تُشكّل اشياء ممنوعه للحامل في الأشهر الأولى موضوعًا دقيقًا للغاية. يظنّ كثير من النساء أن المحظورات تقتصر على المأكولات النيّئة أو الأدوية القوية، لكنّ الحقيقة أوسع من ذلك بكثير. يبدأ الجنين في الرحم منذ الأيام الأولى بتكوين أعضائه الأساسية، لذلك يتأثّر بكل ما يدخل جسم الأم أو يحيط بها. ولهذا السبب، يجب أن تعرف الحامل تفاصيل دقيقة عمّا يُسمح وما يُمنع.
في هذا المقال، نقدّم لكِ خطة واضحة لتتعرفي على أهم خمس فئات من اشياء ممنوعه للحامل: أطعمة غير متوقّعة، وعادات يومية بسيطة، ومنتجات تجميل شائعة، وتمارين جسدية معينة، وعوامل بيئية خفيّة. سنشرح في كل فقرة السبب العلمي وراء المنع، مدعومًا بمراجع طبية موثوقة، لتكوني أكثر وعيًا في رحلتك نحو الأمومة.
أطعمة لا تتوقّعين خطرها إطلاقًا
تظنّ الحامل أنّ الخطر يكمن فقط في اللحوم النيّئة أو الأسماك غير المطهية، لكن هناك أطعمة أخرى تشكّل خطرًا خفيًا. مثلًا، يجب أن تتجنّب تناول الكبدة بكثرة، لأنّها تحتوي كميات عالية من فيتامين “A” الذي قد يُسبّب تشوّهات في الجنين عند ارتفاع مستوياته في الدم، وفقًا لتوصيات “American Pregnancy Association“.
كذلك، يجب أن تتجنّب الحامل الجبن الطري غير المبستر، مثل “الفيتا” و”البري”، لأنّها قد تحمل بكتيريا Listeria monocytogenes التي قد تُؤدّي إلى الإجهاض أو الولادة المبكرة، بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). كما يُفضَّل الحدّ من الأعشاب المركّزة كالبابونج والقرفة في الأشهر الأولى، لأنّ بعضها قد يُحفّز تقلصات في الرحم.
ومن المفاجئ أيضًا أن العصائر الطازجة الجاهزة من المحال قد تحتوي جراثيم ناتجة عن سوء التعقيم، فيُستحسن عصر الفواكه في المنزل فقط. باختصار، تلتزم الحامل بتناول طعام مطهو جيدًا، ومغسول بدقّة، ومبستر بالكامل، حفاظًا على سلامتها وسلامة جنينها.
عادات يومية بسيطة لكن خطيرة
تُمارس الحامل عادات كثيرة من دون وعي بخطورتها. على سبيل المثال، لا يجوز للحامل استعمال الساونا أو الجاكوزي في الأشهر الأولى لأنّ الحرارة العالية ترفع درجة حرارة الجسم الداخلي وتؤثّر سلبًا على نمو الدماغ والعمود الفقري لدى الجنين.
كذلك، يجب أن تتجنّب استعمال المعطرات القوية والمواد الكيميائية المنزلية المركّزة. لأنّ الدراسات الحديثة من جامعة هارفارد بيّنت أنّ الاستنشاق المتكرّر لهذه المواد قد يؤثّر على الجهاز العصبي للجنين.
ومن بين اشياء ممنوعه للحامل أيضًا النوم لفترات طويلة على الظهر في نهاية الثلث الأول، لأنّ ذلك قد يضغط على الوريد الأجوف ويقلّل تدفق الدم إلى الجنين. كما يُستحسن الابتعاد عن استعمال الهاتف المحمول لفترات طويلة قرب البطن، لأنّ بعض الدراسات تطرح احتمال تأثير الموجات الكهرومغناطيسية على الخلايا الجنينية، وإن لم يُحسم علميًا بعد، إلا أنّ الوقاية تبقى واجبة.
منتجات تجميل تضرّ أكثر مما تنفع
تستخدم الحامل أحيانًا منتجات تجميل تحتوي مركّبات كيميائية ضارة. وتُعدّ هذه من أكثر اشياء ممنوعه للحامل انتشارًا من دون وعي. مثلًا، طلاء الأظافر الذي يحتوي “التولوين” أو “الفورمالديهايد” يُعدّ خطرًا لأنه يطلق أبخرة سامة. كذلك، تُعتبر صبغات الشعر الغنية بالأمونيا غير آمنة في الثلث الأول. لأنّ الجلد يمتصّ نسبة منها وقد تنتقل عبر الدورة الدموية إلى الجنين.
