هل زواجك متأثر بما تقوله والدته؟ سؤال بسيط، لكنه يحمل معانٍ عميقة قد تُفسّر الكثير من التوتّر بينكما. أحيانًا لا تكون الخلافات بين الزوجين سببهما وحدهما، بل يكون هناك طرف ثالث يُحرّك الأحداث من بعيد. كثير من النساء يشتكين من تغيّر تصرفات أزواجهن بعد حديث قصير مع أمهاتهم. هذا التغير لا يأتي دائمًا من فراغ، بل من تأثير نفسي وعاطفي خفي.
في هذا المقال، نكشف لكِ علامات غير مباشرة تؤكد هذا التأثير. سنعتمد على أبحاث نفسية موثوقة وتجارب حقيقية لنشرح لكِ كيف تميّزين بين الرأي المستقل لزوجك وبين ما يُمليه عليه صوت والدته. نعرض لكِ 3 إشارات خفية تؤكد أن زواجكِ ليس بمعزل عن كلمات والدته.
1- يتبدّل قراره فجأة بعد التواصل مع والدته
كثيرًا ما تبدئين باتفاق واضح مع زوجك، ثم تتفاجئين بتغير رأيه فجأة.

عندما يُوافق زوجك على أمر، ثم يعود ليغيّره بعد مكالمة بسيطة مع والدته، فهذه إشارة خفية. ربما لا يصرّح بتأثيرها، لكنه يُظهر ذلك من خلال التردد، أو تبريرات غير منطقية، أو حتى انسحاب من القرار. هذا التغيّر المفاجئ يعكس اعتمادًا مفرطًا على رأي والدته.
أكّدت دراسة نُشرت في Journal of Marriage and Family عام 2020 أن الرجال الذين يعتمدون عاطفيًا على والداتهم يواجهون مشاكل في بناء قرارات مستقلة داخل العلاقة الزوجية. الاعتماد الزائد يخلق خللًا في التوازن العاطفي ويُشعر الزوجة بالإقصاء.
راقبي هذه التغيّرات، وناقشيها بلغة هادئة. لا تتهمي مباشرة. بل اطلبي تفسيرًا واضحًا لكل تبديل في القرار.
2- يكرر كلماتها من دون وعي
حين تسمعين نقدًا يشبه كلام والدته، توقفي عنده.
عندما يبدأ زوجك باستخدام جمل معيّنة تتطابق مع أسلوب والدته، فهذا دليل غير مباشر على أن رأيها يمرّ من خلاله. مثلاً: “أمي تقول إن البيت غير منظم” أو “أمي ترى أنكِ لا تهتمين بأكلكِ”. هذه الجمل لا تعبّر عن رأيه، بل تنقل ما سمعه منها.
تُظهر الأبحاث في Psychology Today أن هذا النوع من الإسقاط اللفظي يعود إلى غياب الحدود النفسية بين الأم والابن. الرجل الذي لم ينفصل عاطفيًا عن والدته، يخلط بين أفكاره وأفكارها. هذا الدمج يضع الزوجة في موقع دفاع دائم، ويُفقد العلاقة توازنها الطبيعي.
لا تهاجمي هذه الجمل. اسأليه: هل هذا رأيك أنت؟ أم أنه رأي آخر؟ اجعليه يفكّر، لا يرد فقط. فالنجاح في العلاقة ليس اتفاق دائم.. بل تفاهم دائم.
3- يمتنع عن الدفاع عنكِ أمامها
أسوأ ما قد يحدث أن يقف زوجك متفرجًا حين تُهاجمك والدته.

