كم أسبوع في الحمل؟ هو السؤال الأوّل الذي تفكّرين به منذ لحظة تأكيد الحمل. يساعدكِ هذا السؤال البسيط على فهم التغيّرات الدقيقة التي يمرّ بها جسمكِ، وعلى معرفة التطوّر المذهل الذي يحدث داخل رحمكِ أسبوعًا بعد أسبوع. يتيح لكِ فهم الأسابيع متابعة نموّ الجنين في الرحم بدقّة، والتعامل مع التغيّرات الجسدية والنفسيّة بثقة ووعي علميّ.
في هذا الدليل العلميّ الكامل، سنشرح لكِ كيف تُقسَّم فترة الحمل إلى مراحل متتابعة، وسنتناول أبرز التحوّلات التي تطرأ على جسمكِ وعلى الجنين في كلّ فصل من فصول الحمل الثلاثة. كما سنقدّم معلومات طبية موثوقة من مؤسّسات عالميّة لضمان دقّة المحتوى وسهولة فهمه. لنبدَأ الآن هذه الرحلة الممتعة التي تمتدّ إلى تسعة أشهر مليئة بالدهشة والتغيّرات.
المرحلة الأولى من الحمل: التأسيس والنمو الأولي
تبدأ المرحلة الأولى من الأسبوع الأوّل وتمتدّ حتى الأسبوع الثالث عشر. تكتسب هذه المرحلة أهمية كبرى لأنها تضع الأساس لكل ما يليها.

- في البداية، يتهيّأ الرحم لاستقبال البويضة المخصّبة. وتبدأ الخلايا بالانقسام السريع لتكوين الجنين والمشيمة.
- بعد الأسبوع الرابع، يتكوّن الكيس الجنيني ويظهر النبض للمرة الأولى عادةً في الأسبوع السادس تقريبًا، وفق دراسات Mayo Clinic (2023).
- ثم، تبدأ الأعضاء الأساسية كالقلب والدماغ والكبد بالتكوّن خلال الأسابيع الثمانية الأولى. ما يجعل هذه المرحلة حساسة جدًا تجاه أي دواء أو مادة كيميائية.
خلال هذه الفترة، تشعر المرأة عادةً بتعبٍ عام، وغثيانٍ صباحي، وزيادةٍ في عدد مرات التبوّل. ويُفسّر ذلك بارتفاع مستويات هرمونَي البروجستيرون وhCG في الدم. تنصح المؤسسات الطبية بتناول حمض الفوليك يوميًا لتجنّب التشوّهات العصبية لدى الجنين، كما يُستحسن تجنّب الكافيين والتدخين تمامًا.
المرحلة الثانية: النمو المتسارع والراحة النسبية
تبدأ هذه المرحلة من الأسبوع الرابع عشر وتمتد حتى السادس والعشرين. تسمّيها كثير من النساء “الفترة الذهبية” لأنّ الطاقة تعود تدريجيًا، والغثيان يخفّ.
- في هذه الأسابيع، يكتسب الجنين ملامحه المميّزة، ويبدأ بحركة خفيفة تشبه الرفرفة.
- بحلول الأسبوع العشرين، يمكن للأم أن تشعر بحركاته بوضوح، ويبلغ طوله نحو 25 سنتيمترًا.
- كما، يبدأ الدماغ بالنموّ السريع، وتتشكل البصمات الدقيقة للأصابع.
من الناحية الجسدية، يزداد حجم البطن تدريجيًا، ويتّسع الرحم ليملأ أغلب تجويف البطن. قد تشعر الأم بحرقةٍ في المعدة أو بعض الدوخة. لذلك يُنصح بتناول وجبات صغيرة متعدّدة وشرب الماء بانتظام. وتشير أبحاث Cleveland Clinic (2022) إلى أن الحفاظ على النشاط البدني المعتدل كالمشي اليومي يحسّن الدورة الدموية ويقلّل من خطر سكري الحمل.
المرحلة الثالثة: التحضير للولادة والنضوج النهائي
تمتدّ المرحلة الثالثة من الأسبوع السابع والعشرين حتى الأسبوع الأربعين تقريبًا. في هذه الفترة، يدخل الحمل مرحلته الأخيرة حيث يكتمل نموّ الأعضاء وتستعد الأم جسديًا ونفسيًا للولادة.