كما يجب أن تتجنّب الكريمات التي تحتوي “الريتينول” أو مشتقات فيتامين “A”، لأنّ الدراسات الطبية ربطت بين استخدامها ومشاكل في نمو الجنين. حتى بعض العطور القوية تُصنَّف ضمن الممنوعات لأنّها قد تُثير الغثيان أو الصداع بسبب حساسية الحوامل للروائح.
ولذلك، يُفضّل أن تعتمد الحامل مستحضرات طبيعية خالية من العطور الاصطناعية والمواد الحافظة القوية. ويُنصح باستشارة الطبيب أو الصيدلي قبل استعمال أي منتج تجميلي جديد خلال الحمل.
تمارين وحركات جسدية غير مناسبة
لا شكّ أنّ الرياضة مهمة أثناء الحمل، لكن بعض التمارين قد تكون مؤذية في المراحل الأولى. من أبرز اشياء ممنوعه للحامل في هذا الجانب: القفز، والركض السريع، وحمل الأوزان الثقيلة. هذه الأنشطة قد تسبّب ضغطًا على عضلات البطن والحوض، مما يزيد خطر الإجهاض أو النزيف.
كذلك، يجب أن تتجنّب التمارين التي تتطلب الاستلقاء الكامل على الظهر بعد الشهر الثالث. وأوصت “American College of Obstetricians and Gynecologists” بممارسة تمارين خفيفة مثل المشي أو اليوغا الخاصة بالحامل. وذلك لأنّها تحافظ على اللياقة وتُخفّف التوتر من دون إجهاد الجسم.
ومن المهم أن تُراقب الحامل أي إشارة تعب أو دوخة أثناء التمرين، وأن تتوقف فورًا عند الشعور بعدم الراحة. فالحركة الخاطئة قد تؤذي أكثر مما تفيد، لذلك يُنصح بممارسة النشاط تحت إشراف مختصّ رياضي أو طبي.
عوامل بيئية خفيّة لا تُلاحظينها
قد لا يخطر في بالك أنّ بعض العوامل المحيطة تشكّل خطرًا خفيًا. فالتعرّض لدخان السجائر حتى لو بشكل غير مباشر يُعتبر من أخطر اشياء ممنوعه للحامل، لأنّه يزيد احتمال الولادة المبكرة ونقص وزن الجنين. كذلك، التعرض المستمر لعوادم السيارات أو روائح الطلاء والدهان يؤدّي إلى تراكم مواد سامة مثل الرصاص والزئبق في الدم.
أيضًا، يجب أن تتجنّب الحامل تنظيف براز القطط المنزلية. وذلك لأنّه قد يحتوي طفيلي Toxoplasma gondii الذي يُسبّب عدوى خطيرة تُعرف بداء المقوسات، وقد تؤدي إلى تشوّهات خلقية خطيرة في الجهاز العصبي للجنين.
ويُستحسن أيضًا الابتعاد عن المياه الملوثة أو أحواض السباحة العامة في الأشهر الأولى، لأنّها قد تحتوي بكتيريا تُسبّب التهابات مهبلية. ببساطة، البيئة النظيفة والمعتدلة الحرارة تشكّل خط الدفاع الأول لصحة الأم والجنين.
الخلاصة
في النهاية، تُظهر الدراسات أنّ كثيرًا من المضاعفات خلال الحمل يمكن تجنّبها بالوعي والمعرفة. ومع أنّ بعض اشياء ممنوعه للحامل قد تبدو غير متوقّعة أو بسيطة، إلا أنّ أثرها كبير على تكوّن الجنين وصحته. لذلك، يُنصح بأن تستشير الحامل طبيبها دائمًا قبل تناول أي طعام جديد أو استعمال أي منتج غير مألوف. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كم اسبوع في الحمل؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الوعي الحقيقي يبدأ من التفاصيل الصغيرة. فالحمل ليس مرحلة عادية، بل تجربة تحتاج عناية دقيقة بكل ما تفعله الأم. عندما تتجنّب الحامل الأخطاء البسيطة وتلتزم بالقواعد العلمية الصحيحة، تحمي نفسها وجنينها من مشاكل قد تكون خطيرة. فسلامة الأم تُعادل سلامة الحياة الجديدة التي تنمو في داخلها.
