تُثير المعاناة من نغزات في السرة للحامل قلق العديد من النساء، خصوصًا في المراحل المتقدّمة من الحمل. تشعر الحامل أحيانًا بوخز خفيف، أو ألم يشبه الطعنات الصغيرة في منطقة السرة، فيزداد خوفها من أن تكون هذه الإشارات دلالة على مشكلة في الجنين في الرحم أو في الرحم نفسه. ومع ذلك، تُشير دراسات طبية عدّة إلى أنّ هذا الشعور غالبًا ما يكون طبيعيًا ناتجًا عن تمدّد عضلات البطن وتغيّر شكل الجسم أثناء الحمل.
في هذا المقال، سنشرح بالتفصيل أسباب نغزات في السرة للحامل، ومتى تصبح إشارة طبيعية لا تستدعي القلق، ومتى تتطلّب تدخّل الطبيب. وسنتناول أيضًا طرق التخفيف من الانزعاج، والعلاقة بين هذه النغزات ونموّ الجنين. إضافةً إلى أهمّ العوامل الوقائية التي تساعد في الحفاظ على راحة الحامل وسلامتها.
أسباب نغزات في السرة عند الحامل
تحدث المعاناة من نغزات في السرة للحامل لأسباب متعدّدة، تختلف بين كلّ امرأة وأخرى.
أولًا، يتمدّد الرحم تدريجيًا مع تقدّم الحمل، فيضغط على العضلات والأعصاب المحيطة بالسرة. هذا الضغط يولّد إحساسًا بالوخز أو الشدّ.
ثانيًا، تتحرّك الأربطة المستديرة التي تثبّت الرحم في موضعه مع نموّ الجنين. ما يسبّب ألمًا خفيفًا في منتصف البطن.
ثالثًا، يزداد تدفّق الدم في المنطقة البطنية لدعم نموّ الجنين، فينشأ شعور بالنبض أو النغزات الخفيفة.
رابعًا، يتغيّر الجلد ويتمدّد تدريجيًا، فيصبح أكثر حساسية. ومع هذا التمدّد، تشعر الحامل بوخز بسيط خصوصًا عندما ترتدي ملابس ضيّقة أو تلمس السرة بشكل مباشر.
تشير دراسات من مجلّة Obstetrics & Gynecology إلى أنّ أكثر من 70٪ من الحوامل يختبرن إحساسًا مشابهًا، و90٪ منهن لا يعانين أي مضاعفات صحية لاحقة. لذا، لا يُعدّ هذا الإحساس في الغالب علامة خطيرة، بل جزءًا من التغيّرات الجسدية الطبيعية للحمل.
الحالات التي تستدعي مراجعة الطبيب
مع أنّ نغزات في السرة للحامل تكون غالبًا طبيعية، إلا أنّ بعض العلامات تستدعي الانتباه.
من أبرز هذه العلامات:
- استمرار الألم لفترات طويلة دون تحسّن.
- ترافق النغزات مع نزيف أو إفرازات غير طبيعية.
- شعور الحامل بانقباضات شديدة ومنتظمة.
- ملاحظة تغيّر في حركة الجنين أو انخفاض نشاطه داخل الرحم.
تُشير تقارير من American Pregnancy Association إلى أنّ هذه العوارض قد تدلّ على بداية ولادة مبكرة أو على وجود التهاب في جدار البطن أو السرة.
لذلك، يجب على الحامل استشارة الطبيب فورًا عند ظهور أيّ من هذه الإشارات. خصوصًا إذا ترافق الوخز مع حرارة مرتفعة أو ألم في أسفل الظهر.
علاقة النغزات بنموّ الجنين
ترتبط نغزات في السرة للحامل في بعض الأحيان بحركة الجنين داخل الرحم. فعندما يبدأ الجنين بالتحرّك في الأسبوع العشرين تقريبًا، قد يضغط بقدميه أو رأسه على جدار الرحم القريب من السرة.
هذا الضغط يخلق إحساسًا بالوخز أو بالشدّ المفاجئ، وهو دليل على النشاط الطبيعي للجنين وليس على خطر.
