يظن كثيرون أن تحديد جنس المولود يخضع للحظ وحده. تنتظر العائلات خبر جنس الطفل بفارغ الصبر، من دون التفكير بما إذا كان هناك عوامل محددة تتحكم بهذه النتيجة. ويُربط الأمر غالبًا بالمصادفة أو الإرادة الإلهية بدون تحليل علمي معمّق.
لكن في السنوات الأخيرة، بدأت الدراسات تكشف معلومات جديدة ومثيرة. تشير الأبحاث الحديثة إلى أنّ جنس الجنين قد لا يكون عشوائيًا كما نعتقد. بل تتدخل عوامل بيولوجية وبيئية تؤثر في ترجيح كفة الذكر أو الأنثى منذ لحظة التلقيح.
تحليل جديد يعيد النظر في المفهوم التقليدي
توصّلت دراسة علمية حديثة نشرتها جامعة نيوكاسل إلى أن جسم المرأة قد “يميل” إلى استقبال نوع معين من الحيوانات المنوية وفق ظروف محددة. يعتمد هذا الميل على عوامل عدة، مثل تركيبة جهازها التناسلي، والتوازن الهرموني، وحتى توقيت ممارسة العلاقة الجنسية.

توصل الباحثون إلى أن بطانة الرحم تتفاعل بشكل مختلف مع الحيوانات المنوية الذكرية مقارنةً بتلك الأنثوية. وقد تخلق هذه التفاعلات بيئة أفضل لبقاء نوع معين منها على قيد الحياة.
التغذية والنمط الحياتي يؤثران أيضًا
تشير أبحاث أخرى إلى أن النظام الغذائي قبل الحمل يمكن أن يؤثر في جنس الجنين. تبيّن أن النساء اللواتي يتّبعن نظامًا غذائيًا غنيًا بالصوديوم والبوتاسيوم ترتفع لديهن فرص إنجاب الذكور. أما اللواتي يتناولن كميات أكبر من الكالسيوم والمغنيسيوم فتميل فرصتهن نحو إنجاب الإناث.
كما تؤدّي كتلة الجسم ونسبة الدهون ودرجة التوتر دورًا في تحديد الظروف البيئية داخل الرحم. فهذه العوامل مجتمعة قد تسهّل أو تعيق وصول نوع محدد من الحيوانات المنوية إلى البويضة.
توقيت التبويض يساهم في ترجيح الكفة
أكّد باحثون أن توقيت الجماع بالنسبة إلى وقت التبويض قد يؤثر في نوع الجنين. تميل الحيوانات المنوية الذكرية إلى أن تكون أسرع ولكن أقل مقاومة، بينما تعيش الحيوانات المنوية الأنثوية مدة أطول ولكن ببطء. لذلك، إذا حدث الجماع قبل التبويض بيومين مثلًا، ترتفع فرص إنجاب أنثى. أما إذا تمّ في يوم التبويض نفسه، فيُرجّح حدوث حمل بذكر.
تُثبت هذه الدراسات أن جنس المولود ليس عشوائيًا كما نعتقد، بل يخضع لتداخل معقّد بين العوامل البيولوجية والبيئية وحتى الحياتية. لا يعني ذلك أنّ الإنسان يستطيع التحكّم الكامل بالنتيجة، لكن المعرفة العلمية تمكّنه من فهم أعمق لآليات تحديد الجنس. يبقى تحقيق التوازن والوعي بأهمية العوامل الصحية قبل الحمل من أبرز الخطوات التي يمكن أن تؤثر في هذه المسألة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ ماذا يفعل طعام زوجكِ بجينات طفلكِ المستقبلي؟