يُظهر بحث جديد أنّ تناول الطعام بسرعة قد يشكّل خطرًا خفيًّا على القلب لا يقلّ عن التدخين أو قلة الحركة. فبينما يسارع كثيرون إلى إنهاء وجباتهم بسبب ضغوط الحياة أو العجلة اليومية، تتجاهل هذه العادة إشارات الجسد الطبيعية التي تنظّم الشعور بالشبع والهضم السليم. ومع تكرارها يومًا بعد يوم، تبدأ التأثيرات بالتراكم لتنعكس مباشرة على صحة القلب والشرايين.
وفي المقابل، يشير الخبراء إلى أنّ تباطؤ وتيرة الأكل يُعدّ من أكثر العوامل البسيطة التي تحافظ على توازن الجسم. فالعلاقة بين سرعة الأكل واضطراب وظائف القلب لم تعد فرضية. بل أصبحت حقيقة تدعمها الأبحاث الحديثة التي تؤكّد أنّ الإيقاع السريع في تناول الطعام يغيّر طريقة تعامل الجسم مع السكر والدهون.
كيف يضرّ الأكل السريع القلب؟
تُظهر الدراسات أنّ الجسم يحتاج إلى نحو عشرين دقيقة ليُرسل إشارة الشبع إلى الدماغ. وعندما يتناول الإنسان طعامه بسرعة، يبتلع كميات أكبر مما يحتاج. ما يؤدي إلى زيادة الوزن وارتفاع مستوى الدهون الثلاثية في الدم. ومع الوقت، يضعف جدار الشرايين ويزداد خطر الإصابة بارتفاع الضغط وتصلّب الشرايين، وهما من أبرز أسباب أمراض القلب.
كما يؤكّد الأطباء أنّ المضغ السريع يضعف عملية الهضم ويزيد من مستوى الإنسولين في الدم، ما يسبّب اضطرابًا في استقلاب الطاقة. ومع تراكم هذه الاضطرابات، تبدأ عضلة القلب بالعمل تحت ضغط أكبر. خصوصًا عند الأشخاص الذين يعانون السمنة أو السكري.
خطوات بسيطة لتجنّب الخطر
ينصح الأطباء بالبدء في تعديل السلوك الغذائي تدريجيًا. يُفضَّل وضع الملعقة جانبًا بين كل لقمة وأخرى، وشرب الماء خلال الوجبة، وتخصيص وقت كافٍ للأكل بعيدًا عن الشاشات. كما يساعد تناول الطعام بوعي كامل على إدراك الطعم والشعور بالشبع في الوقت المناسب. ومع مرور الأيام، تتحسّن وظائف الجهاز الهضمي، وينخفض الضغط على القلب تدريجيًا.
كذلك، يوصي الخبراء بمضغ الطعام جيدًا ومراقبة حجم الحصص اليومية، لأنّ الأكل ببطء يسمح للجسم باستخدام الطاقة بكفاءة أعلى ويمنع ارتفاع السكر المفاجئ في الدم. هذه العادات البسيطة تضمن قلبًا أكثر صحة وتمنح الشعور بالراحة بعد الوجبة بدلًا من التعب أو الانتفاخ.
يؤكّد البحث الجديد أنّ تناول الطعام بسرعة ليس مجرّد عادة سيئة، بل خطر حقيقي على صحة القلب والجهاز الدوري. ومع أنّ نمط الحياة العصري يشجّع على العجلة، إلّا أنّ التمهّل في الأكل يمنح الجسد توازنًا داخليًا ينعكس على الصحة العامة. فالطعام ليس سباقًا، بل طقسٌ حيويّ يحتاج وعيًا وانسجامًا مع إيقاع الجسد. وباختصار، من يُبطئ الملعقة يُسرّع نبض الحياة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن الأخطاء اليومية التي تدمّر ابتسامتكِ من دون أن تشعري!