- في الأسبوع الثامن والعشرين، يبدأ الجنين بفتح عينيه ويكتسب وزنًا سريعًا بفضل تراكم الدهون تحت الجلد.
- بعد الأسبوع الثاني والثلاثين، تنضج الرئتان تدريجيًا لتصبحا قادرتين على التنفس المستقل.
- وفي الأسبوع الخامس والثلاثين، تتغيّر وضعية الجنين استعدادًا للولادة، فيتّجه رأسه نحو الأسفل غالبًا.
خلال هذه الأسابيع، يزيد وزن الأم بمعدل نصف كيلوغرام أسبوعيًا تقريبًا. كما تظهر أوجاع الظهر وتورّم القدمين بسبب ضغط الرحم على الأوعية الدموية. لذلك يُنصح بالنوم على الجهة اليسرى لتحسين تدفّق الدم إلى الجنين. وقد أوصت American Pregnancy Association بالحرص على إجراء الفحوص الشهرية لمراقبة ضغط الدم ونسبة الحديد والسكّر في الدم تفاديًا لأي مضاعفات.
كيف يُحسب عدد الأسابيع بدقة؟
لفهم كم أسبوع في الحمل، لا بدّ من معرفة طريقة الحساب الصحيحة.
- الطريقة الأولى، تعتمد على آخر دورة شهرية، وهي الأكثر شيوعًا لأنّها تعطي تقديرًا دقيقًا نسبيًا.
- الطريقة الثانية، تستند إلى فحص الموجات فوق الصوتية (الإيكوغراف)، الذي يُستخدم لتأكيد عمر الجنين وتحديد موعد الولادة التقريبي.
- كما، يمكن للطبيب الاستعانة بقياس محيط الرحم ومتابعة نموّ الجنين أسبوعيًا لضمان التطوّر الطبيعي.
تُقسّم الأسابيع إلى ثلاثة فصول: الأول حتى الأسبوع الثالث عشر، الثاني حتى السادس والعشرين، والثالث حتى الأربعين. ويُعتبر الحمل مكتملًا عندما يصل إلى الأسبوع السابع والثلاثين على الأقل. تشير تقارير NHS UK (2023) إلى أنّ معظم الولادات تحدث بين الأسبوعين 38 و40. بينما يُعدّ ما قبل الأسبوع 37 ولادة مبكرة تستدعي مراقبة طبية دقيقة.
العوامل التي تؤثّر في طول الحمل وصحته
لا تتساوى كلّ حالات الحمل، فطول الحمل وصحته يتأثران بعوامل عدّة:

- العمر: النساء دون العشرين أو فوق الخامسة والثلاثين أكثر عرضة للولادة المبكرة.
- التغذية: نقص الحديد أو البروتين يؤخّر النموّ الجنيني.
- الضغط النفسي: الإجهاد المزمن يرفع هرمونات التوتّر مثل الكورتيزول، ما قد يؤثّر في المدة الزمنية للحمل.
- العوامل الوراثية: بعض العائلات تميل إلى ولادات مبكرة أو متأخرة.
- نمط الحياة: النشاط البدني المعتدل والنوم الكافي يحافظان على توازن الهرمونات ويقلّلان خطر المضاعفات.
تؤكّد دراسة نُشرت في American Journal of Obstetrics & Gynecology عام 2022 أنّ النساء اللواتي يحافظن على تغذية متوازنة غنية بالأوميغا 3 وحمض الفوليك يتمتّعن بنسبة أعلى من الحمل الكامل دون مضاعفات. لذلك، يُنصح بالمتابعة المنتظمة مع الطبيب وإجراء التحاليل الشهرية، خاصةً بعد الأسبوع الثامن والعشرين.
الخلاصة
في النهاية، يُعدّ فهم كم أسبوع في الحمل أساسًا لكلّ أمّ ترغب في متابعة تطوّر جنينها بطريقة صحيّة ومدروسة. كلّ أسبوع يحمل حدثًا جديدًا، وكلّ مرحلة تفتح بابًا لفهم أعمق لعلاقة الأم بجنينها. إنّ المعرفة الدقيقة بعدد الأسابيع، ومراقبة التغيّرات الجسدية، والالتزام بالإرشادات الطبية تشكّل الركائز الثلاث لحملٍ آمن ومتوازن. ومن الجدير بالذكر أنّ،ا سبق وكشفنا لكِ عن أضرار استخدام علاج نفسي خلال الحمل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ إدراك المرأة لتفاصيل حملها أسبوعًا بأسبوع يمنحها طمأنينة كبيرة ويعزّز وعيها بجسمها. كما أنّ التخطيط المسبق، والاستماع لنصائح الأطباء، والالتزام بنظامٍ غذائيٍّ صحيّ، جميعها عوامل تجعل تجربة الحمل رحلة مليئة بالثقة والفرح بدلًا من القلق والتعب. الحمل ليس مجرّد مرور بالأسابيع، بل هو حكاية نموّ مشترك بين جسدٍ يحتضن وروحٍ تنتظر أن تولد.
 
                 
                          
 
               
               
               
               
               
               
               
               
               
               
              