الاعتماد على الزيوت المركزة. لا، إذا استُهلك بكميات صغيرة وفي صورته الطبيعية. التوازن هو المفتاح. فكل ما يدخل جسم الحامل يجب أن يكون مدروسًا، ومبنيًّا على العلم والمراقبة الطبية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أقوى 5 أطعمة مهدّئة للمعدة للحامل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن النعناع، كغيره من الأعشاب، يحمل فوائد حقيقية، لكن لا يجب اعتباره آمنًا بشكل مطلق خلال الحمل. أنصح كل امرأة حامل بعدم الاكتفاء بنصائح المحيط، بل أن تتأكّد من المعلومات من مصادر طبية موثوقة، وتُراجع طبيبتها قبل إدخال أي عنصر جديد إلى نظامها الغذائي. فهذه الفترة لا تحتمل التجارب العشوائية، وكل قرار غذائي صغير قد يكون له تأثير كبير على صحتك وصحة طفلكِ المنتظر.