عندما تسيء إليكِ والدته بالكلام أو السلوك، ويصمت زوجك أو يبرّر تصرفها، فهذه علامة قوية على تأثره الكامل بها. الزوج المحايد لا يُظهر تعاطفًا، ولا يحميكِ في لحظة تستحقين فيها الدعم. هذا التجاهل يُضعف ثقتكِ به، ويُشعركِ بأنكِ وحدك في العلاقة.
وُجِد في دراسة نُشرت في The Family Journal، أن الأزواج الذين لا يضعون حدودًا واضحة مع أمهاتهم يتسببون بتراجع رضا الشريكة عن العلاقة. الزوجة تحتاج إلى شريك يُنصفها، لا مجرد وسيط ينقل المواقف من طرف إلى طرف.
اطلبي دعمًا واضحًا، لا مجاملة. قولي له إن الحياد في المواقف الجارحة ليس احترامًا، بل تخلّي. فالمبادرة لا تضعفك.. بل تقوّي أساس علاقتكما.
متى يصبح تأثير والدته خطرًا على زواجك؟
ليس كل تدخل سلبيًا، لكن بعض التدخلات تؤذي العلاقة.
قد تُظهر والدته حبًا واضحًا، لكنها في الوقت نفسه تتدخّل في تفاصيل حياتكما. من الطبيعي أن يحب الرجل والدته، لكن من غير الطبيعي أن يضع كلامها فوق مشاعر شريكته. الخطر يبدأ عندما يتصرّف الزوج وكأن كلام والدته قاعدة لا تُناقش.
تقول الدكتورة سارة ماثيوز، المختصّة في علم النفس الأسري، إن تأثير الأم يُصبح خطرًا عندما يُفقد الزوجين حق اتخاذ القرار، وتُصبح العلاقة ثلاثية بدلًا من ثنائية. هنا، تتدهور الثقة، ويبدأ كل طرف بالانسحاب العاطفي.
عندما تشعرين أنكِ خارج المعادلة، توقفي. استرجعي دورك، وواجهي الأمر بهدوء ووعي.
كيف تضعين حدودًا وتحفظين زواجك؟
ابدئي بالحوار. افتحي قلبكِ لزوجك، وأخبريه بما يزعجكِ دون لوم أو توبيخ. استخدمي لغة واضحة: “أشعر أن رأيي لا يُحتَرم” أو “ألاحظ أن كلام والدتك يؤثر على قراراتنا”. هذه الطريقة لا تثير دفاعه، بل تجعله يستمع بتركيز.

ثانيًا، حاولي بناء علاقة متزنة مع والدته. لا تفتعلي صراعًا، ولا تحاولي استبعادها. بل أظهري الاحترام، ولكن مع الحفاظ على حدودكِ. العلاقات تحتاج إلى ذكاء، لا إلى مواجهة مفتوحة.
ثالثًا، دعّمي نفسكِ نفسيًا. مارسي هواياتك، واهتمي بحياتك، وابني مساحتك الخاصة داخل العلاقة. الزوجة القوية نفسيًا تُخيف التداخلات، لأنها لا تنتظر اعترافًا من أحد، بل تبنيه من الداخل.
الخلاصة
هل زواجك متأثر بما تقوله والدته؟ إذا رأيتِ نفسكِ في هذه الإشارات، فاعلمي أن الوقت مناسب لإعادة ضبط العلاقة. تأثير والدته لا يعني أن الزواج محكوم عليه بالفشل، لكنه يتطلب وعيًا، ومواجهة ناعمة، ونقاشًا صادقًا.
لا تطلبي من زوجك أن يبتعد عن والدته، بل علّميه كيف يوازن بين الاحترام والخصوصية. العلاقة الناجحة لا تقصي أحدًا، لكنها لا تسمح لأحد بأن يحتلّ مكانًا لا يخصّه. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدّمنا لكِ نصائح حول كيفيّة التعامل مع اهل الزوج المزعجين.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن المرأة الذكية لا تسعى للسيطرة على زوجها، بل تسعى لحماية العلاقة من التلاعب الخفي. تضع حدودًا بهدوء، وتحفظ كرامتها بثقة. لا تنتظر تغييرًا خارجيًا، بل تبدأ التغيير من موقفها. وعندما تُدرك أن زواجها يتأثر بكلام والدته، تتصرف بحكمة لا باندفاع. وهنا، تكمن قوتها.