من جهة أخرى، تزداد النغزات في الشهر الثامن والتاسع بسبب توسّع الرحم إلى الحدّ الأقصى واقتراب موعد الولادة.
توضح مراجعة علمية من جامعة Cambridge أنّ الأعصاب المحيطة بالسرة تتأثّر بسرعة عند تمدّد الجلد. ما يفسّر الوخز المؤقّت الذي يزول عادة بعد الولادة.
كما تبيّن أنّ هذا الإحساس قد يختلف من حمل إلى آخر تبعًا لحجم الجنين ووضعه داخل الرحم.
طرق التخفيف من نغزات السرة أثناء الحمل
يمكن للحامل أن تتّبع عدّة خطوات بسيطة لتخفيف نغزات في السرة للحامل:
- تعديل وضعية الجلوس بشكل منتظم لتخفيف الضغط على البطن.
- ارتداء ملابس فضفاضة مصنوعة من القطن لتجنّب احتكاك السرة بالأنسجة القاسية.
- ترطيب الجلد باستخدام كريمات خاصّة للحمل تحافظ على مرونة البشرة.
- النوم على الجانب الأيسر لتسهيل الدورة الدموية ومنع شدّ الأعصاب البطنية.
- ممارسة تمارين التنفّس الخفيف التي تساعد في استرخاء العضلات وتخفيف التوتّر.
توصي منظّمة الصحة العالمية (WHO, 2022) النساء الحوامل بممارسة نشاط بدني معتدل بمعدل نصف ساعة يوميًا للحفاظ على توازن الجسم وتجنّب تقلّصات البطن الناتجة عن الخمول.
كذلك، يُنصح بشرب الماء بكثرة، لأنّ الجفاف يزيد من تشنّج العضلات وبالتالي من الإحساس بالنغزات.
العوامل المساعدة في الوقاية من النغزات
للوقاية من نغزات في السرة للحامل، يجب الحفاظ على أسلوب حياة صحي.
أولًا، توازن يؤدّي الغذاء دورًا أساسيًا في راحة الجسم، لذلك يُستحسن تناول وجبات غنيّة بالبروتينات والفيتامينات والمعادن.
ثانيًا، الحركة المنتظمة تمنع تراكم الضغط على عضلات البطن.
ثالثًا، الراحة الكافية تتيح للجسم التكيّف مع التغيّرات الهرمونية والجسدية.
رابعًا، تجنّب حمل الأشياء الثقيلة أو الانحناء المفاجئ لأنّه يزيد الضغط على المنطقة البطنية.
خامسًا، مراقبة الوزن خلال الحمل بشكل منتظم، لأنّ الزيادة المفرطة في الوزن قد تضاعف شدّ الجلد حول السرة.
تشير دراسة نُشرت في Journal of Maternal Health إلى أنّ النساء اللواتي يتّبعن نظامًا غذائيًا متوازنًا ويمارسن نشاطًا خفيفًا يعانين بنسبة أقلّ من الألم في السرة مقارنةً بمن يعتمدن على نمط حياة ساكن.
الخلاصة
في النهاية، تُعدّ نغزات في السرة للحامل في معظم الحالات مجرّد نتيجة طبيعية لتوسّع البطن، ونموّ الجنين، وتغيّر وضعية العضلات والجلد. ومع ذلك، تبقى المراقبة مهمّة، خاصّةً إذا ترافق الألم مع عوارض غير اعتيادية كالنزيف أو الحُمّى.
يجب على الحامل الإصغاء لجسدها ومراجعة الطبيب عند الشكّ، لأنّ الكشف المبكر عن أيّ اضطراب يُجنّب المضاعفات ويؤمّن سلامة الحمل. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن سرّ تأثير اللافندر على غثيان الحمل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ النغزات في السرة ليست أمرًا يدعو إلى الخوف، بل تذكير لطيف من الجسد بأنّ حياة جديدة تنمو داخله. غير أنّ التوازن بين الاطمئنان والحرص ضروري. فحين تعتني الحامل بجسدها، وتراقب إشاراته، وتلتزم بنمط حياة صحي، تستطيع أن تمرّ بتجربة الحمل براحة وثقة وطمأنينة تامّة.
