في السنوات الأخيرة، بدأت التقارير الصحية تشير إلى ظاهرة مقلقة في العالم العربي: ارتفاع واضح في معدلات القلق والتوتّر النفسي عند الأطفال دون سن العاشرة. لم يعد القلق يقتصر على المراهقين أو الكبار، بل أصبح يزحف بصمت إلى عالم الطفولة. ليترك بصماته على السلوك والنوم والتركيز وحتى التحصيل الدراسي.
ولأن هذه الظاهرة باتت تؤثر بشكل مباشر على مستقبل الأطفال وصحتهم النفسية، أصبح من الضروري التوقف عند أسبابها، مظاهرها، وكيفية التدخل المبكر لحمايتهم من آثارها الطويلة.
الأسباب النفسية والاجتماعية خلف ارتفاع القلق
بدأت الأبحاث تركز على عوامل جديدة تُسهم في زيادة القلق لدى الأطفال في منطقتنا. أوّلها الضغوط العائلية، سواء نتيجة الخلافات الزوجية أو القلق المادي داخل البيت. ثانيًا، ساهم الانتقال المفاجئ إلى التعليم الإلكتروني خلال فترات الوباء في عزل الأطفال، ما أفقدهم فرص التواصل الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، تؤدّي مشاهد العنف في الأخبار أو حتى عبر الإنترنت دورًا كبيرًا في ترسيخ مشاعر الخوف. ومع غياب التربية العاطفية في المدارس، يجد الطفل نفسه غير قادر على التعبير عن مشاعره أو التعامل معها.
أبرز مظاهر القلق لدى الأطفال
عندما يعاني الطفل من القلق، لا يعبّر عنه بالكلمات بل يظهر في سلوكياته. يلاحظ الأهل تغيّرًا في النوم، مثل الأرق أو الكوابيس المتكررة. كما يرفض بعض الأطفال الذهاب إلى المدرسة أو يشعرون بآلام في البطن من دون سبب عضوي واضح.
كذلك، يعاني بعضهم من نوبات بكاء مفاجئة، أو يصبحون أكثر انعزالًا وهدوءًا من المعتاد. من المهم أن يلاحظ الأهل هذه الإشارات باكرًا، لأن تجاهلها قد يؤدي إلى تطور القلق إلى اضطرابات نفسية أكثر تعقيدًا لاحقًا.
كيف يمكن للأهل التدخل لحماية الطفل؟
من الضروري أن يبدأ الأهل ببناء علاقة قائمة على الثقة والحوار. عندما يشعر الطفل بالأمان للتعبير عن مخاوفه، يخفّ توتره تدريجيًا. كما ينبغي تقليل تعرّض الطفل للأخبار السلبية أو المحتوى العنيف.
في الوقت نفسه، تساعد ممارسة الرياضة أو الأنشطة الفنية على تفريغ الطاقة السلبية. وإذا لاحظ الأهل أن القلق بدأ يؤثر على النوم أو الدراسة، فمن الأفضل استشارة مختصّ نفسي للأطفال قبل تفاقم الوضع.
تُعد زيادة القلق عند الأطفال تحت سن العاشرة في الشرق الأوسط مؤشّرًا خطيرًا يجب عدم تجاهله. فالطفل الذي ينشأ في بيئة داعمة عاطفيًا ونفسيًا، يملك فرصًا أكبر للنمو السليم والتوازن النفسي. لذلك، يبدأ الحل من البيت، ويكتمل بالتعاون مع المدرسة والمجتمع. لنحفظ طفولتهم ونحمي مستقبلهم. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ ما يفعله الهاتف بدماغ طفلك!