يشكّل الاكتئاب أحد أكثر الأمراض النفسية انتشارًا في العالم المعاصر. حيث تتزايد نسب الإصابة به نتيجة ضغوط الحياة اليومية، والعزلة، ونقص الحركة. في هذا السياق، تقدّم دراسة حديثة أملًا جديدًا ومفاجئًا في آنٍ واحد. إذ تكشف عن علاقة مباشرة بين التعرّض المعتدل لأشعة الشمس وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة تصل إلى 30٪.
وتؤكد هذه النتائج أنّ الحلول الطبيعية ما زالت تلعب دوراً أساسياً في الوقاية النفسية. لذلك، يسلّط هذا المقال الضوء على تفاصيل الدراسة، ويشرح كيف يمكن لأشعة الشمس أن تصبح وسيلة بسيطة لتعزيز المزاج وتحسين جودة الحياة.
فوائد التعرض اليومي للشمس
تشير الدراسة، التي أُجريت في جامعة هلسنكي في فنلندا عام 2024، إلى أنّ قضاء 15 دقيقة فقط تحت أشعة الشمس يومياً يحفّز إنتاج فيتامين D في الجسم. وهو عنصر أساسي في تنظيم هرمون السيروتونين، المسؤول عن الشعور بالسعادة. كلّما ارتفع مستوى هذا الهرمون، شعر الإنسان بطاقة إيجابية واستقرار نفسي أكبر.
بالإضافة إلى ذلك، يساعد التعرض للشمس على ضبط الساعة البيولوجية. مما ينعكس إيجابًا على جودة النوم، والقدرة على التركيز، والتوازن العاطفي. ومن الملفت أنّ الباحثين وجدوا فرقًا واضحًا في المزاج بين الأشخاص الذين يتعرّضون لأشعة الشمس بانتظام، وأولئك الذين يمضون معظم وقتهم في الأماكن المغلقة.
أوقات التعرّض الآمنة والمفيدة
يوصي الأطباء بالتعرّض لأشعة الشمس في ساعات الصباح الأولى أو قبل الغروب. حيث تكون الأشعة معتدلة ولا تسبّب ضرراً للبشرة. ويُفضَّل أن يعرّض الفرد وجهه وذراعيه لأشعة الشمس من دون استعمال كريم واقٍ خلال تلك الدقائق القليلة، حتى يتمكّن الجلد من إنتاج الكمية المطلوبة من فيتامين D.
ومن المهم أيضًا تجنّب المبالغة، لأن التعرّض الطويل لأشعة الشمس قد يؤدي إلى أضرار جلدية. التوازن هو المفتاح، فالقليل المنتظم يحقّق الفائدة المرجوّة من دون مخاطر.
نصائح لتعزيز الفائدة اليومية
ينصح الخبراء بالدمج بين التعرض للشمس والنشاط البدني، مثل المشي الخفيف أو التأمل في الهواء الطلق. كما يمكن للموظفين الذين يعملون داخل المكاتب أن يستفيدوا من فترات الاستراحة القصيرة بالخروج إلى الضوء الطبيعي. بهذه الطريقة، يجمع الإنسان بين فوائد الحركة وضوء الشمس في آن واحد.
كذلك، يمكن للعائلات أن تجعل من هذا الروتين عادةً يومية، خاصة للأطفال وكبار السن. إذ يساهم الضوء الطبيعي في تحسين المزاج الجماعي وتقوية المناعة.
تؤكد هذه الدراسة أنّ الطبيعة ما زالت تقدّم حلولًا بسيطة وفعّالة لصحتنا النفسية. إنّ التعرّض لأشعة الشمس 15 دقيقة يومياً يوفّر جرعة مجانية من الطاقة والسعادة، ويقلّل خطر الاكتئاب بنسبة كبيرة. لذلك، من الضروري أن نعيد التواصل مع الضوء الطبيعي، ونخصّص وقتًا يوميًا له، لأن ضوء الشمس ليس مجرّد دفء. بل دواء طبيعي يمدّ الجسد والعقل بالتوازن الذي يحتاجه الإنسان ليعيش بطمأنينة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن السبب الخفي وراء تعبكِ الدائم وانتفاخ بطنكِ!