تُعتبَر اسباب فقدان الشغف في الحياة الزوجيّة من أكثر المواضيع التي تشغل الكثير من النساء. كثيرات يشعرن أنّ العلاقة تغيّرت مع مرور السنوات، وأنّ الحماس الأوّل تلاشى. في البداية، يكون الحب قويًّا واللقاءات مشوّقة. لكن مع الوقت، يظهر الملل، ويتسلّل الروتين، وتقلّ الحميمية. هذه التحوّلات ليست دليلًا على ضعف العلاقة، بل نتيجة طبيعيّة لمجموعة عوامل نفسيّة وجسديّة.
ولكي نفهم الصورة بعمق، لا بدّ من البحث في الأسباب العلميّة التي تضعف الرغبة الجنسية بين الزوجين. في هذا المقال، سنتناول خمسة محاور أساسيّة: الضغط النفسي وتأثيره، والعوامل البيولوجيّة والهرمونيّة، وتراكم المسؤوليات اليوميّة، أثر الروتين والملل، وأخيرًا خطوات عمليّة تساعدكِ على استعادة وهجكِ العاطفي. بهذه الطريقة، ستتكوّن لديكِ رؤية شاملة تربط بين العلم والخبرة الحياتيّة، وتمنحكِ حلولًا عمليّة قابلة للتطبيق.
الضغط النفسي وتراجع الرغبة
أوّلًا، يؤدّي الضغط النفسي دورًا أساسيًّا في تغيّر المشاعر. فقد أثبتت أبحاث علم النفس أنّ الشعور بالتوتر المستمر يرفع مستويات هرمون الكورتيزول. هذا الهرمون يؤثّر على الدماغ، ويقلّل من إفراز هرمونات السعادة مثل السيروتونين والدوبامين. النتيجة تكون شعورًا بالإرهاق وانخفاض الحافز العاطفي.

كذلك، الضغوط المهنيّة أو الماديّة تؤثّر مباشرة على المزاج. حين ينشغل الذهن بمشاكل الحياة، يصعب على الشريكين منح الوقت الكافي للعاطفة. ومن هنا يظهر أوّل خيط من اسباب فقدان الشغف داخل العلاقة. التعامل مع الضغوط يتطلّب وعيًا ووسائل مثل الرياضة، وتمارين التنفّس، وجدولة وقت مخصّص للراحة.
التغيّرات البيولوجيّة والهرمونيّة
ثانيًا، تُعتبَر العوامل البيولوجيّة جوهرية في فهم التغيّر العاطفي. تشير الأبحاث الطبيّة إلى أنّ تراجع بعض الهرمونات مثل الإستروجين أو التستوستيرون يؤثّر على الرغبة والاندفاع. على سبيل المثال، بعد الحمل أو الولادة أو مع اقتراب سنّ اليأس، تمرّ المرأة بتقلّبات هرمونيّة واضحة تنعكس على حياتها الزوجيّة.
من ناحية أخرى، قلّة النوم أو ضعف التغذية قد تُضعف إنتاج الهرمونات التي تعزّز المزاج. لذلك، يصبح الاهتمام بالنوم الصحّي والتغذية المتوازنة ضرورة أساسيّة. أوضحت الدراسات الحديثة أنّ تناول أطعمة غنيّة بالأوميغا 3 وفيتامين D يعزّز المزاج ويرفع من مستوى الطاقة. وهنا نرى أنّ العلم يفسّر بوضوح كيف يمكن للجسد أن يكون سببًا في تغيّر المشاعر.
تراكم المسؤوليات اليوميّة
ثالثًا، الحياة المعاصرة مليئة بالتزامات. الواجبات المهنيّة، ورعاية الأطفال، والأعمال المنزليّة، كلّها تُثقِل الكاهل. ومع مرور الوقت، تتحوّل العلاقة الزوجيّة إلى آخر الأولويّات. هذه النقطة شكّلت أحد أبرز اسباب فقدان الشغف التي رصدتها الدراسات الاجتماعيّة.

عندما يغيب الوقت المخصّص للتواصل، تضعف الحميمية تدريجيًّا. لذلك، من المهمّ خلق توازن. على سبيل المثال، يمكن للزوجين الاتفاق على ساعة ثابتة يوميًّا للحديث فقط، من دون هواتف أو مقاطعات. هذه الخطوة البسيطة تذكّر الشريكين بأنّ العلاقة تحتاج إلى عناية ورعاية مثل أي كائن حيّ.
الروتين والملل في العلاقة
رابعًا، يُعتبَر الروتين أحد العوامل التي تؤدّي إلى تراجع الحماسة. فالتكرار الدائم للأنشطة نفسها يضعف الإحساس بالتجديد. يفسّر علم الأعصاب ذلك من خلال ما يسمّى “التكيّف العصبي”، حيث يعتاد الدماغ على المحفّزات المتكرّرة، فيفقد الاستجابة القويّة لها.
لكن الحلّ موجود. التغيير في تفاصيل بسيطة مثل طريقة تمضية عطلة نهاية الأسبوع، أو إدخال نشاط جديد كالهوايات المشتركة، يعيد للدماغ عنصر المفاجأة. وهنا يظهر الفرق بين العلاقة التي تستسلم للملل، وتلك التي تبحث عن الابتكار. لذلك، كسر الروتين ليس رفاهيّة، بل ضرورة للحفاظ على الشغف.
كيف تستعيدين وهجكِ من جديد؟
خامسًا، هناك خطوات عمليّة مدعومة بالعلم لإعادة إشعال المشاعر. البداية تكون من التواصل الصريح بين الزوجين. إذ تشير الدراسات إلى أنّ الحوار المفتوح بين الزوجين يقلّل من سوء الفهم ويعزّز الشعور بالثقة. كذلك، الاهتمام بالصحّة الجسديّة من خلال ممارسة الرياضة والغذاء المتوازن يعيد التوازن الهرموني ويرفع مستوى الطاقة.

في المقابل، الاستثمار في الأنشطة المشتركة مثل السفر أو ممارسة هواية جماعيّة يخلق ذكريات جديدة تُنعش العلاقة. أخيرًا، طلب الدعم النفسي من مختصّ أو حضور جلسات استشارات زوجيّة قد يساعد في تفكيك العوائق العميقة. كلّ هذه الأدوات تفتح الباب لاستعادة الوهج من جديد، وتؤكّد أنّ العاطفة يمكن أن تتجدّد مهما طال العمر.
الخلاصة
في النهاية، نستطيع القول إنّ اسباب فقدان الشغف متعدّدة ومعقّدة. فهي تتراوح بين ضغوط نفسيّة، وعوامل بيولوجيّة، ومسؤوليات يوميّة، وروتين متكرّر. لكن في الوقت نفسه، الحلول موجودة ومتاحة. العلم يقدّم لنا تفسيرًا واضحًا، والتجربة الحياتيّة تمنحنا الوسائل العمليّة للتعامل مع هذه التحدّيات. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ اجمل كلمات لعيد الزواج ستجعله يعشقك من جديد.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ استعادة الوهج في الحياة الزوجيّة ليست مسألة حظ، بل خيار يومي. حين تختارين أن تواجهي الضغط بوعي، وتُدخلي التجديد في تفاصيل حياتكِ، وتمنحي نفسكِ مساحة للعناية الشخصيّة، ستجدين أنّ العلاقة تعود لتضيء من جديد وأكثر من قبل. فالشغف ليس شعورًا ثابتًا، بل هو طاقة تحتاج دائمًا إلى تغذية ورعاية.